هل يتأثر تغير المناخ بصحة الإنسان ؟
ربما يتفق الجميع أن التغيرات المناخية لها تأثيرات سلبية على صحة الإنسان. فتشير الدراسات أن انبعاث الكربون والغازات الدفيئة عمومًا يساهم في تفاقم معدلات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي كالربو.
بالإضافة للظروف المناخية المتطرفة من عواصف وفيضانات ودرجات الحرارة العالية فقد زادت درجة حرارة الأرض خلال القرن الماضي 1.5 درجة فهرنهايت. فمن المؤكد أن تتأثر صحة الإنسان بتلك الظروف المناخية، ولكن هل يمكن أن يتأثر المناخ بصحة الإنسان؟
وهل الرعاية الصحية السليمة للإنسان تعتبر في حد ذاتها رعاية للبيئة ؟
محتويات المقال :
علاقة الرعاية الصحية بتغير المناخ:
علي الرغم أن الرابط بين الرعاية الصحية والتغير المناخي غير واضح إلا أن القضيتين تُعتبران من أهم التحديات التي تواجه العالم. وفي الواقع القضيتان متصلتان أكثر مما يتوقع، فكل ثانية تختفي أكثر من مائة شجرة من الغابات الاستوائية حول العالم. وهذه الغابة تعد من أهم خزانات الكربون في العالم وضرورية لإبطاء تغير المناخ والانقراض وتقليل الأمراض المرتبطة بالحرارة.
قد أوضح ذلك الرابط دراسة قام بها «أندي ماكدونالد – Andy MacDonald» جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا. والذي يفسر كيف ساعد دعم الرعاية الصحية في إندونيسيا والمناطق الريفية خصوصًا في التقليل من القطع الجائر للأشجار في إحدى الحدائق الوطنية؛ مما أدى إلى تجنب انبعاثات الكربون بنسبة تعادل ملايين الدولارات لمعالجة هذه الانبعاثات، ولكن كيف حدث ذلك؟
وحدة رعاية صحية وبيئية:
قد أجابت الأبحاث على ذلك السؤال حيث انخفضت إزالة الغابات في تلك الحديقة الوطنية بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة. بعد افتتاح عيادة معتدلة التكاليف في المنطقة بدعم من الحكومة المحلية وشركتا «Health in harmony-هايلث إن هارموني» «شيت ليستري lestari sheat -ألما» غير هادفتان للربح. وهذا يعادل أكثر من 65 مليون دولار لمعالجة انبعاثات الكربون بحسب الدراسة.
أوضحت الدراسة العلاقة القوية بين صحة الإنسان والحفاظ على الغابات الاستوائية في العالم النامي. وقد ذكر العالم « أندي ماكدونالد-Andy MacDonald» وهو باحث في معهد علوم الارض الذي شارك في الدراسة مع «David Lopez -ديفيد لوبز» من جامعة ستانفورد أن العيادة الاندونيسية. كانت جاهزة لاستقبال آلاف المرضى من خلال طرح مقايضات كمدفوعات بديلة. مثل قبول شتلات أشجار وحرف يدوية كطريقة للدفع، بالإضافة إلى أنها تمنح خصومات بناءًا على انخفاض قطع الأشجار على المستوى المحلي. وقدمت العيادة حسومات للقرى يمكن أن تظهر أدلة على الانخفاض في قطع الأشجار.
النموذج على مستوى عالمي:
استناد إلى انخفاض مستوى قطع الأشجار محليًا ونظرًا لنجاح هذا النموذج يمكن أن توفر مخططًا للحفاظ على تداعيات انبعاثات الكربون. ويساهم ذلك في الحد من تكلفة معالجة هذه التداعيات وتوظيف هذه الميزانية في علاج مشكلات أخرى مثل نقص الغذاء والرعاية الصحية.
وتشير الباحثة « Michele Barry-ماشيل باري» مديرة مركز الابتكار في منظمة الصحة العالمية أن هذا النموذج المبتكر له آثار صحية عالمية واضحة. حيث يمكن معالجة الصحة والمناخ في انسجام تام ويأتي ذلك بالتنسيق مع المجتمعات المحلية واحترامها.
حيث أن النماذج الحالية للحفاظ على الغابات الإستوائية تستبعد السكان المحليين وتحرمهم من حقوقهم. ويؤدي هذا الفشل في تلبية احتياجات الناس خصوصًا المجتمعات التي لا تملك بدائل اقتصادية إلى القطع الجائر للأشجار والاستغلال السيئ للأرض حيث يؤدي عدم الوصول إلى رعاية صحية وبأسعار معقولة إلى تفاقم المشكلة.
استشفاء ثنائي:
أوضحت السجلات الصحية للمرضى في العيادة إلى جانب تقارير الأقمار الصناعية في الوقت الذي أدت فيه الرعاية الطبية إلى انخفاض كبير في أمراض مثل السل والملاريا والسكري. أظهرت الأقمار الصناعية انخفاض في إزالة الغابات بنسبة 70% ما يعادل أكثر من 6770 فدانًا من الغابات المطيرة.
وأشارت البيانات إلى أن أكثر حالات التوقف عن قطع الأشجار حدثت بالقرب من القرى ذات أعلى معدلات إقبال على العيادة.
مازالت العيادة نشطة، ويعمل الباحثون على ربط التداعيات في إندونيسيا مع وباء كوفيد ١٩، لذا فإن صحة الإنسان جزء لا يتجزأ من صحة البيئة، ربما حان الوقت لاستيعاب ذلك .
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :