هل يمكن للحرمان من النوم أن يؤدي إلى الوفاة؟
لا شك أنك قرأت العديد من الأخبار، وشاهدت وثائقيات عدة تتحدث عن النوم، وربما تطرقت بعض منها إلى دراسة تأثير قلة النوم على صحة الإنسان.
يقضي البشر ثلث حياتهم نائمين، وقد اعتبر النوم حتى خمسينيات القرن الماضي جزءاً سلبياً وغير نشط من حياتنا اليومية، لكن اليوم نحن نعلم جيداً أن أدمغتنا تبقى نشطة بشدة حتى ونحن نغط في نوم عميق، كما أنه يؤثر على وظائفنا اليومية، وصحتنا الجسدية والعقلية بطرق عدة بدأنا نفهمها للتو.
إذا ما هو النوم؟
يحمل العديد منا فكرة غامضة عن ماهية النوم، وتحديد هذا الجزء الغامض ليس بالأمر السهل.
لا يمكننا معرفة ما يجري في أدمغتنا أثناء النوم، لأننا ببساطة نكون غير مدركين لما يجري حولنا، وحتى إن حاولنا مراقبة نوم الآخرين فإن الكثير مما يختبرونه من تغيرات في وظائف أدمغتهم، وأجسادهم لا يمكن رؤيته بسهولة من الخارج.
اكتشف علماء النوم هذه التغييرات، وعليه فإن تعريفهم للنوم مرتبط بأنماط مميزة لموجات الدماغ، والوظائف الفسيولوجية الأخرى، فالنوم ليس فقداناً للوعي أو غيبوبة، إنما هو حالة خاصة يمر بها الإنسان وتتم خلالها أنشطة كثيرة.
دورة النوم
مثلما تختلف العديد من الخصائص البشرية من شخص لآخر، تختلف أنماط النوم بشكل كبير إعتماداً على عوامل عدة منها؛ العمر، الحالة الصحية، ماهية عمل الشخص، إلى جانب الكثير من العوامل الأخرى. فاﻹنسان يمر خلال نومه بعدة مراحل ولكل منها دورها.
يكون النوم خفيفاً خلال المرحلة الأولى والثانية؛ وتبداً المرحلتان مع بداية النوم، ثم تبدأ المرحلتان الثالثة والرابعة أو ما يعرف بالنوم العميق،هاتين المرحلتين مهمتين ﻻستعادة الجسم نشاطه وفيهما يتم إفراز العديد من الهرمونات، منها هرمون النمو، والذي يعد مهما لنمو العضلات والعظام، كما أنه مهم في عملية التمثيل الغذائي للدهون، وبالتالي صحة الجسم.
ساعات النوم الصحية
يقدر العلماء ساعات النوم التي يجب علينا الحصول عليها لننعم بصحة جيدة ما بين 6- 8 ساعات يومياً، لكن مع وتيرة الحياة المتسارعة التي نعيشها اليوم، فإننا غالبا ننام ساعات أقل، وهذا قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطرة.
الحياة المتسارعة، الضغوطات، الأجهزة الذكية، كلها أسباب ذكرها الناس في العديد من الدراسات الاستقصائية التي أجراها الباحثون لمعرفة أسباب قلة النوم.
تأثيرات قلة النوم
أظهرت الدراسات أن النوم لساعات كافية يؤثر إيجابا على جهاز المناعة، وخاصة وظيفة الخلايا التائية، وبالتالي فهو يعزز مكافحته للجراثيم كما يحارب نمو الخلايا السرطانية.
كما أثبتت دراسات عدة أن مستوى الإبداع، والقدرة على حل المشكلات، وحتى القدرة على إجتياز الإختبارات له علاقة وطيدة بالنوم، فأولئك الذين لا يحصلون على قدر كاف من النوم يواجهون العديد من المشكلات سواء على المدى القريب أو البعيد.
فقد قدرت المؤسسة الوطنية الأمريكية للنوم ” National sleep foundation” أن أكثر من 60 بليون دولار يتم خسارتها سنوياً في أمريكا بسبب قلة الإنتاجية للعمال الذين يعانون من الحرمان من النوم. تتراوح مخاطر الحرمان من النوم من أعراض بسيطة إلى أعراض خطرة وقد تكون قاتلة.
فمن فقدان التركيز والانتباه، القلق، والمشكلات النفسية المختلفة كالهلوسات، وصولاً إلى أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، أمراض السكر والسمنة، وحتى الإكتئاب، والموت في حالة الحرمان التام من النوم لفترات طويلة.
في إحدى الدراسات التي أجراها باحثون في شيكاغو عام 1989م، حيث حرمت مجموعة من الفئران من النوم تماماً، بما في ذلك منعهم حتى من أخذ قيلولة؛ لاحظ العلماء بعد مرور 9- 13 يوماً أن جميع الفئران قد ماتت بالرغم من أنهم حرصوا على أن يتناول الفئران طعامهم في الأوقات المحددة، ولم يجدوا فيها أي تشوهات تشريحية، أو أسباب أخرى قد تؤدي إلى الموت سوى حرمانهم التام من النوم والذي ربما أدى إلى فشل تام في وظائف الأعضاء.
لا تزال الأبحاث قائمة من قبل العلماء والباحثين لمعرفة علاقة الحرمان من النوم بالموت، فعلى الرغم من تعدد الدراسات التي تبحث هذا الموضوع، يظل السؤال المهم دون حل؛ لماذا تموت الحيوانات عندما لا تنام؟
أخر الدراسات العلمية
الآن، حدد علماء الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد وجود علاقة سببية غير متوقعة بين الحرمان من النوم والوفاة المبكرة.
ففي دراسة عن ذباب الفاكهة المحروم من النوم؛ نشرت في مجلة الخلية- Cell في 4/ يونيو، وجد الباحثون أن الموت يسبقه دائماً تراكم جزيئات معروفة باسم ” أنواع الأكسجين التفاعلية- Reactive oxygen species” في الأمعاء.
عندما أعطيت ذبابة الفاكهة مركبات مضادة للأكسدة عملت على إزالة وتحييد ROS من الأمعاء، ظل الذباب المحروم من النوم نشطاً ولديه عمر طبيعي.
كما أكدت تجارب إضافية على الفئران أن ال ROS تتراكم في الأمعاء عندما يكون النوم غير كاف.
تشير النتائج إلى إمكانية بقاء الحيوانات بالفعل دون نوم في ظروف معينة، وقال العلماء أن هذه النتائج ستفتح سبلاً جديدة لدراسة وفهم العواقب الكاملة لقلة النوم، وقد تفيد يوماً ما في تصميم مناهج لمواجهة آثاره الضارة على البشر.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :