Ad

لقد حير السؤال القديم حول قيمة الحياة الفلاسفة واللاهوتيين والعلماء لعدة قرون. هل الحياة ذات قيمة بطبيعتها، أم أنها مجرد تجربة عابرة خالية من الهدف؟ أثارت هذه المعضلة الوجودية مناقشات مكثفة، دون إجابة واضحة في الأفق. عندما نبدأ في هذه الرحلة الفكرية، سوف نتعمق في شبكة معقدة من الأفكار ووجهات النظر التي شكلت فهمنا لقيمة الحياة.

قيمة الوجود

لقد ناقش الفلاسفة والعلماء والمفكرون منذ قرون مسألة قيمة الحياة. إنه سؤال حير البشرية، وأثار مناقشات حادة وتأملات. إن مجرد طرحنا لهذا السؤال يوحي بأننا غير متأكدين من قيمة وجودنا. وقد دفع عدم اليقين هذا البعض إلى القول بأن الحياة ليس لها قيمة، في حين يعتقد البعض الآخر أنها ثمينة وذات معنى.
إن فكرة أن الحياة هبة هي أيضًا مشكلة. فإذا كنا نعتبر الحياة هبة، فلابد أن نفترض المعطي، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة هذا الكيان المحسن. إن الجدل الدائر حول وجود قوة عليا أو خالق يزيد من تعقيد المشكلة.
وعلى الرغم من هذه التحديات، لا تزال البشرية تفكر في قيمة الوجود. إنه استفسار مثير للاهتمام فكريًا وله صدى عاطفي. نحن مدفوعون لفهم أهمية حياتنا، والبحث عن إجابات قد توفر إحساسًا بالهدف

هل للحياة قيمة جوهرية؟

إن مسألة ما إذا كانت للحياة قيمة هي مصدر قلق أساسي في التحقق من قيمة الوجود. هل نعيش لمجرد أننا نوجد، أم أن هناك هدفًا أعمق يمنح حياتنا معنى؟ يرى آرثر شوبنهاور، الفيلسوف البارز، أن الحياة تهيمن عليها المعاناة والنتائج السلبية، مما يجعلها عملاً تفشل عوائده في تغطية التكاليف. وادعى أن المتعة والسعادة عابرة وغالباً ما يطغى عليها الاستياء والتعاسة. يقضي البشر الكثير من الوقت والموارد في تعذيب بعضهم البعض، ولا مفر من المرض والموت. هل يمكننا حقًا أن نقول إن الحياة لها قيمة عندما نعاني من الكثير من الشدائد؟
إن منطق شوبنهاور استفزازي، ولكن يتعين علينا أن ننظر في وجهات نظر بديلة. ماذا لو كانت قيمة الحياة لا تكمن في قيمتها الجوهرية بل في الخبرات والفرص التي توفرها لنا؟ هل يمكن النظر إلى الوجود على أنه يمتلك قيمة مما يسترده، حتى لو كان يفتقر إلى القيمة الجوهرية؟ يجب علينا أن ندرس الجوانب الإشكالية في إسناد القيمة الجوهرية للوجود واستكشاف فهم بديل لأهمية الحياة.

وفي سعينا للفهم، نجد أنفسنا مبتلين بالقيود المفروضة على وجهة نظرنا التجريبية. ليس لدينا تجربة مباشرة مع عدم الوجود، مما يجعل من الصعب مقارنة الوجود مع عدم الوجود والتأكيد على أن الأول يتفوق. وكما لاحظ ريكي جيرفيه بطريقة فكاهية، فإن عدم الوجود ليس له صفة متأصلة، مما يجعل من المستحيل وصف الوجود أو مقارنته به. وهذا يثير تساؤلات حول صحة التأكيدات القائلة بأن عدم الوجود قد يكون أفضل.

الجدل الدائر حول قيمة الوجود مثيرة للجدل ومستمرة. في حين يجادل البعض بأن للحياة قيمة متأصلة، يقترح البعض الآخر أن الوجود هو مجرد وسيلة لتحقيق غاية، أو إمكانية أو مجموعة من الإمكانات. وبينما نتعمق في هذا الاستفسار، يجب علينا إعادة صياغة فهمنا للوجود وأهميته. هل الحياة هبة أم صدفة كونية أم فرصة لبناء الذات وصنع الذات؟ الجواب، مثل السؤال نفسه، يظل بعيد المنال، مما يتركنا للتفكير في قيمة الوجود.

القيمة النفعية للوجود

دعونا نتحدى هذا المنظور. تخيل فردًا منغمسًا تمامًا في التفكير في عمل فني أو ضائع في تأمل للطبيعة. في نهاية المطاف، قد يصبح مضطرب ويشعر بالملل. فهل يعني هذا بالضرورة أن التأمل الجمالي أو الصوفي لا قيمة له؟ ليس بالضرورة. ربما يكون الملل جانبًا متأصلًا في التجربة الإنسانية، وليس انعكاسًا للقيمة المتأصلة في الوجود.
وهذا يقودنا إلى القيمة النفعية للوجود. هل يمكن التفكير في الوجود باعتباره يمتلك قيمة استعمالية، تسترده، حتى لو كان يفتقر إلى القيمة الجوهرية؟ تكمن القيمة النفعية للوجود في إمكاناته، وقدرته على أن يصبح شيئًا آخر، وأن يتطور، وينمو. يمثل الوجود فرصة لبناء وصنع الذات، مما يسمح للأفراد بصياغة حياة يعتبرونها جديرة بالاهتمام ومرضية.
وبهذا المعنى، فإن قيمة الوجود لا تكمن في حالة كون المرء على قيد الحياة، بل في الطريقة التي يدير بها المرء حياته. ما يهم هو العمل والجهد والعملية، وليس النتيجة فقط. ويصبح الوجود وسيلة لتحقيق غاية، ومجموعة من الاحتمالات لصنع الحياة وتحديدها.

هنا، نحول التركيز من ما إذا كان للوجود قيمة في حد ذاته إلى ما إذا كان للوجود قيمة كوسيلة لتحقيق شيء آخر. يعترف هذا المنظور بأن الوجود ثمين ليس لأنه هدية أو غاية في حد ذاته، ولكن لأنه يقدم فرصًا للنمو والتطور وتحقيق الإمكانات. ومن خلال إعادة صياغة السؤال، يمكننا إعادة تقييم قيمة الوجود. لا يتعلق الأمر بحالة الحياة، بل يصبح الوجود لوحة فنية، تنتظر منا أن نرسم إبداعاتنا الخاصة، وتكمن القيمة في فعل الخلق، وليس فقط في النتيجة النهائية.

إعادة تقييم هبة الحياة

إن فكرة أن الوجود هبة تعني معطيًا أو خالقًا أو قوة أعلى تمنحنا الحياة. ومع ذلك، فإن هذا الافتراض يثير أسئلة أكثر من الإجابات. إذا نسبنا وجودنا إلى كائن إلهي أو قوة مجهولة، فإننا نتساءل لماذا تم اختيارنا للوجود في المقام الأول.
وبدلاً من الخوض في غموض الوجود، قد نركز بدلاً من ذلك على إعادة صياغة السؤال. ماذا لو لم يكن الوجود غاية في حد ذاته بل وسيلة لتحقيق غاية؟ ربما تكون فرصة، أو إمكانات، أو مجموعة من الإمكانات. يحول هذا المنظور التركيز من “لماذا” الوجود إلى “كيف”، كيف نختار صياغة حياتنا، وبناء هدفنا الخاص، وغرس المعنى في وجودنا.

وفي نهاية المطاف، الأمر متروك لنا لاغتنام هذه الفرص، وصياغة حياتنا، وخلق معنى لوجودنا. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا تحويل عدم اليقين في الوجود إلى احتفال بحياة مليئة بالإمكانيات والفرض.

المصادر:

What Is Life Worth? / philosophy now

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


فلسفة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 100
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليق