Ad

ملخص كتاب “خرافة التقدم والتخلف” للكاتب جلال أمين

خرافة التقدم والتخلف:

يسلط الكاتب الضوء على وجود الكثير من الخرافات، التي يعتبرها الكثيرون مسلمات ولا خطأ، فيها كخرافة أن مستقبل أي أمة حتمًا يجب أن يكون أفضل من ماضيها، على اعتبار أن التقدم يسير كخط صاعد دائمًا، أو كسلم كل درجة فيه أعلى من سابقتها، لكن قياسًا على الواقع هذا لا يحدث مطلقًا، فكل أمة تمر بمراحل تبادلية بين التقدم والتأخر، فكانت نظرة اليونانيين إلى التاريخ عمومًا، على أنه دورات من التقدم والتأخر، وكذلك رأى ابن خلدون، أن تطور التاريخ يمثل بشكل دائري، نقطة البداية هي نفسها نقطة النهاية.

ومقصد الكاتب من فكرة التقدم ليس التقدم الجزئي في أشياء بعينها، ولكن التقدم الشامل الذي يضم جميع الجوانب، بمعنى لو أن أمة معينة متقدمة عسكريًا واقتصاديًا مثلًا، فعند النظر للوهلة الأولى تحسبها متقدمة في جميع المجالات، ولكن عند النظر بشكل مفصل أكثر، قد تجد أن التقدم العسكري والاقتصادي لهذه الأمة كان على حساب الحياة الاجتماعية مثلًا، أو العلاقات السياسية أو حتى على المستوى الأخلاقي.

ومن ضمن النتائج السلبية للمفهوم الخاطئ للتقدم، خلق بعض الظواهر والمسميات مثل ظاهرة عقدة الخواجة التي تجتاح المجتمع المصري مثلًا، وهي الشعور بالدونية مقارنة بأي شيء أوروبي أو أمريكي، ولا تعتبر عقدة الخواجة مفهوم عريق، فلا يزيد عمر هذه الظاهرة عن مائة عام تقريبًا، أي منذ أن بدأ العالم يصبح قرية صغيرة، وأصبح الناس على علم بما يحدث في كل مكان، جعلت هذه الظاهرة فئة كبيرة من المجتمع المصري على اقتناع تام، بأن أي شيء أوروبي أو أمريكي هو أفضل من نظيرة المصري، حتى ولو لم يكن كذلك، وجعلت لديهم ميل شديد إلى تشبيه كل شيء جميل في حياتهم أنه أجنبي، على اعتبار أن هذا التشبيه يرفع مكانة الشيء، ويتشابه هذا التصرف مع قول ابن خلدون أن المغلوب دائمًا مولع بتقليد الغالب.

كما أثار الكاتب الشك حول الكثير من المفاهيم وأعاد النظر إليها بشكل مختلف مثل:

التنمية الاقتصادية:

رفض الكاتب تقسيم الرفاهية الإنسانية إلى أجزاء مثل رفاهية اقتصادية ورفاهية ثقافية ورفاهية سياسية وهكذا، فيعتبر هذا التقسيم تقسيم خاطئ فالإنسان كائن لا يمكن تجزئته حتى على مستوى التحليل النفسي بغرض فهمه مثلًا، ووضح كيف تتعارض أهداف الاستعمار مع التنمة الاقتصادية للبلاد المستعمَرة، كما أنه ذكر مراحل تطور شعارات التنمية الاقتصادية من بداية الخمسينات وحتى فترة التسعينات.

التنمية الإنسانية:

أظهر الكاتب اعتراضه على قرارات ومفاهيم ابتدعها الأمم المتحدة في مجال التنمية الإنسانية، مثل برنامج هيئة الأمم المتحدة للإنماء، الذي رتب الدول من حيث تقدمها أو تأخرها في مضمار التنمية الإنسانية، بناء على ثلاثة مؤشرات وهم متوسط دخل الفرد والعمر المتوقع لدى الوفاة، وحالة التعليم دون النظر للكثير من العوامل الأخرى التي قد تغير الترتيب بصورة واضحة، كما أنها قارنت بين الدول الأوروبية والعربية مقارنة باهتة سطحية، فمثلًا ربطت بين نسبةإنتاج واستهلاك الصحف في الدول الأوروبية والعربية، والوضع النسبي للمعرفة، فتدني نسبة استهلاك وإنتاج الصحف في الدول النامية، يدل على تدهور حالة الثقافة والمعرفية فيها، دون النظر إلى جوانب أخرى.

كما أثار مصطلح تمكين المرأة الكثير من الجلبة، فيعبر المصطلح عن إزالة القهر والصعوبات التي تتعرض لها المرأة في حياتها، وإعطاءها فرص العمل في جميع المجالات، ولكن هل من الصحيح أن تتساوى المرأة بالرجل مساواة مطلقة، دون مراعاة الفروق الجسدية والصحية للجنسين، كما أن فكرة تمكين المرأة لم تحررها من كل قيودها كما هو متوقع، ولكن كما حررتها من بعض القيود فقد قيدتها بأخرى، فمثلًا قد سبب تمكين المرأة ارتفاع نسب الانفصال، وفي معظم الأحيان تصبح المرأة هي المسؤولة عن مراعاة الأطفال، وتكون مضطرة للعمل حتى تستطيع مراعاتهم، كما أن هذا المصطلح يختلف تنفيذه في الدول الأوروبية عن العربية، فلا شك أن المرأة العربية تتعرض لبعض صور القهر، ومن حقها المطالبة بحريتها، ولكن هذا لا يعني تحررها غير اللائق والمعارض مع عادات وتقاليد المجتمع الذي تعيش فيه.

الحرية:

كذلك ألقى الكاتب الضوء على إعادة صياغة مفهوم الحرية، في كتاب (التنمية حرية) للكاتب (أماريتا سن)، حيث عبر فيه أن الاحتياجات والرغبات الإنسانية كلها تقع تحت وطأة مفهوم الحرية، ولكن كان للكاتب رأي آخر، فقد رأى أنه من غير الصحيح إنساب احتياجات ورغبات الإنسان إلى مفهوم الحرية، فهناك احتياجات ضرورية لا يستطيع الإنسان الاستغناء عنها، مثل المأكل والملبس والمأوى وغيرها، أما الرغبات فهي شعور الإنسان باحتياجه لامتلاك شيء معين، دون أن يكون ضروريًا جدًا فلديه الحرية في الحصول عليه أو تركه.

الديموقراطية:

يقول الكاتب، أن تدهور الديموقراطية يصاحبه الترويج المستمر لازدهارها، فنحن لا نعيش في أبهى عصور الديموقراطية كما تزعم الكثير من الجهات، ولكنها شعارات ظاهرية لا أكثر، ويمكن أن نرى هذا بعد العولمة فأصبح العالم مرتبط ببعضه ارتباطًا وثيقًا، فما يحدث في أقصى نقطة في الشرق يمكن أن يؤثر على أقصى نقطة في الغرب، وبناءًا على ذلك سيطر أصحاب النفوذ والشركات المرموقة، على قرارات دول العالم الثالث ليحققوا أقصى درجات الاستفادة والأمان لأنفسهم.

حقوق الإنسان:

يوضح الكاتب الفارق الجوهري بين حقوق الإنسان وحاجات الانسان، فكما أشرنا مسبقًا أن الحاجات واضحة، مثل المأكل والملبس والمأوى وكل ضروريات الحياة، أما الحقوق عبارة عن اعتراف جماعة معينة من الناس، سواء كانت أمة أو قبيلة أو حتى أسرة بوجوب تلبية رغبة أو حاجة معينة، فنستطيع الجزم بأن الحقوق يمكن أن تكون على مدى أوسع أو أضيق من الحاجات، فقد تكون لديك حاجة ماسة لفعل شيء معين، لكنه ليس من ضمن الحقوق التي تتمتع بها، أو أن يكون لك حقوق في شيء معين وأنت لا تحتاجه.

الإرهاب:

يعد مصطلح مثل الإرهاب من أكثر المصطلحات الغامضة، التي تسبب التوجس والخيفة في النفوس دون الإشارة إلى سبب بعينه، ولكن يظن الكاتب أنه لا يمكن تبين فوائد الإرهاب من الوهلة الأولى، ولكن عند التمعن في النظر فقد ترى الكثير من الفوائد لهذا المصطلح، فالخوف الذي يسببه للناس يلهيهم عن المعارضة، ويجعلهم أكثر سهولة للانقياد، ويضعف قدرتهم على التفكير أو حتى استيعاب البديهيات، ويجعل لديهم قبولًا أكثر للأوامر، والتنازل عن الكثير من حقوقهم وحريتهم في سبيل الحصول على الأمان، حتى أن فكرة الإرهاب تعتبر حجة مقنعة، لاستيلاء دولة على أخرى مثلًا بما أنها تسبب لها تهديدًا.

إصلاح أم تحديث؟

وفي النهاية وضح الكاتب الفرق بين مفهومي الإصلاح والتحديث، ورفض فكرة أنهما مصطلحين مترادفين، ونسب هذه الفكرة إلى الاعتقاد الراسخ، أن التاريخ الإنساني في تقدم مستمر، وأن الأحداث دائمًا ما تسير نحو الأفضل، فمصطلح الحداثة مثلًا كأن تفرض أمه على غيرها، أن تغير عاداتها وتقاليدها ودينها ولغتها الأم بحجة السير نحو الحداثة والتطور، أما الإصلاح فيشمل تغيير المعوقات أمام تقدم تلك الدول، ولحاقها بالدول المتقدمة.

للمزيد من ملخصات الكتب

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فكر ملخصات كتب

User Avatar

Aya Gamal


عدد مقالات الكاتب : 36
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق