نظر الإنسان إلى السماء متأملًا إياها بنجومها وكواكبها، ناظرًا إليها برهبة تصحبها رغبة في استكشافها، ومنذ اللحظة الأولى اخترع الإنسان الأساطير والملحمات الشعرية ليفسر نشأة ما يراه من عجب، ويطلق العنان لخياله ليرى ما يمكن أن يصير إليه الكون في النهاية.
لكن من أعظم ما توصل إليه الإنسان هو المنهج العلمي المُتبع حاليًا، إذ استطاع من خلاله التوصل إلى حقيقة نشأة الكون، وافتراض سيناريوهات محتملة لنهايته وفق ما يراه من حقائق، وليس من وحي خياله المحض.
محتويات المقال :
لا يجوز الحديث عن النهايات دون الحديث عن البدايات، تعالوا لنقصص عليكم قصة كوننا.
منذ ما يقرب من 13.8 مليار سنة، كان الكون كله محصورًا في نقطة صغيرة بلا أبعاد يدعوها الفيزيائيون «المفردة-singularity»، كانت هذه النقطة الصغيرة تحتوي الكون بأكمله، فكانت ذات كتلة وحرارة عظيمتين، ولأسباب مجهولة أخذ كوننا في التوسع بسرعة شديدة مقاومًا الجاذبية، وما زال مستمرًا في توسعه إلى الآن، ليس هذا وحسب، بل إن معدل توسعه في تزايد مستمر، لا نعلم إلى الآن القوى المسئولة عن هذا التوسع، فأطلقنا عليها اسم «الطاقة المظلمة-Dark Energy».
يمكننا تصور الصراع بين الجاذبية والطاقة المظلمة بلعبة شد الحبل، وفي هذا التصور سيكون الكون هو الحبل نفسه، حيث يحاول كل من الطرفين سحب الكون في اتجاه، تحاول الجاذبية سحق الكون على نفسه عن طريق التجاذب بين المجرات، بينما تحاول الطاقة المظلمة دفع المجرات بعيدًا عن بعضها البعض عن طريق خلق المزيد والمزيد من الفراغ بين المجرات.
والآن، دعونا نتناول ثلاثة سيناريوهات محتملة لنهاية الكون.
كما قد ذكرنا، فإن الجاذبية في صراع مع الطاقة المظلمة، ولكن ماذا إن انتصرت الطاقة المظلمة؟
ستبتعد المجرات عن بعضها البعض، نتيجة لتوسع الكون، ليس هذا وحسب، بل إن النجوم ستتناثر خارج مجراتها، ويستمر مفعول الطاقة المظلمة في التزايد، إلى أن تخرج الكواكب من مداراتها، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن تأثير الطاقة المظلمة سيزيد إلى أن الذرات لن تقوى على مقاومته، فتخرج الالكترونات من مداراتها، وتتفكك نوى الذرات، ليتحول الكون إلى حساء من الجسيمات الأولية التي تسبح في كل اتجاه دون أن يمس بعضها بعضًا بسبب اتساع الكون الرهيب.
ماذا إن انتصرت الجاذبية؟
لنفترض تلاشي الطاقة المظلمة في وقت من الأوقات، الأمر أشبه بإلقاء كرة إلى الأعلى، ترتفع الكرة ولكنها ستهبط لا محالة، قد يحدث أمر مشابه مع كوننا، حيث ستنفذ الطاقة المظلمة بعد زمن طويل، سامحة للجاذبية بالانتصار، حيث ستدفع الجاذبية المجرات نحو بعضها البعض، مُعيدة الكون إلى سيرته الأولى عندما كان مفردة صغيرة، وهنا تقبع مفاجأة مذهلة، حيث يمكن للمفردة أن تتوسع من جديد لتُنشئ كونًا جديدًا وفقًا لظاهرة تُدعى «النفق الكمومي-Quantum tunneling»، مما يعني أنه من الممكن أن يكون كوننا مسبوقًا ومتبوعًا بأكوان أخرى.
اختلف الفلاسفة في القديم على تصور نهاية الكون، هل سينتهي مُحترقًا أم متجمدًا؟
يخبرنا العلم أنه قد يموت متجمدًا(مع القليل من التحفظ).
عندما نشعر بالبرد في الشتاء نسارع بوضع أيادينا على شيء دافئ أو نجلس أمام المدفأة، وهكذا نقلل من شعورنا بالبرد، فالحرارة تنتقل من الجسم الأعلى حرارة للأقل، كما أن الأجسام الساخنة تفقد حرارتها مع الوقت، بفعل «الانتروبي-Entropy»، إذ أن كل شيء في الكون يميل إلى حالة السكون والهدوء، فإذا تركت كوبًا من الشاي الدافئ سيبرد مع الوقت، فالحرارة هي نتيجة تحرك الجزيئات بسرعة عالية لاكتسابها بعض الطاقة، وبما أن الجزيئات تميل إلى السكون، فستهدأ مع الوقت، ليبرد الشاي.
وهذا ما سيحدث مع الكون، إذ ستستمر المجرات في التباعد عن بعضها البعض، كما ستفقد النجوم حرارتها مع الوقت، ليموت الكون موتًا باردًا حيث تسكن جزيئاته في نهاية الأمر.
في الواقع لا، وهذا لسببين:
• قد يتضح أن كل هذا خاطئ، فهو مبني على معرفتنا العلمية الحالية القابلة للتغيير.
• هناك ما هو أجدر بالقلق، كالاحتباس الحراري وتناقص المساحات الخضراء على سبيل المثال لا الحصر.
قد يتبين لنا أن تصوراتنا عن نهاية الكون خاطئة، وقد لا يعيش جنسنا ليشهد نهاية الكون من الأساس، ولكن تبقى هذه الفرضيات هي أفضل ما نملك، لأنها مبنية على المنهج العلمي، وهو المنهج الأفضل لتقصي حقائق الكون وأخبار ماضيه ومستقبله.
اقرأ أيضًا الرد على أبرز ثلاث ادعاءات لأصحاب الأرض المسطحة
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…