يعدّ فن الفسيفساء أو الموزاييك أحد أقدم وأشهر الفنون والحرف التي استخدمت عبر التاريخ لتزيين المباني المختلفة في العالم القديم. فمن مصر القديمة إلى بلاد فارس وإلى الإمبراطورية البيزنطية، لا تزال الكثير من المباني تحمل آثار استخدام هذا الفنّ. ونتيجةً للتأثير المتبادل بين الحضارات وانعكاس ذلك على العمارة والفنون انتقل هذا الفن إلى البلدان الإسلامية المجاورة وتطوّر في العالم الإسلامي لتزيين المباني المختلفة حسب وظائفها.
محتويات المقال :
أصل استخدام الفسيفساء في العالم الإسلامي
استُمِدّ فنّ الفسيفساء أو الموزاييك في الإسلام بشكل مباشر من العمارة البيزنطية والرومانية. حيث استُخدمت بشكل أساسي في تزيين الكنائس والمباني العامّة. [1] فاستخدام الفسيفساء والرخام معًا في تزيين المباني يعدّ من صفات العديد من المباني الدينية البيزنطية التي تعود للقرن السادس الميلادي كآيا صوفيا في إسطنبول-تركيا وسان فيتال في رافينا-إيطاليا. [2]
ويعرف أن العديد من لوحات الفسيفساء في الفترة الإسلامية المبكرة قد تمّ تنفيذها من قبل فنانين وحرفيين بيزنطيين. [1]
نوعان مختلفان
يمكن تمييز نوعين رئيسيين؛ النوع الأول يستخدم لتزيين الجدران، والذي كان يتكون من قطع مصنوعة بشكل خاص من الزجاج يتم تركيبها وتنسيقها كمناظر ولوحات فنية.
والنوع الثاني يستخدم لتزيين الأرضيات، والذي كان يتألف من قطع ملونة من الحجارة أو الرّخام يتم ترتيبها غالباً بشكل أنماط تزيينية متكررة. [1]
أرضيات مغطاة بالفسيفساء
تم العثور على أمثلة على استخدام الفسيفساء في تزيين الأرضيات في العديد من المباني التي تعود للفترة الإسلامية المبكرة في سوريا وفلسطين، والتي كان العديد منها مبانٍ بيزنطية سابقة تم تحويلها إلى مبانٍ إسلامية. ولا تحتوي لوحات الفسيفساء التي تغطي الأرضيات عادةً على أي تصوير لبشر أو حيوانات. لكنّ بعض القصور الأموية الخاصة كقصري الحير الغربي والشرقي في البادية السوريّة وخربة المفجر في فلسطين قد احتوت على تصوير لحيوانات على الأرضيّات. [1]
كما تمّ العثور على فسيفساء بزخارف هندسية في الحمّام الخاص بقصر الخليفة في مدينة عنجر الأمويّة في لبنان. [3]
زينة للجدران
هناك العديد من الأمثلة على استخدام الفسيفساء لتزيين الجدران في الفترة المبكرة للعمارة الإسلامية، لكن سنكتفي بذكر أبرز مثالين:
قبة الصخرة في القدس
أقدم الأمثلة هي جدران قبة الصخرة في القدس. وتضمّ الزخارف التي تزيّن جدرانها زخارف ذات أصل ساساني (تيجان مجنّحة) وبيزنطي (مزهريات مرصعة بالجواهر)، وتربط بين الزخارف المختلفة زخارف نباتية. [1]
الجامع الأموي في دمشق
ثاني أشهر الأمثلة هو الجامع الأموي، والذي تظهر في الفسيفساء الخاصة به بيوت وقصور وحدائق بالقرب من نهر بدون تصوير لأي بشر أو أية حيوانات. [1]
ويقال إن الخليفة قد استقدم مئتي حرفي من الإمبراطورية البيزنطية لتزيين الجامع. [3]
إن أكبر قسم لا يزال محافظًا على شكله الأصلي يوجد في الرواق الغربي لصحن الجامع ويدعى بـ “لوح بردى”. ويعتقد أنّ الجامع قد احتوى على أكبر لوح فسيفساء ذهبي في العالم. لكن بسبب الحرائق العديدة التي تعرّض لها، والتي كان آخرها عام 1893م، فقد تضرر الجامع بشدة وضاعت الكثير من لوحات الفسيفساء، إلا أن بعضاً منها قد تمّ ترميمه واستعادته منذ ذلك الحين. [3]
وقد ألهمت فسيفساء الجامع الأموي أعمالًا أخرى لاحقة في دمشق، أبرزها قبة الخزنة التي تقع في صحن الجامع الأموي والتي تعود فسيفساؤها إلى أعمال ترميم تعود للقرن الـ13 أو الـ14م. [3]
قلّت أهمية الفسيفساء في العالم الإسلامي بعد القرن العاشر الميلادي. [1] وقد تمّ الحصول على تأثيرات مشابهة باستخدام البلاطات الملوّنة، والتي قد تكون صغيرة بزخارف هندسيّة (الزلّيج في شمال إفريقيا)، أو بلاطات أكبر حجمًا ملوّنة لتكوّن أجزاءً من رسوم أو زخارف كبيرة الحجم (القاشاني شرقًا في بلاد فارس وتركيا). [3]
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :