ما هي أكثر الآليات الدفاعية استخدامًا؟
محتويات المقال :
نظرية فرويد للشخصية
لعل أحد أبرز منتجات سيجموند فرويد الفكرية هي نظريته للشخصية (1923) التي يوضح بها بنية النفس البشرية. تنص النظرية على أن النفس مكونة من ثلاثة أجزاء:
«الهوية-id» و «الأنا-ego» و «الأنا العليا-superego».
كل جزء يمثل كيان مستقل بذاته ويملك مميزات فريدة تميزه عن باقي الأجزاء. ومن خلال تفاعل تلك الأجزاء مع بعضها البعض يساهم كل جزء بدوره في تكوين السلوك البشري.
تعرّف النظرية «الهوية-id» على أنها الجزء البدائي والغريزي في النفس البشرية الذي يبحث عن تلبية الغرائز الجنسية والدوافع العدوانية. أما «الأنا العليا-superego» فتعمل كالضمير الأخلاقي وتهتم بالامثتال للأخلاق والمثل العليا. ولكن «الأنا-ego» هي الجزء الواقعي من النفس، والذي ينصب اهتمامه بشكل أساسي على متغيرات الواقع والتوسط بين رغبات الهوية الغريزية البدائية وعالم المثاليات للأنا العليا. [1]
تعد الدوافع الغريزية للهوية هي المحرك الجوهري للسلوك للبشري، حيث أن غاية الهوية هو تلبية تلك الدوافع. ولكن الهوية ليس لديها أي اتصال بالواقع ولذا فمحاولاتها لتبية الدوافع تتسم بالبدائية الشديدة ولا يمكن تطبيقها في العالم الواقعي المليء بالقواعد الاجتماعية. لذا يأتي هنا دور الأنا في التوسط بين الواقع ودوافع الهوية. حيث تسعى الأنا أيضًا لتبية تلك الغرائز ولكن في إطار واقعي وبشكل عقلاني.
في خلال تعاملات الأنا مع الواقع لتلبية الغرائز تحتك بالكثير من التحديات والصعوبات فتنجح أحيانًا وتفشل أحيانًا أخرى. وفي ذلك السياق، عندما تفشل الأنا في تلبية أحد الدوافع وتجد نفسها محاطة بمشاعر سلبية من القلق والتوتر تلجأ إلى استخدام أحد الآليات الدفاعية للتخفيف.
تعرّف الآليات الدفاعية على أنها عمليات نفسية غير واعية تعمل على حماية الشخص من القلق والتوتر الناتجين عن عوامل داخلية أو خارجية. [2]
تتنوع تلك الآليات الدفاعية وتأخذ العديد من الأشكال والصور المختلفة. والتالي قائمة بأشهر تلك الصور للآليات الدفاعية.
«الإنكار-denial»
يعد الإنكار أشهر الآليات الدفاعية استخدامًا وأكثرها شهرة. يتضمن الإنكار حجب الأحداث الخارجية عن الوصول إلى الوعي. عندما يوجد حدث صعب التعامل معه أو استيعابه يرفض الشخص مواجهته.
مثال:
بعض المدخنين يرفضون الاعتراف لأنفسهم بأن التدخين ضار بالصحة.
«الكبت-repression»
يعد أيضًا الكبت من الآليات الدفاعية المشهورة. حيث يستخدم الكبت لإبعاد الأفكار المقلقة أو المزعجة من التواجد في الوعي.
مثال:
عندما يتعرض أحد الأشخاص للدغة عنكبوت في صغره فإنه يطور فوبيا من العناكب في وقت لاحق من حياته بدون تذكر سبب تلك الفوبيا. حيث أن ذكرى اللدغة كُبتت بشكل لا واعي.
«الإسقاط-projection»
يتضمن الإسقاط بأن يقوم الفرد بشكل لا واعي بإسناد أفكاره أو مشاعره السلبية الخاصة إلى شخص آخر. أو بالأحرى، إسقاط مشاعره الغير مرغوبة على شخص آخر لا يملك تلك المشاعر.
مثال:
عندما يغضب أحد الأزواج على زوجته بسبب أنها لا تستمع، في حين أنه الزوج الغاضب نفسه هو من لا يستمع.
«الإحلال-displacement»
الإحلال هو تحويل الأفكار أو المشاعر الموجهة نحو شخص أو شيء ما إلى شخص أو شيء آخر. عادةً ما يستخدم الفرد الإحلال عندما لا يمكن له التعبير عن مشاعره للشخص المُراد بطريقة صحية.
مثال:
عندما يغضب أحد الموظفين من مديره في العمل ولا يستطيع التعبير عن غضبه له فيلجأ إلى تفريغ غضبه على شخص أو شيء آخر. مثل اختلاق الشجار مع زوجته أو ركل حيوانه الأليف.
«نكوص-regression»
النكوص هو عودة إلى مرحلة مبكرة من التطور النفسي عند مواجهة مشاعر أو أفكار غير مقبولة أو ضاغطة.
مثال:
قد يقوم المراهق الغارق بمشاعر الخوف والغضب والدوافع الجنسية المتزايدة بالعودة إلى سلوكيات الطفولة المبكرة مثل التبول اللاإرادي.
«التسامي-sublimation»
يعد التسامي أحد الآليات الدفاعية الراشدة حيث يتضمن تلبية الدوافع الغريزية ولكن بشكل لائق اجتماعيًا وأكثر تحضرًا.
مثال:
عندما يختبر الفرد مشاعر الغضب فيلجأ إلى ممارسة الرياضة لتفريغ غضبه. حيث تم هنا تحويل أو استثمار إحدى الدوافع البدائية السلبية في نشاط بنّاء.
«رد الفعل العكسي-reaction Formation»
رد الفعل العكسي هو تحويل الأفكار أو المشاعر أو الدوافع الغير مرغوب بها إلى عكسها.
مثال:
عندما يغضب أحد الموظفين من مديره كثيرًا ولا يستطيع مواجهة نفسه بتلك المشاعر يصبح على النقيض تمامًا عطوف وكريم بشكل مبالغ فيه نحو مديره.
[3]
«عقلنة-rationalization»
تتضمن العقلنة تبرير شعور صعب أو غير مُتقبل بحجج وتفسيرات تبدو منطقية.
مثال:
عندما يتعرض أحد الطلاب إلى الرفض من الجامعة التي يحلم بدخولها يبرر ذلك بأنه سعيد بدخول جامعة أخرى تتمتع بجو منافسة أقل وأكثر ترحبيًا.
يوجد الكثير والكثير من الحيل الدفاعية الأخرى التي تتنوع ويتم استخدامها في سياقات مختلفة في حياتنا اليومية. بعضها بدائي والبعض الآخر أكثر نضجًا. وليست الآليات الدفاعية شيئًا سلبيًا بالضرورة، فبعض الآليات مثل التسامي مثلًا تعد من أهم مكونات التحضّر والنضج. وتساعد المعرفة بمختلف الآليات الدفاعية على فهم أنفسنا ومن حولنا بشكل أفضل وبالتالي، إمكانية أفضل في مواجهة المشكلات.
مصادر:
[1] simplypsychology.
[2] Wikipedia.
[3] psychCentral.
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :