هل حقاً الديب ويب مكان للجريمة؟
لطالما انتشرت أخبار مغلوطة وشائعات فيما يخص تقسيم الإنترنت حتى تركز في أذهان الناس أن مصطلح «الديب ويب –Deep web» هو بالضرورة رمز للجريمة بأنوعها. وانتشرت ملعومة أننا نستخدم 10% فقط من الإنترنت و90% منه عبارة عن الإنترنت المظلم يستخدمه أشخاص محددين في العالم ولا يمكننا الوصول إليه، لكن ما مدى صحة هذا الكلام؟
محتويات المقال :
تقسيم الإنترنت:
1.الشبكة السطحية:
إذا شبهنا الإنترنت بالمحيط فيمكن القول أن سطحه يعبر عن «الشبكة السطحية -surface web» وهو قسم الإنترنت المفهرس، والقابل للبحث من خلال محركات البحث مثل غوغل وبينغ، عبر متصفحات الويب العادية. والتي تشمل مواقع مثل ويكيبيديا وأمازون وأي موقع يمكن البحث عنه في غوغل مثلا.
2.الديب ويب:
أذا زدنا في العمق أكثر سنكون في «الديب ويب –Deep web» وهو قسم الإنترنت الغير مفهرس. الذي لا يمكن الوصول إليه عن طريق غوغل، مثل البيانات المصرفية ومعاملات إدارية لشركات وحكومات. في الحقيقة أنت تستخدم الديب ويب من دون علمك، فحسابك على واتساب وحسابك على نيتفلكس مثلا هم ضمن الديب ويب، فهل يستطيع أي شخص الوصول إليهم والتحكم بهم؟! جميع مراسلاتك على الإنترنت وبياناتك تمر عبره. فأي موقع أو شبكة غير قابلة للبحث تكون ضمن الديب ويب. لكن لماذا قد يكون موقع غير مفهرس ماذا يستفيد؟! من أجل الخصوصية وتجنب المراقبة؛ فمن الصعب تتبع موقع أو بيانات على الديب ويب، وحتى بسبب سياسة بعض محركات البحث التي قد تحجب الوصول إليه من خلالها. دعنا نطرح مثال بسيط هناك خيار في حسابك على الفيسبوك عند تفعيله يمكن أي شخص من البحث على حسابك في غوغل، هكذا يصبح ضمن الشبكة السطحية ويصبح مفهرس. إن الديب ويب يشكل القسم الأكبر من الإنترنت، حيث قُدر من 400 إلى 500 مرة أكبر من الشبكة السطحية. وأن أكبر 60 موقع وشبكة على الديب ويب مجتمعين أكبر 40 مرة من الشبكة السطحية. لكن بسبب الخلط الكبير بينه وبين الدارك نت أو الإنترنت المظلم فيعتقد الناس أنه مكان للمجرمين والقتلة.
3.«دارك نت –dark net»:
وهذا ينقلنا إلى قاع المحيط الذي يمكن القول أنه يمثل «دارك نت –dark net» الذي هو جزء من الديب ويب ولكن لا يمكن الوصول إليه بالطرق العادية، لأن عنوان IP لأي موقع موجود به يكون مخفي، ويحتاج متصفح خاص للوصول إليه يسمى Tor حيث الفكرة الرئيسية منه هي التصفح الخفي. فلا يمكن معرفة عنوان IP الخاص بك أو معرفة هويتك. فالدارك ويب عبارة عن شبكة مغلقة تحيط مستخدميها بسرية تامة، مع عدة طبقات من تشفير وتعمية البيانات. ولا يشكل 90% من الويب كما يُقال أبداً. حيث عدد مستخدمي الإنترنت أكثر من 3,5 مليار مستخدم، فليس من المنطقي أن يكون حجم المعلومات لعدد صغير نسبياً من المستخدمين يفوق حجم المعلومات لجميع مستخدمي الإنترنت العادي. ولكن كما قلنا: سبب تلك الخرافة هو الخلط بين الديب ويب والدارك نت.
أصبح الدراك نت محطة للنشاطات الغير قانونية والخطيرة، والقصص التي نسمعها والمرتبطة به مثل تجارة المخدرات، وتأجير القتلة، والمخترقين، وتسريب معلومات حساسة لدول أو شخصيات مهمة، وصفقات أسلحة ونقل أموال قد تصل للمليارات وحتى نشر فيديوهات اغتصاب أطفال. كل هذا بسبب السرية التامة للمستخدمين عند تصفحه، ولكن هذا لا يضمن الحماية فلا تجرب الدخول لمثل هذه المواقع بهدف التسلية فهي مكان للمجرمين والمخترقين وغيرهم. ولكن من جهة أخرى يستخدمه أيضا صحفيين وسياسيين وحتى شركات للاستفادة من الخصوصية. مثل فيسبوك مرة أخرى فنفس الشبكة الاجتماعية ستجدها في الدارك نت، ويمكنك تسجيل الدخول لحسابك العادي بعد تحميل متصفح Tor والدخول للموقع. وهذا سيضمن لك الخصوصية وعدم تتبع تحركاتك من قبل أي جهة ما عدا فيسبوك طبعاً.
موقع «طريق الحرير –Silk road»
من أشهر القصص المتعلقة بالدراك نيت موقع «طريق الحرير –Silk road» الذي كان أكبر موقع للمتاجرة بالمخدرات بشكل رئيسي وأمور أخرى مثل الوثائق المزورة وحتى القتلة المأجورين. مع ما يقارب 960 ألف مستخدمين وبائع، ولد حوالي 1.2 مليار دولار من المبيعات، حيث تركزت التعاملات المالية على عملة بيتكوين الافتراضية والغير قابلة للتتبع. وكانت بداية الموقع في عام 2011 ولكن أُغلق من قبل FBI في عام 2013، وأُعتقل مؤسس الموقع «روس ويليام أولبريخت -Ross William Ulbricht».
مما سبق يتضح أن الدراك نت مكان مظلم وفوضوي يختلف عن الديب ويب. فلا تجعل من فضولك سبب لدخول مثل هذه الأماكن بدون معرفة وخبرة بها. فهي أرض خصبة للمجرمين وتجار المخدرات وأمور أخرى سيئة قد لا تخطر في بالك.
مصادر (هل حقاً يُعتبر الديب ويب مكان للجريمة؟):
اقرأ المزيد:
الهندسة الاجتماعية، فن اختراق البشر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :