ملحمة الأوديسة واحدة من روائع الأدب العالمي، ومن أهم الروائع اليونانية، تعتبر تكملة لمحلمة الإلياذة والتي كتبها الشاعر اليوناني هوميروس. في هذا المقال سنحكي قصة ملحمة الأوديسة، سنحكي قصة أوديسيوس والمغامرات التي سيقابلها أثناء عودته إلى وطنه بعد سقوط طروادة.
محتويات المقال :
أوديسيوس هو ملك مدينة إيثاكا وابن الملك ليرتس وأنتيكليا، تزوج من (بينلوبي) وأنجب منها ابنه الوحيد (تليماخوس).
كما أنه بطل يوناني معروف بالمكر والدهاء وقدرته الكبيرة على الإقناع، ومن إحدى الصفات التي كتبت عنه في الملحمة هي صفة (polytropon) أو متعدد جوانب الشخصية، شارك في حرب طروادة وكان صاحب خدعة الحصان والتي أدت إلى تدمير تلك المدينة إلى الأبد!
كان لأوديسيوس دور كبير في حرب طروادة، ليس لأنه صاحب فكرة حصان طروادة والتي كانت القشة الأخيرة للفوز، ولكنه أيضًا أقنع أخيل بالمشاركة في الحرب من البداية.
كانت هناك نبوءة تحكي عن أخيل وعن قوته والتي ستحقق الفوز لليونانين في حربهم ولكنه كذلك سيلقى حتفه فيها.
لذلك قرر الملك أجامننون وأوديسيوس البحث عن أخيل والذي خبأته أمه (ثيتسس) مع عائلة الملك (ليكوميديس) على جزيرة سيكروس حتى تبعده عن المشاركة في حرب طروادة والتي سيكون فيها نهايته.
لكن أوديسيوس مع ذلك يجد أخيل ويقنعه بالمشاركة في الحرب.
على عكس ملحمة الإلياذة والتي تبدأ بكلمة غضب، تبدأ ملحمة الأوديسة بكلمة رجل (andra)، فملحمة الأوديسة كتبت في القرن الثامن قبل الميلاد
تحكي عن أوديسيوس وعن رحلته للعودة إلى موطنه بعد أن قضى عشر سنوات في الحرب.
لكنه ضاع في البحر لعشر سنوات أخرى، وعايش الكثير من المغامرات والصراعات حتى وصل إلى وطنه وإلى زوجته وابنه.
بعد إنتهاء حرب طروادة ونجاح خطة الحصان الخشبي، نسب أوديسيوس الفضل في النصر لنفسه، فغضب منه الإله بوسيدون فوضع في طريقه الكثير من العقبات والتي تحول بينه وبين العودة إلى وطنه!
بعدما ضاع أوديسيوس في البحر لعشر سنوات، قررت ألهة الأولمب بضرورة عودته إلى مدينته بعد أن ساد فيها الشغب والخراب.
تبدأ الأوديسة في جزيرة أوجيجيا، فالحورية (كاليبسو-Calypso) وهي حورية خالدة وفاتنة الجمال تعيش على جزيرتها أوجيجا، استطاعت أن تأسر أوديسيوس لسبع سنوات في جزيرتها وينجب منها طفل.
تحاول أن يبقى معها وأن تمنحه الخلود، ولكنه أراد أن يرحل ويعود إلى وطنه. إلا أن الإلهة أثينا ضاقت من كالسيبو وإصرارها على إستبقاء أوديسيوس معها.
فطلبت من الإله زيوس أن يتدخل، فأرسل زيوس رسوله هرمس إليها يطلب منها إطلاق سراح أوديسيوس.
بعد أن نجى أوديسيوس من الحورية كالسيبو أنطلق في طريقه نحو مدينته ولكن الإله بوسيدون الغاصب يحطم سفينته ملقيًا إياه على شاطيء جزيرة شيريا.
يستيقظ أوديسيوس فيجد حوله بعض النساء ينظرون إليه باستحياء وهو عاري وسط حطام سفينته، يذهب معهن إلي ملك الجزيرة (الكينوس) وابنته (نوسيكا)، فيحسننون ضيافته.
في إحدى الليالي وهو جالس مع الملك وابنته في قصرهم يبدأ مغني البلاط الملكي في الغناء عن بطل شجاع دمر مدينة طروادة وحصونها المنيعة، فبكى أوديسيوس لأن المغني ما كان يحكي إلا قصته هو نفسه.
فبدأ يحكي هو قصته من بعد سقوط طروادة وخسارته لجيشه وأصدقائه مرورًا بالأهوال التي قابلها في طريقه.
بعد أن عرفوا بأنه هو البطل قاهر طروادة حاولوا مساعدته ومنحوه سفينة ليصل إلى مدينته، وبالفعل وصل إلى مدينته بعد أن مر بالكثير.
يقال بإن الإله بوسيدون غضب على أهل هذه الجزيرة فعزلهم عن العالم لمساعدتهم لأوديسيوس.
هناك العديد من المغامرات والتي واجهها أوديسيوس ورجاله بعد حرب طروادة وقبل أن يقع في قبضة كاليبسو ويعود إلى وطنه.
كانت هذه أول مغامرة يخوضها أوديسيوس مع رفاقه بعد حربهم مع طروادة، فبعد أن ضربت سفينتهم رياح قوية وجدوا أنفسهم على شاطيء لجزيرة تعرف بلوتوفاجي وفيها قوم يأكلون نبات اللوتس.
بعد أن رحب بهم هؤلاء القوم، اكتشف أوديسيوس أن نبات اللوتس يجعل من يأكله ينسى كل شيء، ولا يرغب في العودة إلى وطنه، ولكن بحارة أوديسيوس أكلوا بالفعل من النبات المخدر، فيجبرهم على الذهاب معه والرحيل من جزيرة آكلي اللوتس، ولكنه فقد مع ذلك ٧٢ بحار.
يهبط أوديسيوس وبحارته الاثنى عشر على جزيرة أخرى، وهي جزيرة العمالقة بعين واحدة ويسمون كائنات (سايكلوب)، فيقررون اكتشاف الجزيرة.
في أحد الكهوف يجدون عملاق كبير بعين واحدة دائرية وهو (بوليفيميوس) ابن الإله بوسيدون، يسكن في كهف في الجزيرة ويربي قطعان من الخراف.
لكن مرة أخرى يقعون في أسر هذا العملاق، ويبدأ بوليفيميوس في أكل البحارة حتى لم يتبقى منه إلا أوديسيوس وستة أخريين.
حتى يهربون منه، يضطر أوديسيوس إلى الخداع، فيجعل العملاق يشرب الخمر حتى يغيب عن الوعي، ومن ثم يفقأ عينه وهو نائم، ويستطيع الهرب أخيرًا هو ورفاقه، ولكن تلك الخدعة أثارت غضب الإله بوسيدون أكثر، فجعلت أوديسيوس يهيم في البحار لعشر سنوات.
بعد أن وصلوا إلى جزيرة الساحرة تسيرس، حولت بعض الرجال إلى خنازير، ولكن أوديسيوس ينجو بواسطة نبات كان أعطاه إليه هرمس من قبل وهو النبات (مولي – moly) والذي جعله منيعًا ضد سحر تسيرس.
فيما بعد يصبح أوديسيوس وتسيرس أحباء ويقضي معها عام على جزيرتها، ولكنه من جديد يريد العودة إلى موطنه، فتنصحه تسيرس بإن يهبط إلى العالم السفلي ليأخذ النصيحة من العراف (تيريسياس) ليساعده في معرفة الطريق إلى الوطن.
أثناء رحلته إلى العالم السفلي يقابل العديد من الموتى مثل أخيل أجاممنون وهرقل، بعد عودته إلى تسيرس مرة أخرى من العالم السفلي، تحذره من أغنيات السيرانة وهي حوريات بأجساد طيور ورؤوس نساء، فمن يستمع للغناء يقع في أسيرهن.
يمر أوديسيوس وبحارته على هذه الجزيرة والتي حذرته منها تسيرس، فيقوم بعمل خطة وهي وضع الشمع في أذن بحارته حتى لا يستمعوا للحوريات، ولكنه كان يريد أن يستمع لغنائهن فطلب من بحارته أن يربطوه بالحبال إلى سارية السفينة ليسمتع إلى الغناء دون أن يقع في سحرهن.
وصل البحارة وقائدهم إلى جزيرة الإله هيليوس، ولكن مع سوء الطقس ونفاد الطعام معهم، قام أحد البحارة بسرقة وذبح قطعان هيليوس وذلك ما حذرهم منه العراف تيريسياس سابقًا، وذلك غضب منهم هيليوس وحطم سفينتهم ولم يبقى منهم غير أوديسيوس على شاطيء جزيرة كاليبسو. ومن هنا بدأت الملحمة.
تأتي قصة بينلوبي بصورة متقطعة في الملحمة، فهي ورغم مرور ٢٠ عام على غياب زوجها ما زالت تنتظره، رغم ما تتعرض له من ضغط بسبب الرجال الذين يعرضون عليها الزواج.
إلا أنها قامت بإيقناعهم بالانتظار حتى تتم خياطة ثوب العرس، فكانت تحيك الثوب أمامهم وبالمساء تحل ما قامت بحياكته.
كما أنه ابنه بحث عن كثيرًا بعد غيابه لعشرين عام.
عاد أوديسيوس أخيرًا إلى مدينته إثاكا، ولكنه عاد متخفيًا بعد أن نصحته الإلهة أثينا من الرجال حول منزله، وبالفعل تخلص منهم عندما دعاهم إلى وليمة وقام بقتلهم بقوسه.
الملحمة لا تبدأ من البداية ولا حتى النهاية، بل من المنتصف في جزيرة الحورية كاليبسو، وبعد أن يصل أوديسيوس إلى شيريا يحكي فيها قصته من البداية حتى تنتهي الملحمة بوصوله إلى مدينته وإلى زوجته وابنه.
كما استوحى العديد من الأدباء ملحمة الإلياذة في أعمالهم، فالأوديسة كذلك استوحت في العديد من الأعمال الأدبية والأفلام السينمائية، فربما تتذكرون وجود كاليبسو في سلسلة أفلام قراصنة الكاريبي، أو رؤية أسطورة السيرانة وهن الحوريات التي تجذبن البحارة.
كانت المغامرات التي خاضها جلجامش في ملحمته لها أثر كبير على نفسه، فمع اختبار لموت صديقه ورحلته للبحث عن الخلود والذي لم يستطيع الحصول عليه.
قرر أن يخلد ذكراه كملك صالح وهذا ما فعله، كما أنه استطاع أن يتحدى الإلهة عشتار ولم يرضخ لها أو لإغرائها.
لم نشهد ذلك في ملحمة الأوديسة، فلم نلاحظ تغير في أوديسيوس أو حياته، فهو عاد إلى مدينته مرة أخرى وحكمها كما جرت العادة، ولكن لم نجد اختلاف في شخصه.
فهو لا يزال شخصية ماكرة متلاعبة بالكلمات، كما أنه لم يقاوم لا إغراء كاليبسو أو الساحرة تسيرس، فتظهر الملحمة ضعفه البشري، فهو رجل في النهاية يحاول العودة إلى وطنه.
كانت الملحمة تتناقل شفهيًا من قبل، إلا أن هوميروس كتبها ونظمها وجعل أحداثها متسلسلة وممتعة، كما أنه جعل تسلسلها مختلف فلم يبدأ بالبداية أو حتى بالنهاية ولكن بمنتصف الملحمة.
في جزء معين من الملحمة كان أوديسيوس هو الراوي وليس هوميروس، مما نوع من السرد في الملحمة، وأكسبها طابع شخصي في جزء منها.
الأوديسة من أهم الأعمال اليونانية والعالمية والتي تخلد أسطورة أوديسيوس ورحلته الأسطورية للعودة إلى وطنه، رغم غضب الإله بوسيدون ورغم كل المخاطر إلا أنه عاد ليحكم مدينته إثاكا.
أقرأ أيضًا:
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…
قام فريق من الباحثين بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي للنباتات يسمى "PlantRNA-FM"، يمكنه فك شفرة "اللغة"…
في عام 1656، طرح الفيلسوف ويليام مولينو تجربة فكرية على جون لوك. إذا اكتسب شخص…
قام العلماء من جامعة بريستول في المملكة المتحدة بتطوير أول بطارية تعمل بالطاقة النووية في…