إذا سألك أحدهم ما هو حيوانك البحري المفضل؟ ستكون الإجابة الأكثر شيوعًا هي الدولفين، فهذه الكائنات ذكية للغاية والأكثر شعبية بين أقرانها البحرية لدي البشر.ولكن تلك الكائنات المسالمة اللطيفة تتعرض لمرض جلدي مميت، والذي أصاب الكثير منها بالقرب من سواحل نيو أورليانز بعد إعصار كاترينا المدمر في عام ٢٠٠٥. فما علاقة التغير المناخي وظهور أمراض تؤدي إلى موت الدلافين ؟
محتويات المقال :
مرض المياه العذبة الجلدي
مرض المياه العذبة الجلدي «Freshwater skin disease» كما عرفه باحثون علم الأمراض في دراسة جديدة، هو مرض أصاب الدلافين في مناطق ساحلية عديدة حول العالم مما تسبب في تقرحات وإصابات شديدة غطت جسم الدلافين بأكملها. في البداية كان سبب تفشي هذا المرض غامضًا ولكن الآن وبفضل بحث جديد لدينا تفسير، والذي يبدو قاتمًا بعض الشيء. فالسبب وراء تفشي هذا المرض بين الدلافين هو التغير المناخي في الموائل البحرية للدلافين. يقول أخصائي علم الأمراض (بادريغ دوينان- Pádraig Duignan) من مركز الثدييات البحرية في سوساليتو كاليفورنيا: “هذا المرض الجلدي المدمر يقتل الدلافين منذ إعصار كاترينا ويسعدنا أن نحدد المشكلة أخيرًا”. (1)
حالات موت الدلافين حول العالم
ومع قدوم موسم الأعاصير في خليج المكسيك هذا العام وانتشار العواصف الأكثر كثافة في جميع أنحاء العالم بسبب تغير المناخ الدائم، فيمكننا أن نتوقع رؤية المزيد من هذه الحالات عند الدلافين. ظن العلماء في أول الأمر أن هذا المرض الجلدي منتشر في منطقة واحدة وهي الولايات المتحدة ولكن ظهور نفس الحالات على الجانب الأخر من العالم، جعل العلماء يعيدون النظر في الأمر ودفعهم ليُكملوا تَحقيقاتهم في هذا الشأن.
أسفرت حالتان لوفيات الدلافين في استراليا عن أدلة لانتشار نفس المرض هناك، واحدة كانت بين دلافين (بورونان- Burrunan) في(بحيرات جيبسلاند- Gippsland Lakes) في فيكتوريا في ٢٠٠٧ والآخر في عام ٢٠٠٩ بين دلافين المحيطين الهندي والهادي في Swan) Canning) في أنهار غرب استراليا. (2) رغم أن هذه الأحداث أليمة إلا أنها مكنت العلماء من إجراء عمليات تشريح على جثث الدلافين النافقة وذلك لتحديد أسبابها وفاتها ولدراسة الأفات المسببة لهذا المرض. ومع انتشار هذه الحالات في أماكن متفرقة حول العالم وِوفقًا لتحليل نتائج التحقيقات، فهناك بالفعل ارتباط عالمي بين كل تلك الحالات! (2)
أسباب هذا المرض الجلدي وعلاقته بالتغير المناخي؟
وكما أسلفنا من قبل فهذا المرض الجلدي المميت على علاقة وثيقة بالتغير المناخي، فيبدو أن تفشي الأمراض الجلدية في المياه العذبة يكون في أعقاب العواصف والأعاصير الشديدة، فبعد تلك الأعاصير والعواصف تتساقط كميات كبيرة من المياه العذبة على الأرض والتي تشق طريقها نحو الأنهار والمياه الساحلية.
ويكمن الخطر في أن تلك الكميات الكبيرة من المياه تقلل بصورة مفاجئة الملوحة في المياه المالحة، حيث تعيش الدلافين الساحلية، ينتج عن ذلك ظروف منخفضة الملوحة يمكن أن تستمر لأسابيع أو شهور كما أظهر تحليل البيانات البيئة. (1)
أمكن للدلافين أن تتحمل ظروف نقص الملوحة لفترة قصيرة فقط، ولكن مع التعرض الطويل لتلك الظروف من المياه العذبة يؤدي ذلك إلى مجموعة من التغيرات في جلد تلك الكائنات البحرية وتغير في التركيب الكيميائى لدمائها. مما يؤدي إلى تغيرات فسيولوجية والتهابات في الجلد مصحوب بانتشار فطريات وبكتيريا وطحالب عليها. كما أن وجود تلك الشقوق في الجلد تجعلها تفقد الكثير من الأيونات والبروتينات حيوية من أجسامها. بعد خروج كل تلك المعادن والعناصر الهامة، يندفع الماء العذب مُسببًا تورم وتقرحات، يقدر العلماء أن تلك التقرحات تعادل حروق الدرجة الثالثة عند البشر، وهي إصابة مروعة يمكنها أن تؤدي إلى الموت بسرعة. (1)
هل هناك حل قريب؟
مع تواتر الأحداث الجوية القاسية وتفاقم مشكلة التغير المناخي، فيبدو أن تلك الأحداث المؤسفة التي تتعرض لها الدلافين ستستمر لفترة لا يعلمها إلا الله. يتخوف العلماء من أن تؤدي كل تلك الأحداث القاسية إلى موتها كلها! لكن التغير المناخي ليس الخطر الوحيد الذي يهدد حياة الدلافين، فهناك الكثير من الأخطار ومن ضمنهم الصيد الجائر لها، والذي يقلل من أعدادها كل عام وذلك بغرض الاستفادة من لحومها ودهونِها.
في النهاية فإن مشاكل التغير المناخي تتفاقم كل مدة، بداية من ذوبان الجليد في القطبين وصولًا للتغيرات في موائل الكائنات البحرية ومرورًا بنا. فمع موت كل كائن على سطح الأرض يتأثر كوكبنا ونتأثر نحن وإن كان بشكل غير مباشر ولكننا في النهاية جزء من هذا الكوكب. فمن وجهة نظرك متى يعير البشر انتباههم للمشاكل البيئة؟
المصادر
إقرأ أيضًا: حتى أعلى قمم الجبال لم تسلم من النفايات البلاستيكية
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :