قدم العلماء في (Sakana AI Labs) ادعاءً رائدًا، حيث أنشأوا “عالِم الذكاء الاصطناعي” الذي يمكنه تحقيق اكتشافات علمية في مجال تعلم الآلة (machine learning) بمفرده. يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي هذا طرح الأفكار وتصميم وإجراء التجارب وتحليل النتائج وحتى كتابة ورقة بحثية، كل ذلك بتكلفة 15 دولارًا فقط. ولكن هل تستطيع الآلات حقاً أن تقوم بالعلم، وماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل البحث العلمي؟
و(Sakana AI Labs) هي شركة تهدف إلى إحداث ثورة في العملية العلمية باستخدام الذكاء الاصطناعي. الباحثون المشاركون في هذا المشروع هم خبراء في التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية.
محتويات المقال :
غالبًا ما تبدأ الاكتشافات العلمية بسؤال أو فجوة في فهمنا للعالم. في النطاق الواسع للمعرفة الإنسانية، هناك العديد من المجالات التي يكون فهمنا فيها غير مكتمل أو غير دقيق. ويمكن اعتبار هذه الفجوات بمثابة ألغاز تنتظر الحل، والعلماء هم من يحلون هذه الألغاز.
وتوجد إحدى هذه الفجوات في مجال تعلم الآلة، وهو مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي (AI). تعلم الآلة هو وسيلة لتعليم أجهزة الكمبيوتر كيفية التعلم من البيانات واتخاذ القرارات أو التنبؤات بناءً على هذا التعلم. ومع ذلك، فإن تعلم الآلة ليس مثاليًا، وهناك العديد من المجالات التي يمكن تحسينها.
فكر في تعلم الآلة كخريطة، والفجوات في المعرفة هي المساحات الفارغة على تلك الخريطة. إن العلماء مثل رسامي الخرائط، يحاولون ملء تلك المساحات الفارغة باكتشافات وفهم جديد.
ويشبه النظام الجديد رسام خرائط فائق الذكاء، يستخدم نماذج لغوية كبيرة (LLMs) لتوليد أفكار جديدة وملء تلك المساحات الفارغة. ولكن كيف تفعل ذلك، وهل من الممكن حقًا أن تقوم الآلة باكتشافات علمية؟
إن مفهوم البحث المعتمد على الذكاء الاصطناعي ليس جديدًا. في الواقع، تعود فكرة استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة الاكتشافات العلمية إلى خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عندما اكتشف علماء الكمبيوتر مثل ألين نيويل وهربرت سيمون لأول مرة إمكانات الآلات لمحاكاة قدرات الإنسان على حل المشكلات.
وفي الثمانينيات والتسعينيات، بدأ تطوير الأنظمة المتخصصة وخوارزميات التعلم الآلي يكتسب زخمًا. تم تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي المبكرة هذه لأداء مهام محددة، مثل تشخيص الحالات الطبية أو تحسين التصاميم الهندسية.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مكّن ظهور البيانات الضخمة والحوسبة السحابية من تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تطوراً، قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط المعقدة. وأدى ذلك إلى إنشاء أدوات بحثية مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
يوجد في قلب إعلان (Sakana AI Labs) نظام يدعي أنه يقوم بأتمتة عملية الاكتشاف العلمي بأكملها. يستطيع هذا العالِم الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي طرح الأفكار، وتصميم وإجراء التجارب، وتحليل النتائج، وحتى كتابة ورقة بحثية، كل ذلك دون تدخل بشري. ولكن كيف يعمل؟
يعتمد النظام على النماذج اللغوية الكبيرة التوليدية (LLMs) التي تم تدريبها على كميات هائلة من البيانات العلمية. يمكن لـ(LLMs) التعرف على أنماط اللغة وإنشاء نص جديد بناءً على هذا الفهم. وفي سياق البحث العلمي، يعني هذا أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إنتاج أوراق بحثية تبدو مشابهة بشكل مخيف لتلك التي كتبها العلماء البشريون.
لكن النظام يذهب إلى أبعد من مجرد إنشاء نص. حيث يتضمن أيضًا خطوة “مراجعة النظراء” (عملية تقييم عمل أو نشاط يقوم بها شخص ذو اختصاص وكفاءة في مجال العمل أو النشاط) (peer review)، حيث ينتقد نموذج لغوي كبير آخر الورقة التي تم إنشاؤها من حيث الجودة والحداثة. هذه محاولة لمعالجة الجانب الحاسم للاكتشاف العلمي وهو الحكم على قيمة وأهمية الأبحاث الجديدة.
يقوم نظام الذكاء الاصطناعي “بتقييم” أفكار الأوراق البحثية الجديدة من حيث تشابهها مع الأبحاث الموجودة، ويتم تجاهل أي أفكار مشابهة للغاية. وهذا جهد للتأكد من أن الأوراق البحثية التي ينتجها الذكاء الاصطناعي تجلب شيئًا جديدًا. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يحكم حقًا على قيمة مخرجاته؟
النتائج الحالية مختلطة، حيث انتقد البعض النتائج ووصفوها بأنها “فشل علمي لا نهاية له”. وحتى مراجعة النظام لمخرجاته تحكم على الأوراق بأنها ضعيفة في أحسن الأحوال. وهذا يثير المخاوف بشأن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على الحكم على جودة الأبحاث، ناهيك عن إنتاج أبحاث عالية الجودة بنفسها.
إحدى القضايا الرئيسية هي أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى الحكم البشري ومهارات التفكير النقدي، والتي تعتبر ضرورية لإنتاج مساهمات علمية جديدة وقيمة.
وأحد المخاوف هو أنه إذا غمرت الأوراق التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي الأدبيات العلمية، فقد يتم تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقبلية على مخرجات الذكاء الاصطناعي وتخضع لانهيار النموذج. وهذا يعني أنها قد تصبح غير فعالة بشكل متزايد في الابتكار.
علاوة على ذلك، فإن قدرة أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحديد الأخطاء وتصحيحها في الأبحاث التي يتم إنشاؤها تلقائيًا لا تزال غير مثبتة. وقد يؤدي هذا إلى طوفان من الأبحاث ذات الجودة المنخفضة التي من شأنها أن تطغى على قدرة العلماء البشريين على المراجعة والتصحيح. وقد تكون العواقب المترتبة على ذلك بعيدة المدى، فتؤدي إلى تآكل الثقة في العملية العلمية وتقويض سلامة المعرفة العلمية.
إن ظهور عالِم بالذكاء الاصطناعي يطرح السؤال التالي: ما الذي يحمله مستقبل العلم؟ هل سيتم استبدال العلماء البشريين بنظرائهم الاصطناعيين، أم أننا سنشهد تعاونًا متناغمًا بين البشر والذكاء الاصطناعي؟ تكمن الإجابة في فهم نقاط القوة والضعف في كل من الذكاء البشري والاصطناعي.
فمن ناحية، يستطيع علماء الذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة ودقة غير مسبوقة، مما يجعلها مثالية للمهام التي تتطلب قابلية التوسع والدقة. ومع ذلك، فإنهم يفتقرون إلى الإبداع والحدس والتفكير النقدي الذي يقدمه العلماء البشريون.
إن المستقبل المثمر هو مستقبل يتولى فيه الذكاء الاصطناعي المهام الصعبة، مثل تحليل البيانات والمراجعة، بينما يركز العلماء البشريون على مستوى التفكير الأعلى والإبداع والحكم المطلوب لدفع التقدم العلمي الهادف. ومن الممكن أن يؤدي هذا التعاون إلى طفرة في الإنجازات العلمية، حيث يعمل البشر والذكاء الاصطناعي معًا لمعالجة المشكلات المعقدة.
ومن ناحية أخرى، يتعين علينا أن نعترف بالمخاطر المرتبطة بالإفراط في الاعتماد على علماء الذكاء الاصطناعي. وكما رأينا مع نظام (Sakana AI)، فإن الافتقار إلى الرقابة البشرية يمكن أن يؤدي إلى إنتاج أبحاث منخفضة الجودة مما يؤدي إلى إغراق الأدبيات العلمية. وقد يكون لهذا عواقب مدمرة، مثل تآكل الثقة في العملية العلمية وإعاقة التقدم الحقيقي.
وفي نهاية المطاف، يعتمد مستقبل العلم على قدرتنا على تحقيق التوازن بين نقاط القوة في الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي. ومن خلال تبني الذكاء الاصطناعي كأداة لتعزيز القدرات البشرية، بدلا من استبدالها، يمكننا أن نضمن أن يظل العلم مجالا حيويا وديناميكيا يدفع البشرية إلى الأمام.
Newly Created ‘AI Scientist’ Is About to Start Churning Out Research | science alert
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…