Ad

في خضم التقدم التكنولوجي، أصبح مستقبل العمل على أعتاب ثورة يقودها التبني السريع للذكاء الاصطناعي (AI). ومن المقرر أن يؤدي هذا التحول إلى إعادة تعريف نسيج الطريقة التي نعمل بها، مثلما فعل الإنترنت في التسعينيات. وبينما نبدأ هذه الرحلة، هناك شيء واحد واضح وهو احتياج العنصر البشري في العمل المدعوم بالذكاء الاصطناعي. والسؤال هو: من يقود هذه المهمة، وما هي التغييرات التي تحدث، ومتى يمكننا أن نتوقع رؤية التأثير؟

المشهد الوظيفي المتغير

وفقاً لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، بحلول عام 2022، فإن أكثر من ثلث المهارات المطلوبة لمعظم الوظائف كانت مكتشفة حديثاً، مما يعني أنها لم تكن موجودة قبل خمس سنوات. ويعود هذا التطور السريع إلى حد كبير إلى التقدم التكنولوجي، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، الذي يعيد تشكيل الطريقة التي نعمل بها والمهارات التي نحتاجها لتحقيق النجاح.
في العصر الرقمي الحالي، تعمل الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي على أتمتة العديد من المهام الروتينية والمتكررة، مما يحرر البشر من التركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى التي تتطلب الإبداع والتعاطف ومهارات حل المشكلات. وقد أدت جائحة كوفيد-19 إلى تسريع هذا التحول، حيث اضطرت الشركات إلى التكيف مع العمل عن بعد والتحول الرقمي. ونتيجة لذلك، يشهد المشهد الوظيفي تحولًا جوهريًا، مع ظهور وظائف جديدة واختفاء الوظائف القديمة بمعدل ينذر بالخطر.
ولوضع ذلك في نصابه الصحيح، تشير التقديرات إلى أن 65% من الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس الابتدائية اليوم سينتهي بهم الأمر في نهاية المطاف إلى العمل في وظائف لم توجد بعد. وهذا يعني أن المهارات المطلوبة للعديد من الوظائف قد تغيرت بشكل كبير، وسوف تستمر في التغير مع تقدم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الأخرى.

تاريخ موجز لأتمتة العمل

يعود مفهوم أتمتة المهام إلى أوائل القرن العشرين، مع إدخال خط التجميع في التصنيع. ومع ذلك، لم يتم صياغة مصطلح “الذكاء الاصطناعي” إلا في الخمسينيات من القرن الماضي، مما يمثل بداية حقبة جديدة في أتمتة العمل.
في ستينيات القرن الماضي، تم تطوير أول برنامج للذكاء الاصطناعي، وهو برنامج (ELIZA)، القادر على محاكاة المحادثات الشبيهة بالإنسان. أثار هذا الاكتشاف الاهتمام باستكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي في مختلف الصناعات. وشهدت الثمانينيات ظهور الأنظمة الخبيرة، التي يمكن أن تحاكي عملية صنع القرار البشري في مجالات محددة. لقد أرست هذه التطورات المبكرة الأساس لثورة الذكاء الاصطناعي التي نشهدها اليوم.
وبالتقدم سريعًا إلى القرن الحادي والعشرين، شهدنا نموًا هائلاً في قدرات الذكاء الاصطناعي. لقد مكّن تطور التعلم الآلي والتعلم العميق ومعالجة اللغات الطبيعية الذكاء الاصطناعي من معالجة المهام المعقدة، بدءًا من تحليل البيانات وحتى إنشاء المحتوى. لقد تم تعزيز انتشار الذكاء الاصطناعي من خلال توافر كميات هائلة من البيانات، والقدرة الحاسوبية، والتقدم في الخوارزميات.

احتياج العنصر البشري في العمل المدعوم بالذكاء الاصطناعي

احتضان التحول القائم على الذكاء الاصطناعي

نظرًا لأن الذكاء الاصطناعي يُحدث تحولًا سريعًا في المشهد الوظيفي، يجب على الموظفين التكيف والتطور للبقاء في الطليعة.
ومن خلال تقسيم وظائفهم إلى مكونات قائمة على المهام، يمكن للموظفين تحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز عملهم فيها، مما يوفر الوقت للتركيز على المهام ذات القيمة العالية التي تتطلب الإبداع والتعاطف ومهارات حل المشكلات. على سبيل المثال، يمكن لمحلل البيانات استخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة معالجة البيانات، مما يوفر الوقت لتحليل النتائج وتفسيرها. لا يضمن هذا النهج الذي يعطي المهارات أولاً الأمان الوظيفي فحسب، بل يمكّن الموظفين أيضًا من الحفاظ على قدرتهم التنافسية في سوق العمل سريع التغير.
علاوة على ذلك، يؤكد هذا النهج على أهمية التعلم المستمر وتحسين المهارات. مع تغير المهارات المطلوبة للعديد من الوظائف بنسبة مذهلة بلغت 25 بالمائة منذ عام 2015، يجب على الموظفين الاستثمار في تطوير مهارات جديدة للبقاء على صلة بالموضوع. ومن خلال إعطاء الأولوية لتنمية المهارات، يمكن للموظفين إثبات حياتهم المهنية في المستقبل والازدهار في بيئة عمل تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

تطور أصحاب العمل

ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل القوى العاملة، يجب على أصحاب العمل تكييف أدوارهم للبقاء في الطليعة. وينطوي هذا على تحول أساسي من كونهم مجرد موظفين إلى أن يصبحوا معلمين. في الماضي، كان أصحاب العمل يركزون بشكل أساسي على توظيف المواهب وملء الوظائف الشاغرة. ومع ذلك، مع تغيير الأتمتة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي لمشهد المهارات، يجب على أصحاب العمل الآن إعطاء الأولوية لتطوير مواهبهم الحالية وتحسين مهاراتها.
سيقوم أصحاب العمل “بتدريب” الموظفين على توظيفهم في وظائف دائمة التغير، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للنجاح في بيئة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ولن يؤدي هذا النهج إلى تعزيز قوة عاملة أكثر مرونة فحسب، بل سيمكن أصحاب العمل أيضًا من الحفاظ على قدرتهم التنافسية في سوق العمل سريع التغير.
علاوة على ذلك، سيمتد التركيز إلى ما هو أبعد من المهارات الصعبة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مثل البرمجة وتحليل البيانات. كما سيعطي أصحاب العمل الأولوية لمهارات الأشخاص، مثل حل المشكلات والتعاطف والاستماع النشط، والتي أصبحت ضرورية للنجاح الوظيفي. في الواقع، يعتقد 92% من المديرين التنفيذيين في الولايات المتحدة أن مهارات التعامل مع الأشخاص أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ومع تطور أصحاب العمل إلى معلمين، فإنهم سيطلقون العنان للإمكانات الكاملة لقوتهم العاملة. سيؤدي هذا النهج الجديد إلى بيئة عمل أكثر تركيزًا على الإنسان، حيث يكون التعاون بين الأفراد في قلب نجاح الشركة. ومن خلال تبني هذا التحول، يمكن لأصحاب العمل إنشاء مكان عمل تعمل فيه أدوات الذكاء الاصطناعي على تعزيز القدرات البشرية، وتحرير الموظفين للتركيز على مهام أكثر إبداعًا واستراتيجية وعالية القيمة.

إطلاق العنان للإمكانات البشرية

وبينما نبدأ في مستقبل العمل الذي يغذيه الذكاء الاصطناعي، فمن الواضح أن البشر أصبحوا أكثر أهمية من أي وقت مضى. في حين أن الذكاء الاصطناعي يستعد لإحداث ثورة في الطريقة التي نقوم بها بالأشياء، فمن المهم أن ندرك أن إمكاناته الحقيقية تكمن في زيادة القدرات البشرية، وليس استبدالها.
في هذا التعاون المتناغم، ستصبح مهارات الأشخاص هي حجر الزاوية في النجاح الوظيفي. وسوف يستثمر أصحاب العمل في تطوير هذه المهارات لدى موظفيهم، مع الاعتراف بأنها المفتاح لإطلاق العنان للإمكانات البشرية الحقيقية. ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في التقدم، ستكون هذه القدرات البشرية الفريدة هي التي تميزنا وتمكننا من الازدهار.
في عام 2024، سنشهد تحولًا كبيرًا في الطريقة التي نتعامل بها مع العمل، حيث يتعلم البشر والذكاء الاصطناعي العمل معًا في وئام تام. وستكون النتيجة مستقبلًا أكثر إنسانية وإشباعًا وإثارة من أي وقت مضى.

المصادر:

The AI-Fueled Future of Work Needs Humans More Than Ever / wired

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


ذكاء اصطناعي

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 356
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *