Ad

مرة بعد أخرى يعيد العلم للمرأة بعضًا من حقوقها المهدورة. فمن الشائع جدًا بين المؤرخين وعلماء الآثار أن الرجال قد حكموا معظم المجتمعات خلال العصر البرونزي في أوروبا. كان ذلك قبل أن تظهر أدلة جديدة يمكن أن تعيد كتابة التاريخ، لكن بطريقة منصفة. فهل سينصف التاريخ المرأة هذه المرة؟

ظهرت وعلى رأسها تاج 

تهيمن على موقع 《 La Almolya 》في اسبانيا أطلال هيكل شبيه بالقصر كان مبنيا في ما مضى على قمة تل صخرية تطل على السهول المحيطة. كان الباحثون الإسبان يحفرون في الموقع سنة 2014 عندما عثروا على قبر تحت أرضية غرفة كبيرة تفتقر إلى معظم أدوات المعيشة. لم يكن فيها أي عناصر احتفالية تشير لوظيفة دينية بل مجرد مقاعد حجرية متشققة ومتوزعة على طول الجدران. مما يشير إلى أن هذا المكان كان مركزًا للحكم.

في القبر وجد الباحثون جرة فخارية احتوت على عظام المرأة وإلى جانبها هيكل عظمي لرجل. كان الرجل يرتدي سوارًا نحاسيًا وسدادات أذن ذهبية. أما المرأة فكانت ترتدي العديد من الأساور والخواتم الفضية، وقلادة من الخرز، وإكليل فضي مذهل يزين جمجمتها. هذه القطعة الشبيهة بالتاج مطابقة تقريبًا لأربعة قطع أخرى وجدت على نساء مدفونات في منطقة أخرى في 《الأرغار- El Argar.》

الجرة المدفنية التي وجد فيها عظام المرأة وزوجها.

اما الأرغار فهو مجتمع سيطر على مناطق الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة الأيبيريةمن حوالي عام 2200 إلى 1550 قبل الميلاد. كان هذا المجتمع منتجًا رئيسيًا للمنسوجات وربما مركزًا إقليميًا ثريًا، كما يقول عالم الآثار والمؤلف المشارك في الدراسة روبرتو ريش من جامعة برشلونة المستقلة.

اقرأ أيضًا: العصر البرونزي الحديث .. كيف تصبح العولمة سببًا لانهيار الحضارات ؟

نخبة مجتمع الأرغار

حسب التأريخ بالكربون المشع للرفات فقد مات الرجل والمرأة عام ١٦٥٠ قبل الميلاد، وقد ماتوا في نفس الوقت أو تقريبًا. كان الرجل يبلغ من العمر حوالي 35 إلى 40 عامًا عندما توفي، أما المرأة فقد ماتت بين 25 و30 عامًا. لا يمكن للباحثين التأكد من سبب موتهم، فلم تظهر الهياكل العظمية إصابات مميتة بشكل واضح. يكشف التحليل الجيني أن الاثنين لم يكونا مرتبطين (ليسوا من عائلة واحدة)، لكن لديهما ابنة ماتت في سن الطفولة ودُفنت في مكان قريب.

ويشير الباحثون في  الدراسة  التي نشرت حديثًا في مجلة Antiquity إلى أن القبر القيّم للزوجين يدل على أنهما كانا من بين نخبة La Almoloya. وتشير الزخارف النسائية إلى أن سلطة المرأة كانت أقوى من الرجل في ذلك الوقت وربما كانت حاكمة إقليمية في مجتمع الأرغار.

تم العثور على زخارف أنثوية غنية في مواقع أخرى من العصر البرونزي في جميع أنحاء أوروبا. في الماضي، كان العديد من علماء الآثار يعيدون ذلك الطقس إلى أنهن زوجات لمحاربين أقوياء. لكن بالنظر إلى أهمية وبروز المرأة في موقع La Almoloya، لماذا لا نقول بساطة أن المرأة كانت الحاكمة في هذا المجتمع؟

الحكم للمرأة

لا يمكن ان نعلم الأن مدى اتساع سلطة هذه الحاكمة لكن الباحثين تمنوا أن يدفع هذا الاكتتشاف الأخرين إلى إعادة النظر في افتراضاتهم حول وضع  المرأة طوال عصور ما قبل التاريخ.

تقول عالمة الآثار 《سامانثا سكوت رايتر-Samantha Scott Reiter 》التي لم تشارك في الدراسة: “فكرة أن نساء العصر البرونزي ربما احتللن مكانة وسلطة في حد ذاته كانت موجودة منذ بعض الوقت”. “في الآونة الأخيرة فقط – بمقالات مثل هذه – يبدو أن النظام يعطي قوة الإناث اعتبارات أكاديمية أكثر جدية الأن.”

يقول《 مارك هوجتون-Mark Haughton》 عالم الآثار بجامعة كامبريدج، إنه من المستحيل معرفة كيف ينظر مجتمع الأرغار إلى الأفراد المدفونين. لكنه سعيد لرؤية أن الباحثين لم يحسموا فرضيتهم بأن مجوهرات المرأة المدفونة معها هي رمز لقوة زوجها. يقول: “إذا قبلنا أن الأغراض الجنائزية هي ممتلكات المتوفى، فإننا بحاجة إلى القبول بامتلاك النساء لهذه الأغراض في رواياتنا عن القوة في عصر البرونز”.

تقول عالمة الآثار جوانا بروك: “إذا قبلنا أن النظام الأبوي ليس أمرًا حتميًا، فربما يمكننا تخيل مستقبل أفضل لأنفسنا.”

المصادر

الدراسة المنشورة في مجلة Antiquity

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


آثار تاريخ

User Avatar

Yanal Mokdad

أحب القراءة والتعلم المستمر، أكتب عن العلوم وأحاول تبسيطها للقراء، لدي إهتمام خاص بأشكال الحياة على الأرض وكيف نشأت وتطورت، أجيد التصميم الغرافيكي وأتعلم البرمجة ذاتيًا.


عدد مقالات الكاتب : 21
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق