Ad

حقق العلماء في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة (NTU Singapore) اكتشافًا رائدًا، حيث قاموا بتطوير طريقة لتحويل ثاني أكسيد الكربون لخرسانة، مما يوفر طريقة جديدة للحد من التأثير البيئي لصناعة البناء. تقلل هذه التقنية المبتكرة من انبعاثات الكربون في قطاع البناء من خلال دمج ثاني أكسيد الكربون مباشرة في الخرسانة، مما يوفر خطوة مهمة نحو صناعة بناء أكثر استدامة.

البصمة الكربونية للبناء

تعد صناعة البناء والتشييد واحدة من أكبر المساهمين في انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث يمثل إنتاج الأسمنت وحده حوالي 8٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. ولكن لماذا؟ لفهم ذلك، دعونا نعود ننظر إلى عملية إنتاج الأسمنت.

يُصنع الأسمنت من الحجر الجيري والطين والرمل، والتي يتم استخراجها ثم تسخينها إلى درجات حرارة عالية للغاية لإنتاج المسحوق الرمادي المميز. وتتطلب هذه العملية كميات هائلة من الطاقة، التي يتم توليدها عادة عن طريق حرق الوقود الأحفوري، الذي يطلق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. بالإضافة إلى ذلك، يساهم التعدين ونقل المواد الخام أيضًا في البصمة الكربونية لهذه الصناعة.

تنتج صناعة الأسمنت نحو 1.6 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويا ــ أي ما يقرب من ثمانية في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. وتهدف الطريقة الجديدة إلى خفض الانبعاثات من خلال الحد من استخدام المواد، وتسريع البناء، وخفض احتياجات العمالة.

كيف يقوم البخار وثاني أكسيد الكربون بتحويل الخرسانة؟

تعمل هذه الطريقة عن طريق حقن البخار وثاني أكسيد الكربون، الملتقطين كمنتجات ثانوية من العمليات الصناعية، في خليط الخرسانة أثناء الطباعة. وهذا يسمح للخرسانة بحبس ثاني أكسيد الكربون وتخزينه داخل بنيتها.

ولتطوير نظام الطباعة الخرسانية ثلاثية الأبعاد، قام فريق البحث بتوصيل الطابعة ثلاثية الأبعاد بمضخات ثاني أكسيد الكربون وجهاز يرش البخار.

عند تفعيله، يضخ النظام ثاني أكسيد الكربون والبخار إلى خليط الخرسانة أثناء طباعة الهيكل. حيث يتفاعل ثاني أكسيد الكربون مع المكونات الموجودة في الخرسانة، ويتحول إلى شكل صلب يبقى محبوسًا داخل المادة. وفي الوقت نفسه، يعمل البخار على تحسين امتصاص ثاني أكسيد الكربون في الهيكل المطبوع، مما يعزز خصائصه.

عدة مميزات

في الاختبارات المعملية، وجد الباحثون أن الهيكل الخرساني المطبوع أظهر تحسنًا بنسبة 50 بالمائة في قابلية الطباعة، مما يعني أنه يمكن تشكيله وطباعته بكفاءة أكبر.

كما أظهر الهيكل قوة ومتانة أفضل. حيث كانت الخرسانة المطبوعة أقوى بنسبة 36.8 في المائة في الضغط (مقدار الوزن الذي يمكنها تحمله) وأقوى بنسبة 45.3 في المائة في الانحناء (مقدار ما يمكنها أن تنثني قبل الكسر) مقارنة بالخرسانة المطبوعة ثلاثية الأبعاد العادية.

والجدير بالذكر أن هذه الطريقة توفر ميزة بيئية كبيرة، حيث تمتص وتحتجز 38 بالمائة من ثاني أكسيد الكربون أكثر من الطباعة ثلاثية الأبعاد التقليدية.

بناء المستقبل المستدام

تتمتع هذه الطريقة المبتكرة بالقدرة على إحداث ثورة في صناعة البناء والتشييد، وتقليل البصمة الكربونية وتمهيد الطريق لغد أكثر استدامة.

ومع القدرة على امتصاص وتخزين ثاني أكسيد الكربون، يمكن أن تصبح المباني والبنية التحتية بمثابة خزانات للكربون، مما يعوض الانبعاثات الناتجة أثناء بنائها. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يساعد على التخفيف من آثار تغير المناخ.

وبما أن صناعة البناء والتشييد مسؤولة عن جزء كبير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، فإن هذا الإنجاز يمكن أن يكون له تأثير عميق على البيئة. ومن خلال اعتماد هذه التكنولوجيا، يمكن للمدن والأمم أن تتخذ خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

المصادر

Scientists Transform CO2 Into Super-Strong 3D Printed Concrete | scitechdaily

Carbon capture and sequestration with in-situ CO2 and steam integrated 3D concrete printing | carbon capture science and technology

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


بيئة هندسة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 578
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *