محتويات المقال :
هل يستبدل الذكاء الاصطناعي دور المصمم؟
وفقًا لـ “صحيفة الإيكونومست” سيتم استبدال 47٪ من العمل الذي ينجزه البشر بالروبوتات بحلول عام 2037، حتى تلك المرتبطة بالتعليم الجامعي التقليدي. على مدى 50 عامًا، كان البشر قلقون من قيام الآلات بوظائفهم، وفي بعض الحالات، تحول هذا الخوف الى حقيقة. ولكن في مجالات التصميم يجني المصممون المبدعون فوائد الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (Machine Learning) في التصميم والعمارة. فيوفر المصممون المزيد من الوقت للإبداع، بينما تتعامل أجهزة الكمبيوتر مع المهام التكرارية المعقدة التي تعتمد على البيانات. لكن التقدم الحقيقي في المجال يعني تحدي التعاريف التقليدية للتصميم والمصممين واعادة تعريف دور المصمم، من العمارة إلى الهندسة إلى التصنيع.
في حين أن بعض المصممين سيواجهون صعوبة في التخلص من النماذج التقليدية، سيشجع آخرون الحرية الإبداعية الجديدة التي يوفرها التعلم الآلي في العمارة. ورؤية هذه التطورات كأدوات بدلاً من عقبات يمكن أن يؤدي إلى التحرر من قيود النماذج القديمة التقليدية لدور المصمم.
تشجيع الذكاء الاصطناعي لأتمتة التصميم
يطلق مصطلح (أتمتة – Automation) على إسناد المهام التي كان يقوم بها الانسان أو المهام المستحيل القيام بها الى الآلة، لتصبح مهام آلية تلقائية. ويأخذ المجتمع الحديث الأتمتة كأمرًا مفروغًا منه. وبينما قد لا يُطلق عليهم مصطلح “روبوتات”، لكن الهواتف والطابعات وأجهزة الميكروويف والسيارات والمساعد الصوتي “اليكسا”، كلها مهام آلية لكن يتم إجراؤها يدويًا. وبالرغم أن التقنيات الآلية ليست جديدة؛ لكنها تتطور مؤخرًا، بنفس الطريقة التي يتطور بها العقل البشري وبالطريقة التي يعالج بها المعلومات.
العمليات الآلية هي بالفعل جزء لا يتجزأ من التصميم؛ لكننا سميناهم بشكل مختلف. يقول Jim Stoddart من استوديو The Living للعمارة:
“إذا كنت أقوم بتصميم شيء في برنامج (Revit)، وينتج البرنامج تلقائيًا مستندات منسقة لبناء هذا الشيء، فإنها أتمتة. إنه يفعل كل الأشياء التي اعتدت فعلها يدويًا.”
توفر الحوسبة المتطورة مزيدًا من الفرص لموازنة ذكاء الإنسان والآلة، مما يتيح لكل منهما القيام بما هو أفضل له. يقول Mike Mendelson، محاضر معتمد ومصمم مناهج في Nvidia Deep Learning Institute:
“إن أجهزة الكمبيوتر ليست جيدة في الحلول الإبداعية مفتوحة النهاية؛ فهذا لا يزال محجوزًا للبشر. لكن من خلال الأتمتة، يمكننا توفير وقت القيام بالمهام المتكررة، ويمكننا إعادة استثمار هذا الوقت في التصميم.”
الثقة في التصميم المعتمد على البيانات
في الوقت الحاضر،يمكن للمصممين إنشاء واختبار نماذج لا حصر لها قبل اعتماد أي تصميم فعلي في الإنشاء، مما يوفر الوقت والمال والموارد. في حين أن بعض سمات التصميم التي تساهم في خلق فراغًا “مثاليًا” -مثل الإضاءة النهارية، والمشتتات البصرية، وما إلى ذلك- يمكن قياسها كمياً، فإن تفضيلات الإنسان تميل إلى أن تكون معقدة للغاية بحيث لا يمكن قياسها يدويًا.
يقول Zane Hunzeker، مدير التصميم الإفتراضي والإنشاء في شركة Swinerton Builders:
“إن الشركة تستخدم بالفعل برنامجًا لتحسين التصميم استنادًا إلى تعليقات المستخدمين. أحد برامجنا في الواقع الافتراضي (VR) سيتتبع المكان الذي تنظر إليه، وإذا توقفت ونظرت إلى شيء لأكثر من نصف ثانية، فسيضع علامة صغيرة في تلك المنطقة، ثم تكرر هذا لـ 25 شخصًا في هذا المكتب، وبالتالي، تعرف أين يريد الناس أن ينظروا، وبعد ذلك يمكنك إدخال ذلك في التعلم الآلي. حتى تتمكن من توجيه أثاثك بطريقة محددة، على سبيل المثال.”
وعلى هذا النحو، يمكن تحسين التصميم بسهولة قبل تناول آخر رشفة من قهوة الصباح. كما يمكن أن يمتد تقييم (التصميم المعتمد على البيانات – Data-Driven Design) إلى مفاهيم عالية المستوى. كما يوضح Stoddart:
“يمكننا وضع شخص ما في الواقع الافتراضي، حيث يكون داخل الفراغ ونسأله، ‘هل هذا مثير أم لا؟ هل يشعرك بالترحيب؟ هل هو جميل؟’ بعد ذلك يمكننا تغذية تلك البيانات في نظام للتعلم الآلي بإعتباره (مشكلة تعلم خاضعة للإشراف من المصمم)، وفي الواقع، هذا البرنامج يساعدنا على التنبؤ، من بين الآلاف من التصميمات التي ننتجها، أي منها يقدم حلول مثيرة وذات صفات مكانية ومادية عالية المستوى والتي تستحق المزيد من الاستكشاف. “
إذًا كيف يمكن للبشر أن يتعلموا الثقة بالذكاء الاصطناعي في العمارة؟
يقول Stoddart إن الأمر كله يتعلق بالتحقق من صحة المخرجات (Validation):
“في الوقت الحالي يمكننا التحقق من صحة المخرجات، ويمكننا أن نثق بها، يمكننا في الواقع السماح له بالبدء في استكشاف الأفكار بمعنى أوسع. ليس فقط لتأكيد الأشياء التي نعرفها بالفعل، ولكن من الأفضل أن توضح لنا طرقًا بديلة لفعل الأشياء التي ربما لم نفكر فيها من قبل. “
ولكن هل يستبدل الذكاء الاصطناعي دور المصمم؟
قدرت “صحيفة التلغراف” احتمالية أن يستبدل الذكاء الاصطناعي لعدد 700 وظيفة، من دراسة أجرتها جامعة أكسفورد نشرت في عام 2013. والأخبار السارة أنه يتمتع المعماريون بواحد من أقل معدلات الاستبدال بالذكاء الإصطناعي (يبلغ 1.8٪)، وذلك مع مصممي الأزياء (2.1٪)، ومهندسي الفضاء (1.7٪)، وأخصائي علم الأحياء المجهرية (1.2٪)، وفناني الماكياج المسرحي (1٪)، علماء الأنثروبولوجيا (0.8 ٪) ومصممي الرقصات (0.4 ٪).
الأتمتة والذكاء الاصطناعي، في الوقت الحالي، لن يستبدل دور المصمم، ولكن هذا لا يعني أن المجال لن يخضع لتحولات عميقة في ممارسته: الكمبيوتر والبرامج تقضي على الأنشطة المتكررة الشاقة، وتزيد إنتاج المواد إلى الحد الأمثل، وتسمح بتصغير حجم المكاتب المعمارية. فمع مرور الوقت، هناك حاجة إلى عدد أقل من المعماريين لتطوير مشاريع أكثر تعقيدا.
في النهاية، لا يزال الإبداع عالم العقل البشري وحده. وبفضل الذكاء الاصطناعى، أصبح لدى البشر القدرة على خلق وتصميم العالم الذي يريدون العيش فيه وترك العمل الشاق للآلات.
المصادر:
How Machine Learning in Architecture Is Liberating the Role of the Designer
?Will Automation Affect Architects
إقرأ أيضًا: كيف ستطور تكنولوجيا نمذجة معلومات البناء (BIM) من تصميم وإنشاء المباني؟
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :