لطالما كانت التفاصيل هي كلمة السر للحل لطالما كانت الإجابة كامنة في مخبأ ليس في الطب فقط بل في كل العلوم وهذا ما حدث في علاقة قد يظن البعض أنها سهلة الفهم وهي علاقتنا بإكسير الحياة الشفاف الأوكسجين فها نحن نرى تسليم جائزة نوبل لعام 2019 لاكتشافات قوية عن العلاقة بين الجسم والأوكسجين وما نحن بصدد عرضه بين أيديكم عزيزي القاريئ هو شرح كامل لما يحدث في الجسم استجابة للأوكسجين. تعتمد كمية خلايا الدم الحمراء المصنعة وسرعة تصنيعها على سلسة من التفاعلات حيث تفرز الكلية هرمون «Erythropoieten» كاستجابة لنقص الأوكسجين تحت تأثير من بروتين «hypoxia inducible factor-1» نحن هنا يغمرنا الشوق لمعرفة تفاصيل تلك المواد وتفاعلها مع الأوكسجين.
محتويات المقال :
هرمون «Erythropoieten»:
هو هرمون يتم إفرازه من كلٍ من الكلية بنسبة(85-90)% ،والكبد بنسبة (10-15)% مسؤول عن نضج خلايا الدم الحمراء في نخاع العظام ويزداد إفرازه في حالات نقص الأوكسجين «hypoxia» وذلك تحت تأثير من بروتين «hypoxia inducible factor-1» الذي يقوم بزيادة إنتاج الهرمون عن طريق التأثير على ترجمة الجين المسؤول عنه، ويقوم الهرمون بدوره بالتأثير على تكون خلايا الدم الحمراء عن طريق زيادتها عدداً ،وكذلك زيادة سرعة الانتقال بين المراحل المختلفة في تكوين الخلايا. عندما يتم إزالة الكليتين من شخص فإنه يعاني من أنيميا شديدة ذلك لإن النسبة المتبقية المفرزة من قبل الكبد تكفي فقط لتكوين ثلث إلي نصف خلايا الدم الحمراء المطلوبة من قبل الجسد. وبذلك يعتمد الجسم على نسبة ذلك الهرمون أشد الاعتماد، الذي بدوره يعتمد على كمية الأوكسجين الواصلة للأنسجة.
بروتين «Hypoxia inducible factor-1» :
1.وظيفته:
قد يكون أخطأ ظنك عزيزي القاريء معتقداً أن كلمة السر في تكوين خلايا الدم الحمراء هو هرمون «Erythropoieten» ولكن ذلك الهرمون ما هو إلى عاقبة من بعض أفعال بروتين صغير يسمى «Hypoxia inducible factor-1» ذلك البروتين له وظيفة قوية في الخلايا حيث أنه يؤثر على سرعة ترجمة الجينات فعُرفَ بإنه «transcription factor عنصر استنساخ» حيث أنه يؤثر فى الجينات المسؤولة المختصة بعملية علاج نقص الأوكسجين مثل تصنيع إوعية دموية جديدة «angiogenesis»، استخدام الجلوكوز لإنتاج الطاقة، تكاثر الخلايا، وكذلك موتها، وكذلك عمليات الأيض. بالإضافة إلى كل ما سبق فإنه يؤثر على إنتاج هرمون «Erythropoieten» لتجتمع كل ما سبق من وظائف في هدف واحد وهو علاج أزمة نقص الأوكسجين بأي شكل ممكن بأقل الخسائر.
2.تركيبه:
ذلك البروتين يتكون من جزئين مختلفين «heterodimer» حيث يتكون من تحت وحدة بيتا وتحت الوحدة ألفا. وهو من عائلة من البروتينات تسمى «Basic helix loop helix transcription factors» حيث أنها تحتوي على ترتيب معين من الأحماض الأمينية يسمح لها بالارتباط بالجينات، وبالتالي التأثير فيها تلك العائلة المتواجدة فى حقيقيات النواة من إنسان، وبنات وحيوان، وغيره. وهي المسؤولة عن الارتباط بجينات الحمض النووي والتأثير على ترجمتهم.
3. تأثير الأوكسجين:
لطالما كانت العلاقة بين كمية الأوكسجين ونسبة ذلك البروتين في الخلية مسألة بحث، ونقاش كبيرة حيث لوحظ أن كمية البروتين تقل مع زيادة الأوكسجين ولكن كيف يحدث ذلك؟!
الإجابة على هذا السؤال تتطلب معرفة مركبين بالغين الأهمية وهما «VHL» و « Proline hydroxylase-2 »
ما هو «VHL»؟
كلمة سر عمل الخلايا هي النظام والتحديد فمن انتهت وظيفته يموت! وللوصول لتحقيق ذلك المبدأ تطلب وجود بعض العضيات مثل «proteosome»المسؤولة عن التخلص من البروتينات منتهية الوظيفة وهذا بالضبط ما يحدث مع «Hypoxia inducible factor-1» ولكن كيف؟ تأتي كلمة السر المفضلة لدى الخلية وهي التحديد لتفرض نفسها خالقة طريقة منظمة ومحددة للتخلص من البروتينات منتهية الوظيفة وذلك عن طريق وصمها بمركب يسمي «Ubiquitin» الذي يعمل كإشارة بانتهاء حياة ذلك البروتين والمسؤول عن ذلك التأشير هى مركبات تسمى «Ubiquitin ligase» الذي يربط البروتين المرغوب في إعدامه بمركب «Ubiquitin». في الحقيقة عائلة «Ubiquitin ligases» كبيرة جدا متعدة الأفراد أحد أبرز أعضائها هو «VHL» -الذى يعتبر كابح لكثير من السرطانات- الذي يقوم بالدور السابق على أكمل وجه وأظهرت الأبحاث أنه من ضمن البروتينات التي يتفاعل معها مسبباً إعدامها هو صديقنا هنا «Hypoxia inducible factor-1» ولكن كيف أو متى يتم الارتباط؟ هنا يأتي الإنزيم «Proline hydroxylase-2» الذي يضيف مجموعة هيدروكسيل إلى أحماض أمينة اسمها «Proline»، وتتم تلك الإضافة تحديداً في تحت الوحدة ألفا ذلك التفاعل يعتمد بنسبة 100% على نسبة الأوكسجين الموجودة حيث في حالة توافر الأوكسجين يحدث ذلك التفاعل. بعد إتمام ذلك التفاعل يستطيع مركبنا «VHL» التعرف على «Hypoxia inducible factor-1» وتكملة سلسلة التفاعل حتى يتم تدميره.
وبذلك عزيزي القارئ تكونت لديك فكرة كاملة عن كل المراحل الجزيئية التي يحدثها الجسم استجابةً الأوكسجين. والواجب ذكره أن بروتيننا العزيز «Hypoxia inducible factor-1» له جانب مظلم؛ فنظرا لقدرته القوية على التأثير على الكثير من الجينات تقوم خلايا السرطان باستغلاله حتى يصل الأوكسجين إلى الأجزاء فقيرة الأوكسجين من الورم، وكذلك قد ينتشر السرطان عن طريق ما يصنعه من أوعية دموية جديدة مما يعزز من قدرة السرطان المرضية التدميرية فما بين أيدينا من فهمٍ واعٍ للتفاصيل يجعل الأمل في علاج الكثير من الأمراض الفتاكة ليس بسرابٍ بل باحتمال قوي وارد الحدوث.
ما سبق ذكره حصد عديد من جوائز نوبل على مر الزمن آخره نوبل 2019 في الطب وهذا تم تقديمه تفصيلا في مقال منفصل «لم قد يفوز تكيف الخلايا مع الأكسجين بـ جائزة نوبل الطب 2019؟»
مصادر:
Guyton text book physiology
The VHL/HIF oxygen-sensing pathway and prelevance to kidney disease
Press release: The Nobel Prize in Physiology or Medicine 2019
Hypoxia-Inducible Factor (HIF)-1 Regulatory Pathway and its Potential for Therapeutic Intervention in Malignancy and Ischemia
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :