قام فريق من الباحثين بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي للنباتات يسمى “PlantRNA-FM”، يمكنه فك شفرة “اللغة” الوراثية للنباتات. هذا النموذج المبتكر هو الأول من نوعه ولديه القدرة على إحداث ثورة في علوم النبات، وتحسين المحاصيل، ومواجهة التحديات الزراعية العالمية.
تم تدريب “PlantRNA-FM” على بيانات الحمض النووي الريبوزي (RNA) من أكثر من 1100 نوع نباتي، أي ما يعادل 54 مليار قطعة من معلومات الحمض النووي الريبوزي. مكنت مجموعة البيانات الضخمة هذه النموذج من تعلم الأنماط والهياكل المعقدة للحمض النووي الريبوزي، مما سمح له بعمل تنبؤات دقيقة حول وظائف الحمض النووي الريبوزي وتحديد أنماط هيكلية وظيفية محددة للحمض النووي الريبوزي عبر النسخ.
محتويات المقال :
الجينات، الوحدات الأساسية للحياة، مسؤولة عن توجيه النباتات لكيفية النمو، والاستجابة لبيئتها، والتكيف مع التغيرات. يحمل الرمز الجيني الموجود في جينات النبات المفتاح لفهم كيفية عمل النباتات، وفهم هذا الرمز يمكن أن يحدث ثورة في مجال علم النبات.
فكر في جينات النبات كمخطط، يحتوي على مجموعة من التعليمات المكتوبة بلغة لا يفهمها سوى النبات. تتكون هذه اللغة من أربع وحدات بناء كيميائية تسمى النيوكليوتيدات مرتبة في تسلسل محدد. ويحدد تسلسل هذه النيوكليوتيدات المعلومات الوراثية المشفرة في الجين، والتي توجه تطور النبات وسلوكه.
يعد فك رموز هذه الشفرة الجينية مهمة شاقة، حيث يحتوي الجينوم البشري وحده على ما يقرب من 3.2 مليار نيوكليوتيدات. تمثل المملكة النباتية، التي تضم أكثر من 400,000 نوع، لغزًا أكثر تعقيدًا يجب حله.
ويلعب الحمض النووي الريبوزي دورًا حاسمًا في حياة النباتات، على غرار دوره في الحيوانات والكائنات الحية الأخرى. حيث يعمل كرسول ومنظم متعدد الاستخدامات، مما يتيح قراءة الشفرة الوراثية واستخدامها لبناء النبات والحفاظ عليه. كما يشارك في مجموعة واسعة من العمليات، من النمو والتطور إلى الاستجابة للضغوط البيئية مثل الجفاف أو المرض.
لقد استخدم الباحثون مجموعة بيانات ضخمة مكونة من 54 مليار قطعة من معلومات الحمض النووي الريبوزي من أكثر من 1100 نوع نباتي. تم بعد ذلك إدخال هذه الأبجدية الجينية في نموذج الذكاء الاصطناعي، الذي تعلم التعرف على الأنماط والهياكل داخل تسلسلات الحمض النووي الريبوزي، تمامًا مثل الطريقة التي تتعلم بها نماذج الذكاء الاصطناعي مثل “ChatGPT” فهم اللغة البشرية.
كانت عملية التدريب أشبه بتعليم الطفل القراءة والكتابة. حيث بدأ النموذج بالتعرف على النيوكليوتيدات الفردية، وهي اللبنات الأساسية للحمض النووي الريبوزي، وتعلم تدريجيًا فهم كيفية دمجها لتكوين كلمات وعبارات، أو في هذه الحالة، التعليمات الجينية.
ومع قيام النموذج بمعالجة المزيد والمزيد من البيانات، بدأ في تحديد الأنماط والعلاقات المخفية داخل تسلسلات الحمض النووي الريبوزي، مما مكنه في النهاية من عمل تنبؤات دقيقة حول وظائف الحمض النووي الريبوزي وتحديد أنماط هيكلية وظيفية محددة للحمض النووي الريبوزي داخل الترنسكربيتوم (transcriptomes). ويعد هذا الإنجاز مهمًا لأنه يوضح قوة التعلم الآلي في فهم الأنظمة البيولوجية المعقدة.
إن الترنسكربيتوم هو المجموعة الكاملة من نسخ الحمض النووي الريبوزي في خلية أو مجموعة من الخلايا. وهي تمثل الجزء الذي يتم نسخه بنشاط من الجينوم في وقت محدد وفي ظل ظروف محددة. وبعبارات أبسط، في حين أن الجينوم يشبه مكتبة كاملة من المعلومات الجينية، فإن الترنسكربيتوم تشبه مجموعة مختارة من الكتب التي يتم استعارتها حاليًا وقراءتها.
وقد استخدم الباحثون بالفعل النموذج للتنبؤ بدقة بدور الحمض النووي الريبوزي وتحديد أنماط هيكلية وظيفية محددة للحمض النووي الريبي داخل الترنسكربيتوم. وقد تم التحقق من صحة تنبؤاتهم من خلال التجارب التي تؤكد أن هياكل الحمض النووي الريبوزي التي تم تحديدها بواسطة “PlantRNA-FM” تؤثر على كفاءة ترجمة المعلومات الجينية إلى بروتين. وبينما قد تبدو تسلسلات الحمض النووي الريبوزي عشوائية للعين البشرية، فقد تعلم نموذج الذكاء الاصطناعي فك رموز الأنماط المخفية داخلها.
يتفوق “PlantRNA-FM” بشكل كبير على النماذج الحالية في التنبؤ ببنية الحمض النووي الريبي. وهذا أمر حيوي لأن بنية الحمض النووي الريبوزي تؤثر بشكل مباشر على وظيفتها، مما يؤثر على العمليات مثل التعبير الجيني وتخليق البروتين. تسمح دقة النموذج في هذا المجال للباحثين بفهم أفضل لكيفية عمل الحمض النووي الريبوزي داخل أنواع مختلفة من النباتات.
وعلى عكس النماذج السابقة التي ركزت فقط على تسلسلات الحمض النووي الريبوزي، يدمج “PlantRNA-FM” كلًا من المعلومات التسلسلية والبنيوية من مجموعة بيانات ضخمة تضم 54 مليار تسلسل للحمض النووي الريبوزي عبر 1124 نوعًا من النباتات. يتيح هذا النهج الشامل للنموذج تعلم العلاقات المعقدة بين بنية الحمض النووي الريبوزي ووظيفته، مما يعزز قدراته التنبؤية.
كما يمكن للنموذج التنبؤ بكفاءة الترجمة، وخاصة فيما يتعلق بالمنطقة غير المترجمة من الحمض النووي الريبوزي. والتي تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم الجينات. يعد فهم هذا الجانب أمرًا ضروريًا للتلاعب بالتعبير الجيني بشكل فعال، وهو ما له آثار على تحسين المحاصيل وقدرتها على الصمود.
يمكن لنموذج الذكاء الاصطناعي للنباتات هذا أن يساعد العلماء على تحديد وتطوير المحاصيل الأكثر مرونة في مواجهة الضغوطات البيئية، مثل الجفاف والحرارة والآفات. ومن الممكن أن يغير هذا الأمن الغذائي العالمي، لأنه سيمكن المزارعين من زراعة المحاصيل بشكل أكثر كفاءة واستدامة.
كما ستزدهر النباتات في البيئات الصعبة، مما يوفر إمدادات غذائية مستقرة لعدد متزايد من السكان. ويمكن أن يساعد “PlantRNA-FM” في جعل هذه الرؤية حقيقة من خلال السماح للعلماء بتعديل النباتات للاستجابة بشكل أكثر فعالية للتغيرات البيئية.
علاوة على ذلك، يمكن للنموذج أيضًا تسهيل تطوير المحاصيل الأكثر تغذية وصحة للاستهلاك البشري. ومن خلال تحديد ومعالجة هياكل وأنماط معينة من الحمض النووي الريبوزي، يستطيع العلماء هندسة محاصيل أكثر ثراءً بالفيتامينات والمعادن الأساسية، أو تحتوي على مستويات منخفضة من المركبات الضارة.
Revolutionary AI Model Deciphers Language of Plants for the First Time | scitechdaily
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
في عام 1656، طرح الفيلسوف ويليام مولينو تجربة فكرية على جون لوك. إذا اكتسب شخص…
قام العلماء من جامعة بريستول في المملكة المتحدة بتطوير أول بطارية تعمل بالطاقة النووية في…
إن القدرة على تسجيل نمط جديد من النشاط في دماغ الشخص من شأنه أن يسمح…