لقد فتنت حركات الكواكب في نظامنا الشمسي البشر لفترة طويلة، وقد ألقت الاكتشافات الحديثة الضوء على ظاهرة غريبة وهي أن الكواكب تنجرف بعيدًا عن الشمس. قد تبدو هذه الملاحظة غير بديهية، نظرا لجاذبية الشمس القوية التي تحافظ على تماسك نظامنا الشمسي. فالأرض، على سبيل المثال، تبتعد عن الشمس بمعدل حوالي 1.5 سم سنويًا. لكن ما الذي يدفع هذه الظاهرة؟ هل هي نتيجة الطاقة المظلمة، القوة الكامنة وراء توسع الكون؟ أم أن هناك تفسير آخر؟ ولماذا لا يحدث سقوط للكواكب نحو الشمس على الرغم من جاذبيتها الهائلة؟
محتويات المقال :
سقوط الكواكب نحو الشمس
غالبًا ما يُساء فهم مفهوم الجاذبية، وليس من المستغرب أن يشعر الناس بالحيرة عندما يعلمون أن الكواكب تتحرك بعيدًا عن الشمس. ففي نهاية المطاف، أليس من المفترض أن تكون الجاذبية هي القوة التي تبقينا على الأرض وتجذب الأشياء نحو بعضها البعض؟ حسنا، نعم ولا. الجاذبية هي في الواقع القوة التي تتحكم في سلوك الأجسام ذات الكتلة، ولكنها ليست مسألة بسيطة تتمثل في سحب الأجسام تجاه بعضها البعض.
في سياق حركة الكواكب، تلعب الجاذبية دورًا حاسمًا في إبقاء الكواكب في مداراتها حول الشمس. ومع ذلك، فهو ليس العامل الوحيد المؤثر. إن المفتاح لفهم سبب عدم سقوط الكواكب نحو الشمس يكمن في حركتها الجانبية. كما ترون، كوكبنا يتحرك بسرعة مذهلة تبلغ 67,000 ميل في الساعة، تقريبًا بشكل جانبي تمامًا بالنسبة للشمس. تم نقل هذه الحركة إلى الكواكب عندما تشكلت في القرص الكوكبي الأولي، وهو سحابة دوامية من الغاز والغبار تحيط بالشمس حديثة التشكل.
إذًا، ما سبب أهمية هذه الحركة الجانبية؟ حسنًا، هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها الكواكب الحفاظ على مداراتها وتجنب السقوط في الشمس. فكر في الأمر مثل لعبة مراوغة كونية، حيث تتحرك الكواكب باستمرار بسرعات لا تصدق، وتسمح لها حركتها الجانبية بتجنب الوقوع في جاذبية الشمس. وبدون هذه الحركة، ستسقط الكواكب بالفعل في الشمس، وسيكون نظامنا الشمسي مكانًا مختلفًا تمامًا.
السبب المفاجئ لابتعاد الكواكب عن الشمس
نجد أن فقدان كتلة الشمس يلعب دورًا حاسمًا في انجراف الكواكب التدريجي بعيدًا عنها. غالبًا ما يتم التغاضي عن هذه الظاهرة، ولكن من الضروري فهم الآلية الأساسية.
تفقد الشمس كتلتها من خلال طريقتين وهما الاندماج النووي والرياح الشمسية. عندما تقوم الشمس بتحويل الهيدروجين إلى هيليوم من خلال التفاعلات النووية، فإنها تطلق كمية هائلة من الطاقة، والتي يتم نقلها بعيدًا عن طريق الإشعاع الكهرومغناطيسي والجسيمي. وتؤدي هذه العملية إلى انخفاض كتلة الشمس، ولو ببطء شديد.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الرياح الشمسية، وهي تيار من الجسيمات المشحونة المنبعثة من هالة الشمس، تحمل جزءًا صغيرًا من كتلة الشمس إلى الفضاء. ويؤدي هذا الفقدان المستمر للكتلة إلى انخفاض في جاذبية الشمس، مما يؤدي إلى تمدد مدارات الكواكب.
وتفقد الشمس حوالي “10^(-13)” من كتلتها كل عام، وهو ما يبدو ضئيلًا، لكنه يكفي لزيادة مدار الأرض بحوالي 1.5 سم سنويًا. قد لا يبدو هذا كثيرًا، لكنه يتراكم على مدى ملايين السنين، مما يؤدي إلى ابتعاد الكواكب عن الشمس.
مصير الشمس ومستقبل نظامنا الشمسي
بعد في حوالي خمسة مليارات سنة، سوف تستنفد الشمس وقودها وتدخل مرحلة جديدة من حياتها. ومع تحولها لعملاق أحمر، ستبتلع عطارد والزهرة وربما حتى الأرض. قد يبدو هذا السيناريو المروع أمرًا مخيفًا، لكنه عملية طبيعية بدأت منذ مليارات السنين.
والخبر السار هو أن لدينا متسع من الوقت للاستعداد لهذا الاحتمال. بحلول الوقت الذي تستنفد فيه الشمس وقودها، من المحتمل أن تكون البشرية قد تركت الأرض منذ فترة طويلة، إما عن طريق الاستقرار على كواكب أخرى أو أن تصبح حضارة مسافرة بين المجرات.
ويثير اكتشاف ابتعاد الكواكب عن الشمس أيضًا تساؤلات مهمة حول مدى صلاحية نظامنا الشمسي للسكن على المدى الطويل. ومع توسع مداراتها، ستتحرك الكواكب تدريجيًا إلى مناطق أكثر بعدًا وأكثر برودة في النظام الشمسي، مما يزيد من صعوبة ازدهار الحياة.
ومع ذلك، فإن هذا يمثل أيضًا فرصة للعلماء لاستكشاف إمكانيات جديدة للحياة خارج كوكبنا. ومن خلال دراسة تطور النظام الشمسي، قد نكتشف رؤى جديدة حول أصول الحياة وإمكانية وجود الحياة في مكان آخر في الكون.
المصدر
If The Sun’s Gravity Is So Strong, How Come All The Planets Are Moving Away From It? | iflscience
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :