تقنية

هل سنتمكن من صنع عباءة اختفاء؟

نجح باحثون من المملكة المتحدة في جعل جسم مرتفع يبدو مسطحًا أمام الموجات الكهرومغناطيسية – مما يعني أنهم يقتربون من امتلاك جهاز يمكنه إخفاء الأشياء بشكل كامل. في حين لا يزال هذا الاكتشاف بعيدًا عن تقديم عباءة الاختفاء الخاصة بهاري بوتر، إلا أن التجربة الناجحة قد تساعد الباحثين في تطوير أنظمة ميكروويف وأنظمة بصرية أفضل للاستخدامات التجارية والصناعية. فدراسة «الأمواج السطحية-» ومعالجتها هو المفتاح لتطوير الحلول التكنولوجية والصناعية لتصميم منصات واقعية.

للقيام هذا، قام الفريق بتغطية سطح مرتفع بـ «وسط مركب نانوي-nanocomposite medium» مطور حديثًا – وهو في الأساس نوع من المواد يتكون من طبقات مختلفة من الجسيمات النانوية، مع كل طبقة لها خاصية كهربائية مختلفة. تسمح المادة للموجات الكهرومغناطيسية بضرب الجسم وبالمرور من خلاله دون تشتيت، وبالتالي إخفائه. لقد أظهر الباحثون إمكانية استخدام المركبات النانوية للتحكم في انتشار الموجات السطحية من خلال «الطّباعة ثلاثيّة الأبعاد-3D printing, or additive manufacturing». وربما الأهم من ذلك، أن النهج المستخدم يمكن تطبيقه على الظواهر الفيزيائية الأخرى التي تم وصفها بواسطة «المعادلات الموجية-wave equations»، مثل الصوتيات. لهذا السبب، نعتقد أن لهذا العمل تأثيرًا صناعيًا كبيرًا. بعبارة أخرى، طور الفريق مادة يمكنها إخفاء جسم ما فعليًا، بواسطة الموجات الكهرومغناطيسية.

لم يخض الباحثون في تفاصيل كيفية التوصل إلى مادة الجسيمات النانوية أو كيف تعمل على المستوى التقني – ربما لأنهم يأملون في الحصول على براءة اختراع – على الرغم من أنه يمكننا التخمين بدرجة ما، استنادًا إلى مشاريع مشابهة سابقة. على سبيل المثال، في سبتمبر 2015 م، ابتكر فريق من Berkeley Lab في الولايات المتحدة جهاز إخفاء يعمل بشكل مشابه تمامًا للجهاز الموجود في الدراسة الجديدة. تعمل هذه العباءة، كما أفاد بيتر دوكريل، من خلال استخدام «المواد الخارقة-metamaterials» المصممة خصيصًا، والتي يمكن أن تنحني أو تحني انعكاس الضوء عبر بنيتها الفيزيائية على عكس المواد الطبيعية، مما يجعل الأشياء غير قابلة للكشف بصريًا.

على الرغم من حقيقة أن الباحثين لا يزالون بعيدين عن صنع عباءة إخفاء حقيقية، فإن الفريق متحمس للغاية بشأن المادة الجديدة لأنها توسع دراسات “عباءة الاختفاء” السابقة التي استخدمت تقنيات مماثلة لكن تعمل بتردد واحد فقط. فقد أظهرت الأبحاث السابقة أن هذه التقنية تعمل بتردد واحد. ومع ذلك، يمكن للباحثين إثبات أنها تعمل على نطاق أكبر من الترددات مما يجعلها أكثر فائدة للتطبيقات الهندسية الأخرى، مثل الهوائيات النانوية ومجال الفضاء الجوي.

إن استخدام الجسيمات النانوية ليس الطريقة الوحيدة التي يحاول بها الباحثون ابتكار عباءة إخفاء. ففي عام 2014 م، ابتكر باحثون من جامعة روتشستر في نيويورك عدسة تضم أربع عدسات بأطوال بؤرية مختلفة تقوم بحني الضوء، مما يعطي الانطباع بأن شيئًا ما قد اختفى. هناك العديد من الأساليب عالية التقنية لصنع عباءة الإخفاء، والفكرة الأساسية وراء كل منها هي جعل الضوء يمر بشيء كما لو لم يكن موجودًا، وهذا يتم غالبًا باستخدام مواد عالية التقنية أو «مواد غريبة-exotic materials».

Related Post

الأخبار المحزنة هي أن الباحثين قاموا منذ ذلك الحين بقياس حدود إمكانية أجهزة الإخفاء، ووجدوا أنه مع التكنولوجيا الحالية، لن نتمكن أبدًا من الحصول على عباءة تخفي تمامًا البشر أو الأشياء الكبيرة مثل الدبابات.لذا في الوقت الحالي، لا يسعنا إلا الغيرة من هاري بوتر وعباءته السحرية.
نُشرت النتائج الدراسة في مجلة Scientific Reports.

المصادر: Phys, ScienceAlert, ScienceDaily
إقرأ أيضًا: لماذا يصعب علينا الانقطاع عن قراءة “هاري بوتر”؟

Author: Hiba Ali

هِبَة هيَ طالبةٌ في المرحلةِ السادسة مِنْ كُليةِ الطِب. تَقضيْ وقتَها في تحريرِ مواقعِ ويكي، الرَّسم، وأحيانًا قراءةَ أدبِ الأطفال. تَعملُ لدى الأكاديمية بوست كمُترجمة، وتنصب أغلبُ ترجمَتها على المواضيعِ الطبية، وأحيانًا التِقَنية.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Hiba Ali

هِبَة هيَ طالبةٌ في المرحلةِ السادسة مِنْ كُليةِ الطِب. تَقضيْ وقتَها في تحريرِ مواقعِ ويكي، الرَّسم، وأحيانًا قراءةَ أدبِ الأطفال. تَعملُ لدى الأكاديمية بوست كمُترجمة، وتنصب أغلبُ ترجمَتها على المواضيعِ الطبية، وأحيانًا التِقَنية.

Share
Published by
Hiba Ali

Recent Posts

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

يوم واحد ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

3 أيام ago

المتحف المصري الكبير: معجزة الألفية التي تُعيد كتابة قصة مصر بـ “لغة الشمس”

على مشارف هضبة الجيزة التاريخية، حيث تقف الأهرامات شامخةً كشاهد على عبقرية الماضي، وُلدت أيقونة…

3 أيام ago

لغز الانتشار العالمي للإنسان الحديث؟ فرضية الهجرة الساحلية من جنوب إفريقيا تكشف أسرار الانتشار العالمي!

لطالما كان أصل الإنسان ورحلاته الأولى حول العالم من أكثر الألغاز إثارةً للجدل والبحث في علم…

4 أيام ago

حصان طروادة” كوني أم “بجعة سوداء”: صخرة أم سفينة؟

في عالمنا المزدحم بالأخبار والأحداث، قد ننسى أحيانًا أن أعظم الأسرار والمفاجآت تأتي من أعماق…

أسبوع واحد ago

هل يستبدل “الروبوت العالم” الباحث البشري؟ الذكاء الاصطناعي يُطلِق أول مؤتمر علمي “مكتمل آلياً”

مؤتمر "وكلاء من أجل العلم": رائدو الذكاء الاصطناعي يتولون تأليف ومراجعة الأوراق البحثية لم يعد…

أسبوعين ago