في الفضاء الشاسع، تولد النجوم، وتعيش، ثم تموت. ولكن عندما يموت النجم، فإنه يمكن أن يطلق العنان لكمية لا يمكن تصورها من الطاقة في انفجار يعرف باسم المستعر الأعظم. يمكن أن يكون عرض الألعاب النارية النجمية قويًا جدًا لدرجة أنه يمكن رؤيته من على بعد ملايين السنين الضوئية، بل ويمكنه أيضًا التأثير على الغلاف الجوي للأرض. ولكن هل يمكن لمستعر أعظم أن يدمر الأرض؟ وما هي فرص حدوث ذلك؟
محتويات المقال :
كيف تموت النجوم؟
إن دورة حياة النجم عبارة عن توازن دقيق بين جاذبيته والتفاعلات بداخله. مع تقدم عمر النجم، فإنه يستنفد وقوده، وتتولى الجاذبية زمام الأمور، مما يتسبب في انكماش النجم وارتفاع حرارته. تتراكم هذه الحرارة إلى نقطة حرجة، مما يؤدي إلى انهيار النجم تحت تأثير جاذبيته وانفجار هائل يؤدي إلى تفجير النجم.
إن النجم يشبه طنجرة ضغط سماوية ضخمة، حيث تعمل التفاعلات النووية على زيادة الضغط والحرارة بداخله. ومع تقدم عمر النجم، تبدأ الطنجرة في الاهتزاز والغليان، وتصل في النهاية إلى نقطة الانهيار، ثم ينفجر النجم، ويطلق كمية هائلة من الطاقة في الفضاء.
بالنسبة للنجوم الضخمة مثل منكب الجوزاء (Betelgeuse)، تكون هذه الطاقة المتفجرة هائلة جدًا بحيث يمكن رؤيتها على بعد ملايين السنين الضوئية. الانفجار قوي جدًا لدرجة أنه يدمر الطبقات الخارجية للنجم، تاركًا وراءه إما نجمًا نيوترونيًا أو ثقبًا أسود.
القدرات التدميرية للمستعر الأعظم
أولاً، هناك موجة الصدمة الناتجة عن الانفجار نفسه. ولكن، إذا كنت قريبًا بما يكفي من المستعر الأعظم لتشعر بالقلق بشأن موجة الصدمة، فهذا يعني أنك كنت قريب بما يكفي من النجم قبل أن يتحول إلى مستعر أعظم لتلقي جرعة مميتة من الإشعاع بالفعل، وكان ينبغي لك حقًا أن تبتعد منذ فترة طويلة.
بعد ذلك، هناك الضوء المرئي. ورغم أنه قد يكون قوياً للغاية وقد يؤدي إلى العمى، فإنه لن يكون عاملاً في إلحاق الضرر بكوكبنا.
عند الحديث عن إنتاج الطاقة، فإن الغالبية العظمى من الطاقة المنبعثة من المستعر الأعظم تكون في شكل نيوترينوات، وهي جسيمات شبحية نادراً ما تتفاعل مع المادة. في الواقع، هناك تريليونات من النيوترينوات تمر عبر جسمك الآن، وأنا أراهن أنك لم تلاحظها حتى. لذا حتى لو تلقيت كمية هائلة من النيوترينوات، فلن يزعجك ذلك.
ولكن ماذا عن الأطوال الموجية الأخرى للضوء، مثل الأشعة السينية وأشعة جاما؟ الخبر السار هو أن المستعرات العظمى لا تنتج عادة كميات كبيرة من الإشعاع عالي الطاقة. ولكن الخبر السيئ هو أن هذا يحدث فقط على نطاق نسبي. وعلى أي مقياس مطلق معقول، مثل عدد أشعة جاما التي تمر عبر الغلاف الجوي، فإنها لا تزال تشكل قدراً هائلاً من الإشعاع عالي الطاقة.
وأخيرًا، هناك الأشعة الكونية، وهي جسيمات تتسارع إلى سرعة الضوء تقريبًا. وتستطيع المستعرات العظمى أن تنتج كميات وفيرة من الأشعة الكونية، التي قد تتسبب في أضرار جسيمة.
مستعر أعظم يدمر الأرض
إن هذه الأشكال من الإشعاع التي ذكرناها تحمل من الطاقة ما يكفي لتمزيق جزيئات النيتروجين والأكسجين. وتفضل هذه العناصر في الغلاف الجوي للأرض أن تطفو على شكل جزيئات. ولكن بمجرد تفككها، فإنها تتحد بطرق مثيرة للاهتمام ورائعة، على سبيل المثال، فإنها تنتج أكاسيد النيتروجين المختلفة، بما في ذلك أكسيد النيتروز، المعروف باسم غاز الضحك، وهو ما يؤدي إلى استنزاف طبقة الأوزون.
إن عدم وجود طبقة الأوزون يجعل الأرض عُرضة للأشعة فوق البنفسجية من الشمس. وهذا لا يعني فقط انك ستصاب بحروق جلدية أو معدلات أعلى من سرطان الجلد. بل إن الكائنات الحية الدقيقة التي تعتمد على التمثيل الضوئي، مثل الطحالب، تصبح عُرضة للخطر. حيث أنها تتعرض للاحتراق وتموت. ولأنها تشكل الطبقة الأساسية للسلسلة الغذائية، فإن النظام البيئي بأكمله ينهار ويحدث انقراض جماعي.
يجب أن يكون المستعر الأعظم على بعد 25 إلى 30 سنة ضوئية من الأرض ليتسبب في إزالة نصف طبقة الأوزون على الأقل، وهو ما يكفي لإثارة كل الأشياء السيئة المذكورة أعلاه.
لا توجد أي مستعرات عظمى معروفة على مسافة 30 سنة ضوئية من الأرض. إن أقرب مرشح، وهو نجم السِّماك الأعزل (Spica)، يبعد حوالي 250 سنة ضوئية. ولا توجد نجوم يمكن أن تتحول إلى مستعرات عظمى وتقترب من الأرض على مسافة 30 سنة ضوئية خلال حياتها. لذا فنحن آمنون في هذا الصدد، على الأقل في الوقت الحالي.
هل توجد تهديدات مستقبلية؟
إن نظامنا الشمسي يدخل للتو ذراع الجبار الحلزونية (Orion spiral arm) لمجرة درب التبانة، والأذرع الحلزونية معروفة بمعدلاتها المتقدمة في تكوين النجوم. لكن المعدلات الأعلى لتكوين النجوم تعني معدلات أعلى لوفاتها، مما يعني فرصة أكبر من المتوسط لملاقاة نجم يموت خلال العشرة ملايين سنة التي سوف تستغرقها عملية عبور الذراع.
وبمجرد أن تأخذ كل هذه العوامل في الاعتبار، فإنك ستنتهي إلى تقديرات لاحتمال وقوع انفجار مستعر أعظم قاتل عدة مرات كل مليار سنة.
في الواقع، يعتقد بعض علماء الفلك أن المستعر الأعظم القريب تسبب في انقراض جماعي منذ 360 مليون سنة، مما أدى إلى مقتل 75% من جميع الأنواع.
حالات أخرى للمستعر الأعظم
لا ينطبق هذا التحليل إلا على المستعرات العظمى النموذجية العادية. هناك أيضًا حالة خاصة حيث يحيط بالنجم المحتضر طبقة سميكة من الغبار. وعندما تضرب موجة الصدمة الناتجة عن المستعر الأعظم هذا الغبار، فإنها تطلق طوفانًا من الأشعة السينية، يتبعه انفجار من الأشعة الكونية بعد قرون. إنها ضربة مزدوجة سيئة، حيث يمكن للأشعة السينية أن تنتقل لأكثر من 150 سنة ضوئية، مما يؤدي إلى إضعاف الغلاف الجوي للكوكب، ثم بعد بضع مئات من السنين، تنهي الأشعة الكونية المهمة.
وهناك أيضًا المستعرات العظمى من النوع الأول “Ia”، والتي تحدث عندما تتراكم المواد في الأقزام البيضاء من رفيق يدور حولها. ولكن الأقزام البيضاء صغيرة وخافتة عمومًا، لذا يصعب اكتشافها كثيرًا، وتطورها النهائي نحو المستعرات العظمى يكون أكثر عشوائية. ففي يوم ما، تكون الأقزام البيضاء موجودة، وفي اليوم التالي، تتحول إلى جحيم نووي.
ولكن قبل أن تشعر بالراحة، عليك أن تعرف عن انفجارات أشعة جاما، التي تنتج عن اندماج النجوم النيوترونية أو المستعرات مفرطة العظمة (hypernovas). وهي أكثر خطورة لأنها قوية بشكل لا يصدق وتركز طاقاتها المتفجرة في حزم ضيقة يمكنها السفر أكثر من 10 آلاف سنة ضوئية عبر مجرة. ولأن انفجارات أشعة جاما أبعد كثيراً من المستعرات العظمى، فإن التنبؤ بها والتخطيط لها أكثر صعوبة.
المصدر
Could a supernova ever destroy Earth? | space
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :