صحة

هل ما زلنا نستخدم أول دواء تم تصنيعه؟

هل ما زلنا نستخدم أول دواء تم تصنيعه؟

البحث عن الأدوية قديمًا

حاول الإنسان في العصور القديمة دائمًا البحث عن أعشاب وعقاقير من المصادر الطبيعية لتخفيف آلام المرضى، حيث بدأ في التجربة باستخدام بعض الأعشاب كمراهم للحد من آثار الجروح والإصابات. 

وجد علماء الآثار وصفًا لاستخدام الأعشاب في العلاج في وثائق ومدونات على أوراق مثل أوراق البردي تخص الحضارة المصرية القديمة والحضارة اليونانية. وكانت هناك العديد من الكتب التي تتحدث عن الأمراض والأدوية، وظهرت أول الصيدليات في بغداد عام ٧٥٤ م. فـ هل ما زلنا نستخدم أول دواء تم تصنيعه؟

استخلص العلماء المورفين أيضًا من الأفيون عام ١٨٠٤ م لاستخدامه في تسكين الآلام، وكانت النباتات أو الأعشاب قبلها تستخدم بشكل كامل في العلاج.

اكتشاف الكلورال هيدرات

قام العالم « justus von liebig – جاستس فون لايبيج » باكتشاف « chloral hydrate – كلورال هيدرات » وهو أول دواء مصنع من أصل غير طبيعي عام ١٨٣٢ م. لم يُقدم الدواء إلى عالم الطب إلا عام ١٨٦٩ م كدواء مهدئ ومساعد على النوم. 

بذلك أصبحنا قادرين على تصنيع دواء في معمل عن طريق معادلات كيميائية دون اعتماد على المصادر الطبيعية فقط كالنباتات، حتى وإن بدأ التصنيع بأبسط الطرق وهو إضافة كلورين إلى إيثانول مع كمية محددة من الماء. ونلاحظ ما وصلنا إليه الآن من كم الأدوية المصنعة التي لا حصر لها. [4] 

هل ما زلنا نستخدم الكلورال هيدرات حتى الآن؟

نعم، مازال يُستخدم حتى الآن في بعض الدول:

Related Post
  1. كمهدئ ومنوم للأطفال قبل عمل « Electroencephalography – تخطيط كهربائي للدماغ ».
  2. قبل الجراحة للمساعدة على الاسترخاء.
  3. تخفيف حدة أعراض القلق والاكتئاب.
  4. في التنظيف، حيث يعمل على تذويب النشا والبروتين وبعض المواد الأخرى.
  5. في الكشف عن « calcium oxalate – أوكساليت الكالسيوم » لأنه لا يذيبها.[2]

مميزات الدواء

يُستخدم هذا العلاج إلى الآن لما به من بعض المميزات:

  1. سهل التحضير؛ حيث أنه يُحضر عن طريق إضافة الكلورين والماء إلى الإيثانول بكميات محددة.
  2. سهل الاستخدام؛ حيث أنه يستخدم كشراب عن طريق الفم.
  3. سعره الرخيص؛ حيث تعرضه بعض الصيدليات في مصر للبيع على الإنترنت بسعر يتراوح من ١٢ إلى ٣٥ جنيه مصري، بما يعادل تقريبًا ٧٠ سنت إلى ٢ دولار.

عيوب الدواء

  1. أظهرت دراسة مؤخراً أن الدواء يساعد على بدء النوم ولكن مفعوله لا يدوم وقتًا كافيًا، وخاصة مع الأطفال الذين يعانون من مشكلة عصبية مزمنة.[6]
  2. يُحضر هذا الدواء على شكل شراب في صيدليات بعض المستشفيات، فمن الممكن ألا يكون تحضيره سليمًا ومضمونًا.
  3. زيادة الجرعة عن الحد الطبيعي من الممكن أن تودي بحياة المريض.
  4. احتساب جرعة خاطئة عن طريق بعض أطباء الأسنان، وصرف جرعات خاطئة من خلال بعض الصيدليات كما ظهر في بعض التقارير الصادرة في الفترة من ١٩٩٦ م إلى ٢٠٠٩ م. وبعد هذه الفترة قلت التقارير السلبية مؤقتًا بسبب تصنيع بعض الشركات له على شكل كبسولات.
  5. من الممكن أن ينام الشخص الحاصل على العلاج مرة أخرى في خلال ٢٤ ساعة من استخدام الدواء.
  6. لا يوجد دواء مضاد لمواجهة تأثير الكلورال هيدرات.
  7. يسبب التهابات المعدة وقيء وغثيان.
  8. لم يحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية.

أكبر المشاكل التي سببها الكلورال هيدرات

أصبح كلورال هيدرات الآن يستخدم كبديل، حيث أحدث العديد من المشاكل منها:

  1. وصف شخصين غير مرخصين بتداول الأدوية لجرعة عالية أدت إلى وفاة المريض.
  2. حدد طبيب أسنان جرعة ٥٠٠٠ مجم لطفل عمره ١٣ عام أودت بحياة الطفل نتيجة أزمة تنفسية.
  3. أعطى والدان لطفلهما الجرعة في المنزل، ولكنها كانت جرعة زائدة عن الطبيعي، فتوفي الطفل بأزمة تنفسية.
  4. خطأ في صرف وصفة طبية، حيث طُلِب من الصيدلي تحضير ٢٥٠مجم/٥مل لكنه قام بتحضير ٥٠٠مجم/٥مل.[3]

البدائل الحديثة

أصبح هناك بدائل أكثر واختيارات أكثر وأفضل في هذه الحالات، حيث يمكن عند الحاجة إلى التخدير اللجوء إلى عدد من الخيارات، منها:

  1. تخدير موضعي، بالحقن في الجلد لمنع الألم في منطقة ما بينما تكون مستيقظًا.
  2. تخدير عصبي، يستخدم لتخدير منطقة أكبر من الموضعي، ويكون الحقن في الأعصاب، وتكون مستيقظًا أيضًا.
  3. تخدير كلي، وهو أن تكون نائمًا تمامًا كما الحال عند القيام بعملية إزالة الزائدة الدودية أو المرارة.
  4. التخدير عن طريق أنبوب يتنفسها المريض بمفردها أو مع مخدر آخر، لضمان استرخاء المريض أثناء العملية.
  5. مهدئات مثل « barbiturates – الباربيتورات » أو« benzodiazepines – البنزوديازيبين ». [5]

تنص بعض الدراسات الأخرى على أن الجدل ما زال قائمًَا حول استخدام الكلورال هيدرات، خاصة أنه غير حاصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية. ومنها ما يؤكد على زيادة ضرره مقارنة بالنفع الذي يقدمه، وفقًا لتقارير الحالات. وهناك تقارير أخرى تنص على أن أدوية مثل الباربيتورات والبنزوديازيبين من الممكن أن يكون استخدامها أفضل في مثل هذه الحالات.[1]

اقرأ أيضًا: هل وصلنا إلى نهاية عصر المضادات الحيوية؟

المصادر:

[1] springer
[2] sciencedirect
[3] ISMP
[4] pubmed
[5] verywell health
[6] pubmed

Author: Hossam Gadallah

صيدلي مهتم بتحليل البيانات في تطوير مستوى الصحة، ومهتم بالتكنولوجيا والإدارة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Hossam Gadallah

صيدلي مهتم بتحليل البيانات في تطوير مستوى الصحة، ومهتم بالتكنولوجيا والإدارة.

Share
Published by
Hossam Gadallah

Recent Posts

لغز “أطلانطس اليابان”: هل “هرم يوناجوني” الغارق يعيد كتابة تاريخ الحضارات الإنسانية؟

هرم يوناجوني": الحقيقة الكاملة للغز الياباني الذي يتحدى الأهرامات منذ اكتشافه صدفة عام 1986، تحوّل…

أسبوع واحد ago

جيمس واتسون.. رحيل العبقري الجدلي الذي غيّر وجه البيولوجيا للأبد

وداعاً "أيقونة الحمض النووي": جيمس واتسون ببالغ الحزن والتقدير، أعلن العالم عن رحيل أحد أبرز…

أسبوع واحد ago

“عاشق العلم بروح التصوف”.. رحيل الدكتور أحمد شوقي وإرث “كراسات علمية” الخالد

ببالغ الحزن والأسى، ودعت الأوساط الأكاديمية والعلمية في مصر والعالم العربي قامة من قامات الوراثة…

أسبوع واحد ago

نظرية “إعادة التدوير الحيوي” تكتسح “داروين” وتُعيد تعريف الحياة

الحياة منظومة تتجدد ذاتياً لا آلة عشوائية! في إنجاز تاريخي هزّ أركان علم الأحياء التطوري،…

أسبوعين ago

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

أسبوعين ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

أسبوعين ago