يتحرك نسيج الزمكان حول النجوم بشكل دوامي: أينشتاين كان محقا!
منذ أكثر من قرن، وضع أينشتاين النظرية العامة للنسبية والتي تضم مجموعة من النظريات حول الجاذبية ونسيج الزمكان. ومع ذلك، اعتقد أينشتاين نفسه وقتها أن العديد من تنبؤاته حول المكان والزمان لن تكون ملحوظة أبدًا.
لكن السنوات القليلة الماضية شهدت ثورة في عالم الفيزياء الفلكية، بما في ذلك اكتشاف موجات الجاذبية وأول صورة لظل الثقب الأسود بواسطة شبكة عالمية من التلسكوبات.
وواحدة من تنبؤات النظرية العامة للنسبية ومن توقعاتها الأقل شهرة هي أن الأجسام التي تدور حول محورها معها يتحرك نسيج الزمكان حول النجوم بشكل دوامي. وكلما دار الجسم بشكل أسرع وزاد حجمه، زادت قوة السحب، فيما يعرف بتباطؤ الاطار المرجعي “frame dragging” وهو ما لاحظه العلماء في نظام يبعد عدة مئات من الكوادريليون كيلو متر (الكوادريون هو مليون مليار).
محتويات المقال :
لماذا لم تشاهد من قبل؟!
فيما قبل ومع كون الكون كبير للغاية من حولنا، فان هذة الظاهرة كانت غير قابلة للكشف وغير منطقية للمشاهدة، لأن تأثيرها ضئيل للغاية. فمثلا، يتطلب الكشف عن تباطؤ الاطار المرجعي الناجم عن دوران الأرض بالكامل حول محورها أقمارًا صناعية مثل المسبار Gravity Probe الذي تبلغ قيمته 750 مليون دولار أمريكي، كما يصعب اكتشاف التغييرات الزاوية في الجيروسكوبات – أداة لقياس اتجاه زوايا دوران النجوم – والتي تعادل درجة واحدة فقط كل 100،000 عام تقريبا.
الأقزام البيضاء
يسمى واحد من الأجسام التي لها صلة بهذا الأمر بالقزم الأبيض “white dwarf”. الأقزام البيضاء هي بقايا النوى من النجوم الميتة التي كانت ذات مرة أكبر عدة مرات من كتلة شمسنا، لكنها استنفدت وقود الهيدروجين خاصتها، وما تبقى منها مشابه في حجمه للأرض ولكن مئات الآلاف من المرات أكثر كثافة.
يمكن للأقزام البيضاء أن تدور بسرعة كبيرة، وتدور كل دقيقة أو دقيقتين، بدلاً من كل 24 ساعة مثلما تفعل الأرض. وبالتالي وطبقا للقاعدة التي ذكرناها من قبل “كلما دار الجسم بشكل أسرع وزاد حجمه، زادت قوة السحب” فإن تباطؤ الاطار المرجعي الناتج عن هذا القزم الأبيض ستكون قوته 100 مليون مرة تقريبًا مثل قوة الأرض ويكون ملحوظا لكن كيف نصل اليه؟!
كيف نصل للقزم الأبيض للمشاهدة!
كل هذا عظيم جدا، لكن لا يمكننا الطيران إلى قزم أبيض وإطلاق أقمار صناعية من حوله لمشاهدة كيف يتحرك الزمكان من حوله. ولكن لحسن الحظ، فإن الطبيعة لطيفة مع علماء الفلك ولديها طريقتها الخاصة في السماح لنا بمراقبتها، عبر النجوم المدارية التي تدعى النجوم النابضة ” pulsars”.
قبل عشرين عامًا، اكتشف تلسكوب “Parkes radio telescope” التابع لشركة “CSIRO” زوجًا فريدًا من النجوم يتكون من:
1- قزم أبيض (بحجم الأرض، ولكن حوالي 300000 مرة أثقل)
2- نجم نابض راديوي (بحجم مدينة، ولكن أثقل بمقدار 400000 مرة).
مقارنة بالأقزام البيضاء، فالنجوم النابضة من نوع أخر تمامًا، فهي ليست مصنوعة من ذرات تقليدية، ولكن من النيوترونات المرتبطة معا بإحكام، مما يجعلها كثيفة بشكل لا يصدق. والأكثر من ذلك، فإن النجوم النابضة في دراستنا تدور 150 مرة كل دقيقة وتصدر موجات رادوية في الفضاء والتي تصل الينا ونسجلها.
ومن خلال موجات الراديو المنبعثة من هذه النجم النابض، يمكننا استخدام هذا لتعيين مسار النجم النابض وهو يدور حول القزم الأبيض- والذي يدور مع انحناء نسيج الزمكان حوله – وعندما تصل موجاته إلى التلسكوب الخاص بنا وبمعرفة سرعة الضوء، كشفت هذه الطريقة أن النجمين يدوران حول بعضهما البعض في أقل من 5 ساعات.
كيف تشكل هذا النظام؟
عندما تولد أزواج من النجوم، يموت النجم الأكثر ضخامة أولاً، وغالبًا ما يخلق قزمًا أبيض، وقبل وفاة النجم الثاني، تنتقل مادته لتشكل قرص يدور حول رفيقه القزم الأبيض.
في حالات نادرة مثل هذه الحالة لدينا، يمكن للنجم الثاني أن ينفجر ويصل لما يعرف بمرحلة المستعر الأعظم “Super nova”، تاركًا وراءه نجمًا نابضًا. يقوم القزم الأبيض سريع الدوران بسحب المكان والزمان حوله، مما يحدث ميلا أثناء دورانه، وهذا الميل هو ما لاحظناه من خلال رسم خريطة للموجات الراديوية القادمة من مدار النجم النابض.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :