تقنية

هل من الممكن أننا نعيش بالفعل في عالم افتراضي؟

يقول الفيلسوف «نيك بوستروم-Nick Bostrom» من جامعة أوكسفورد أن البشرية مرت أو ستمر بإحدى السيناريوهات التي يفرض إحداها أننا نعيش بالفعل في محاكاة!
ففي السيناريو الأول، يفترض البروفيسور أن الحضارة البشرية وجميع الحضارات الأخرى الموجودة وغير المكتشفة ستنقرض قبل أن تتمكن من بناء أجهزة تحاكي الواقع الذي تعيش فيه، فقد تنقرض بسبب الاحتباس الحراري مثلًا، أو بسبب جائحة أو كوكب مدمر للأرض أو غير ذلك، أما الثاني، فيفترض أن الحضارات قد تصل إلى المستوى الذي يمكنها من بناء أجهزة محاكاة للواقع، ولكن لن تقوم بذلك لسبب معين، قد يكون أخلاقي أو اقتصادي أو غير ذلك، والسيناريو الثالث وهو الأخطر، يفترض أننا سوف نصل الى المرحلة التي تمكننا من بناء هذه الأجهزة، وبالتالي هذا يؤدي الى أننا نعيش بالفعل في محاكاة!


في كتاب نشره «ريزوان فيرك-Rizwan Virk» عام 2019 والذي يدعى ب «The Simulation Hypothesis» أو فرضية المحاكاة، يقوم الكاتب فيه بإزالة الغطاء عن النظرية التي تحدث بها بوستروم ومدى قدرتنا التكنولوجية التي قد تمكننا من الوصول لما دعاه «نقطة المحاكاة-Simulation point» والتي نستطيع عندها بناء محاكاة لكل شيء موجود ضمن هذا الكون.

قبل أن نبدأ بطرح الأفكار، لنسأل أنفسنا هذا السؤال، هل من الممكن حقًا أن نكون الآن في عالم افتراضي؟

هناك العديد من الظواهر التي يمكن تفسيرها عن طريق فرضية المحاكاة بشكل أفضل من الفرضيات الفيزيائية، فمثلًا، عند محاكاة الأجسام المحيطة الموجودة بلعبة مثلًا، تقوم اللعبة بخلق-render الأجسام الموجودة أمام اللاعب فقط بهدف استمثال موارد الحاسوب، وهذا يتوافق مع المشاهدات الموجودة في الفيزياء الكمومية.

ما هي الأمثلة الموجودة في الفيزياء الكمومية والتي تعد دليلًُا على ذلك؟

لنفرض وجود نجم يبعد عنا مليارات السنين الضوئية، يبث هذا النجم أشعة ضوئية قد تعترضها إحدى المجرات “أو أي جسم كوني جاذبيته عالية” عند محاولتها الوصول الى كوكب الأرض، بالتالي بحسب نسبية آينشتاين العامة، فإن شعاع الضوء سينحرف على يمين أو يسار الجسم الكوني بسبب جاذبية الجسم الكوني المرتفعة، وبحسب ميكانيكا الكم، فإن هذا الضوء سيصل الى الأرض من الطريق الأول، أو الثاني، أو الطريقين معًا! ولن يتحدد هذا الطريق إلا في حال قرر مراقب ما موجود على الأرض النظر للضوء عند وصوله، عندها سيجد أنه سلك إحدى الطرق فقط وليس جميعها، ذلك أنه قبل أن يقوم المراقب بملاحظة هذا الضوء، قام الضوء بعبور جميع المسارات الممكنة بسبب سلوكه الموجي، ولكن عند تعرضه للمراقبة، سلك سلوك جسيم وأتى من طريق واحد فقط!

تعد هذه التجربة محاكاة لتجربة شهيرة قام بها العالم الأميركي جون ويلر والتي استبدل فيها النجم بمصدر ضوئي، ووضع بدل المجرة حائط ذو شقين وأمام الحائط بمسافة معينة قام بوضع شاشة لرصد الضوء المنعكس عليها.
عند عدم وجود مراقب لهذه الفوتونات وجد أنها تعبر من الشق الأول أو الثاني او كليهما لتشكل على الشاشة نمطا متداخلا يدل على سلوكها الموجي، ولكن عند وضع راصد عند الشقين يسلك الضوء سلوك جسيم ليعبر من احدى الشقين فقط!

Related Post
صورة توضيحية لتجربة جون ويلر

في حال كنا نعيش بعالم افتراضي وكان هذا العالم مطابق للواقع، أليس من الأفضل اذًا عدم التفكير بهذا الموضوع نهائيًا؟

بحسب ريزوان فيرك، هناك العديد من الناس التي تفضل عدم معرفة الحقيقة، ولكن من الضروري أن ندرك أي نوع من الشخصيات الموجودة نحن.
لنشبه الموضوع بلعبة فيديو، هنالك شخصيات رئيسية تتبع قواعد معية للوصول لهدف معين، في حال استطعنا أن ندرك أننا شخصية رئيسية، فقد نحصل على Hints أو دلائل لاستكشاف هذا العالم بشكل أفضل والحصول على معلومات أكثر، ولكن في حال كنا شخصيات ثانوية، فهذا يعد أمرًا مرعبًا، مالهدف من المحاكاة، ومن يقوم بهذه المحاكاة، وهل جميع الشخصيات المحيطة شخصيات ثانوية أم أن هناك شخصيات مميزة عن الأخرى.

اذًا، كم من الوقت سنستغرق حتى نتمكن من بناء عالم افتراضي متكامل؟

يقول ريزوان فيرك أن البشرية عليها أن تمر بعشرة مراحل لتصل لما يسمى ب “نقطة المحاكاة” حيث يقدر أننا في المرحلة الخامسة تقريبًا بوجود الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وتمثل المرحلة التالية بناء شخصيات افتراضية بدون الاستعانة بالنظارات الخاصة بالواقع المعزز، وقد بدأنا بهذه المرحلة بالفعل، ولكن هناك عائق بسيط أمام هذه المرحلة، هو أنه في فلم المصفوفة أو the matrix، استطاعت الشخصيات الدخول إلى العالم الافتراضي عن طريق أداة موصولة بالنخاع الشوكي، وهو الذي يشكل واجهة تخاطب بين المصفوفة والعقل البشري، ولكن الأبحاث البيولوجية مازالت في مراحل مبكرة في دمج الآلة مع العقل البشري وتحتاج عدة عقود حتى نتمكن من بناء واجهة تخاطبية كاملة مع الآلة.

Vox

Interesting Engineering

Nick Bostrom Paper

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Author: Yazan Aamer

Yazan Aamer

View Comments

Share
Published by
Yazan Aamer

Recent Posts

ابتكار واقي شمس بتقنية جديدة لتبريد الجلد

عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…

يوم واحد ago

العثور على مومياوات مصرية قديمة بألسنة وأظافر ذهبية

اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…

يوم واحد ago

بناء منازل على المريخ باستخدام الدم البشري

ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…

يوم واحد ago

خلايا المخ تتطور بشكل أسرع في الفضاء وتظل بحالة جيدة!

من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…

يومين ago

ما هو الويب 3.0 وكيف سيحمي بيانات المستخدمين وخصوصيتهم؟

الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…

يومين ago

كيف يمكن مشاهدة انفجار المستعر الأعظم قبل حدوثه؟

لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…

يومين ago