في البداية عندما نذكر مصطلح إشعاع الجسم الأسود قد يخطر على بالك كرة سوداء مشعة بطاقة عظيمة. حسناً ليس هذا بالضبط ما يشير إليه هذا المصطلح، حيث أن الجسم الأسود هو جسم وهمي مثالي يعمل على امتصاص الإشعاع الكهرومغناطيسي الساقط عليه. ويطلق هذه الطاقة على شكل إشعاع حراري يشمل كل الأطوال الموجية وذلك الإشعاع يتناسب مع حرارته.
ولفهم نظرية إشعاع الجسم يجب علينا توضيح بعض النقاط أولاً، مثل الطيف الكهرومغناطيسي، ونوع الأجسام من حيث الطاقة الصادرة عنها، وغيرها من الموضوعات المهمة التي سنذكرها في هذا المقال.
محتويات المقال :
الطيف الكهرومغناطيسي
يتكون الطيف الكهرومغناطيسي من إشعاعات كهرومغناطيسية تحمل ترددات وأطوال موجية مختلفة، وتشترك فقط بالسرعة (٣٠٠,٠٠٠ كم/ث). ولكن مهلاً.. ما هو الإشعاع الكهرومغناطيسي؟ حسناً، الإشعاع الكهرومغناطيسي هو نوع من أنواع الطاقة التي توجد حولنا بصورة كبيرة. ولها عدة أشكال، مثل: أشعة المايكروويف، والأشعة السينية، وأشعة جاما، حتى أن أشعة الشمس نوع من أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي. ويشكل الضوء المرئي جزء صغير جداً من الطيف الكهرومغناطيسي. تتكون هذه الإشعاعات نتيجة تعامد المجالين الكهربي والمغناطيسي. ويملك الشعاع الناتج خواص تكسبه طبيعته وهي الطول الموجي والتردد. ويوجد العديد من أنواع الإشعاعات الكهرومغناطيسية والتي تشكل مجتمعة الطيف الكهرومغناطيسي. [4]
الأجسام في الطبيعة
تنقسم الأجسام في الطبيعة من حيث الإشعاعات الصادرة عنها إلى قسمين. أجسام متوهجة، وأجسام غير متوهجة. الأجسام المتوهجة هي تلك الأجسام التي تفقد الطاقة على شكل ضوء مرئي وحرارة، مثل النجوم على سبيل المثال أو حتى ورقة مشتعلة. أما الأجسام غير المتوهجة فهي تلك الأجسام التي تفقد طاقتها على شكل صورة أخرى من صور الإشعاع الكهرومغناطيسي ( إشعاع حراري ) ويمكن رؤية ورصد هذه الإشعاعات الصادرة عن الأجسام غير المتوهجة باستخدام معدات خاصة مثل النظارات الحرارية. كما يمكن الكشف عنها أيضاً باستخدام الأشعة تحت الحمراء.
والآن وبعد أن فهمنا سريعًا الطيف الكهرومغناطيسي والجسم الأسود وأنواع المواد في الطبيعة، يمكننا فهم معضلة الجسم الأسود.
معضلة إشعاع الجسم الأسود في الفيزياء الكلاسيكية
في الواقع وضعت الفيزياء الكلاسيكية تفسيراً مرفوضاً لظاهرة إشعاع الجسم الأسود. وذلك لأن هذا التفسير تعارض مع قانون حفظ الطاقة الذي ينص على أن الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من عدم. إذ قام مجموعة من العلماء بوضع معادلة تناسب الأطوال الموجية الكبيرة، ولكن عندما يتم تطبيقها على الأطوال الموجية القصيرة فإنها تعطي نتيجة منافية للواقع. حيث تقول بأن الأجسام تشع بشكل لا نهائي ولتتمكن من ذلك فإنها تحتاج إلى طاقة لا نهائية وهذا ما يخالف قانون حفظ الطاقة. [2] [3] والآن يمكننا البدء في نظرية إشعاع الجسم الأسود.
نظرية إشعاع الجسم الأسود
لاحظ العلماء أن الأجسام الساخنة تطلق إشعاعات بمختلف الأطوال، وذلك باختلاف درجة حرارتها. فنحن نعتبر أن تلك الأجسام الساخنة والتي تشع بإشعاعات كهرومغناطيسية بعدة أطوال موجية وترددات مختلفة، هي أجساماً سوداء ( تطلق طاقة على شكل إشعاعات كهرومغناطيسية باختلاف درجة حرارتها ).
بدأ الأمر في بداية القرن العشرين، حيث كانت مسألة إشعاع الأجسام الساخنة تشغل الفيزيائيين وقتها. وكان من المعروف بأن الحرارة تسبب اهتزاز جزيئات وذرات المادة الصلبة. وقد قال ماكسويل بأن هذه الأجسام تطلق موجات كهرومغناطيسية بسرعة الضوء. أي أنه عند تسخين جسم غير متوهج، فإن الطاقة الناتجة عن اهتزاز جزيئات الجسيم تنطلق على شكل أمواج كهرومغناطيسية بأطوال موجية مختلفة.
ويجدر الإشارة إلى أن شدة الأمواج الصادرة عن الجسم تختلف باختلاف درجة حرارة الجسم والطول الموجي للموجة المنبعثة. ويمكن توضيح ذلك باستخدام منحنى بلانك.[1] [2] [3]
منحنى بلانك
مثّل العالم ماكس بلانك العلاقة بين شدة إشعاع الجسم الأسود والطول الموجي للموجات المنبعثة في هذا المخطط:
فعند تحليل هذا المنحنى نجد بأن الجسم الأسود لا يشع موجات ذات أطوال موجية كبيرة جداً أو صغيرة جداً، ونلحظ وجود علاقة طردية بين شدة الإشعاع ودرجة حرارة الجسم الأسود. حيث كلما زادت درجة الحرارة زادت شدة الإشعاع.
وعند زيادة درجة حرارة الجسم الأسود، تنخفض قيمة الطول الموجي للموجة التي يكون عندها أعلى شدة إشعاع. [3]
ولكن ماذا نستفيد من إشعاع الجسم الأسود؟ في الواقع تدخل هذه النظرية في الكثير من مجالات الحياة.
تطبيقات إشعاع الجسم الأسود في حياتنا اليوم
- في الطب، حيث تدخل هذه التجربة في مجال علاج الأورام وعلوم الأجنة.
- تدخل في الأجهزة العسكرية والأمنية، مثل أجهزة الرؤية الليلية والرؤية بالأشعة تحت الحمراء.
- تدخل في الأبحاث والجرائم الجنائية، حيث يبقى الأثر الحراري للأجسام ( مثل الدم ) بعد إزالة أثرها لفترة.
- كما تستخدتحديد الأماكن الغنية بالموارد الطبيعية وذلك بمسح سطح الأرض باستخدام الأشعة تحت الحمراء.[1]
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :