Ad
هذه المقالة هي الجزء 2 من 5 في سلسلة مقدمة في نظرية اللعبة

ما هي نظرية اللعبة ؟

تخيل أن الشرطة ألقت القبض على سجينين من أجل جريمة اقترفاها معًا. استُجوِب السجينان على انفراد، حيث عرضت الشرطة عليهما ما يلي:

  •  إذا اعترف أحدهما باقتراف الجريمة بينما لم يعترف الآخر، سيحظى المعترف بالحرية في حين سيُحكم على الآخر ب10 سنوات في السجن.
  •  إذا اعترف كلاهما، سيقضي كل منهما 4 سنوات في السجن.
  •  إذا لم يعترف أي منهما، سيُحكم عليهما بسنتين في السجن.

تصور أنك أحد السجينين، ما القرار الذي ستتخذه علمًا أنك لن تتمكن من معرفة قرار السجين الآخر؟ إذا بدا الأمر محيرًا، لا تقلق، فنظرية اللعبة مصممة لتساعدك. و تسمى هذه المشكلة بـ «معضلة السجين-Prisoner’s Dilemma» وهي من أشهر الأمثلة على تطبيق نظرية اللعبة. 

ما هي نظرية اللعبة؟

تدور نظرية اللعبة حول دراسة التفاعلات بين اللاعبين. يمكن للاعبين أن يكونوا أنت مقابل شركة تستهدفك لتشتري منتجاتها، أو بلدان في حرب ما بينهما، أو شركات تتنافس على الأسواق. فنظرية اللعبة تدرس اتخاذ القرارات مع وضع الخصوم وتحركاتهم بعين الاعتبار.

أساسيات نظرية اللعبة

تدور نظرية اللعبة حول مفهوم اللعبة. اللعبة هي أي تفاعل بين لاعبين أو أكثر وتعتمد نتائجها على تحركات اللاعبين. اللاعبون هم متخذو القرارات، وتتحكم قراراتهم وقرارات اللاعبين الآخرين في محصلتها التي قد تكون إيجابية أو سلبية. فإذا أخذنا على سبيل المثال معضلة السجين، قد يكون اللاعبان هما السجينين، وتحركاتهما هي الاعتراف أم الإنكار، والمكافأة تكون عدد السنوات في السجن، وبالطبع أفضلها هي 0 سنوات لينال أحدهما الحرية.

«الاستراتيجية المهيمنة-Dominant Strategy» و«الاستجابة المُثلى-Best response»

في نظرية اللعبة، يُعرف الاستجابة المثلى بأنها أفضل تحرك يمكن للاعب أن يختاره مقابل تحرك محدد للخصم. فإذا عدنا إلى معضلة السجين وأخذنا تحرك الاعتراف كمثال، سيكون الاعتراف أفضل استجابة يقوم بها أي سجين لأنه إذا لم يعترف، سيقضي عشر سنوات في السجن في الوقت الذي يستمتع فيه السجين الآخر بالحرية. 

إضافة إلى الاستجابة المثلى، تعتبر الاستراتيجية المهيمنة من أهم مفاهيم نظرية اللعبة. وتختلف الاستراتيجية المهيمنة عن الاستجابة المثلى في عدم اعتمادها على تحرك معين للطرف الآخر. تلزم الإشارة هنا إلى أن الاستراتيجية تشير إلى اختيار اللاعب لتحرك ما.

الاستراتيجية المهيمنة هي الاستراتيجية التي تضمن للاعب نتائج مرضية مهما كان تحرك الخصم. بالعودة لمعضلة السجين، تكمن الاستراتيجية المهيمنة لأي لاعب بالاعتراف أيضًا. ذلك لأن عدم الاعتراف قد يؤدي إلى قضاء 10 سنوات في السجن إذا اعترف الطرف الآخر, بينما يؤدي الاعتراف إما إلى 4 سنوات في السجن مناصفة مع الطرف الآخر، وهذا عادل، أو إلى الحرية، وهذا رائع!

«توازن ناش-Nash Equilibrium»

قبل تعريف توازن ناش، لا بد من الإشارة إلى «ملف تعريف الاستراتيجية-Strategy Profile». ملف تعريف الاستراتيجية يضم استراتيجية محتملة لكل لاعب. فعلى سبيل المثال، (اعتراف اللاعب الأول، عدم اعتراف اللاعب الثاني) و (اعتراف اللاعب الأول، اعتراف اللاعب الثاني) تشكل ملفين من ملفات تعريف الاستراتيجية التي يمكن تسجيلها من معضلة السجين.

يحدث توازن ناش عندما يختار اللاعبون استراتيجياتهم بحيث لا يكون من مصلحتهم تغييرها. إذ أن التغيير قد يتسبب في نتائج غير مرضية. بطريقة أخرى، يحدث توازن ناش عندما نمتلك ملف تعريف استراتيجية حيث أن كل استراتيجية هي الاستجابة المُثلى على الاستراتيجيات الأخرى.

الآن، أصبح من الواضح أن ملف تعريف الاستراتيجية الذي يضم عدم اعتراف كلا اللاعبين لا يحقق توازن ناش. فإذا أخذنا عدم الاعتراف كتحرك، سيكون تحرك الاعتراف الاستجابة المُثلى له لأنه يؤدي إلى الحرية. من جهة أخرى، يتحقق توازن ناش عند اعتراف كلا اللاعبين. ذلك لأن الاعتراف هو الاستجابة المُثلى للاعتراف وليس لأي لاعب المصلحة في عدم الاعتراف إن كان الطرف الآخر سيعترف. فمن يريد قضاء عشر سنوات في السجن؟

ربما لاحظت أننا أشرنا سابقًا إلى أن الاعتراف هو الاستراتيجية المهيمنة لكلا السجينين، وأنها أيضًا تمثل توازن ناش إن اختارها كلا اللاعبين. دعني أخبرك عزيزي القارئ(ة) أن هذه ليست صدفة فأي ملف تعريف استراتيجية يتكون كله من الاستراتيجيات المهيمنة التي يمثلها توازن ناش.

تطبيقات نظرية اللعبة

من تطبيقات نظرية اللعبة بشكل عام ومعضلة السجين بشكل خاص، طريقة عمل الشركات المهيمنة على سوق ما. فإذا تعاونت الشركات فيما بينها، فبإمكانها تحديد سعر عال، وبالتالي حصد أرباح كثيرة. لكن في حال قامت إحدى الشركات بالخروج عن الاتفاق بتخفيض أسعارها، ستحصد أكبر عدد من الزبائن وبالتالي أرباحًا عالية على حساب الشركات الأخرى التي ستخسر زبائنها. أيضًا، إن قررت جميع الشركات المشاركة تخفيض الأسعار، ستنزل الأسعار بشكل كبير، وهو الشيء الذي سيؤدي إلى أرباح قليلة لجميع الشركات.

تطبق نظرية اللعبة أيضًا في مجال البيولوجيا لدراسة تعاون الحيوانات فيما بينها من أجل البقاء، وكذلك في مجال السياسة لدراسة العلاقات الدولية.

أخيرًا، بعد أن تطرقنا لأساسيات نظرية اللعبة وتعرفنا على مفاهيم مثل الاستجابة المُثلى، والاستراتيجية المهيمنة، وتوازن ناش، لا بد أنك أيقنت أن الاعتراف هو أفضل قرار تتخذه إن كنت في وضعية أحد السجينين. إلا أن هذا ليس صحيحًا إذا كانت لديك فرصة للتواصل مع الطرف الآخر، حيث يعتبر عدم الاعتراف هو القرار الأمثل. فقد تتفق مع السجين الآخر على عدم الاعتراف و تقضي سنتين عوض 4 سنوات. في هذه الحالة، أصبحت اللعبة تعاونية. ولنظرية اللعبة وسائل ومفاهيم خاصة بالألعاب التعاونية نكتشفها في المقال التالي.

المصادر:

stanford
coursera
stanford

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


اقتصاد

User Avatar

Ouissal Moumou

شغوفة بالتكنولوجيا و البرمجة. أحب الرياضيات و الفلسفة.


عدد مقالات الكاتب : 5
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق