أصبح شعور الذكاء الاصطناعي بالأسطح ممكنًا الآن بفضل التقدم الثوري في الأبحاث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. حيث نجح العلماء في تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه “الإحساس” بالأسطح، مما يفتح بعدًا جديدًا لنشر التكنولوجيا في العالم الحقيقي. ويجمع هذا النظام المبتكر بين علم الكم والذكاء الاصطناعي لإنشاء نظام مسح بالليزر يمكنه اكتشاف اختلافات الأسطح بدقة.
محتويات المقال :
استشعار الأسطح
إن القدرة على “الشعور” بسطح الجسم دون لمسه جسديًا قد يبدو مثل الخيال العلمي، لكنه أصبح حقيقة بفضل التقارب بين العلوم الكمومية والذكاء الاصطناعي (AI). لقد كان استشعار السطح، وهو القدرة على اكتشاف وتحليل خصائص السطح، مجالًا مهمًا للبحث لعقود من الزمن.
في الماضي، اعتمد استشعار السطح على الطرق التقليدية مثل قياس البيانات، الذي يستخدم طرقًا فيزيائية لمسح السطح. أو قياس التداخل، الذي يقيس أنماط تداخل الضوء المنعكس عن السطح. ومع ذلك، فإن هذه الأساليب لها حدودها، بما في ذلك سرعات المسح البطيئة والتكاليف المرتفعة والدقة المحدودة. لقد فتح ظهور علم الكم إمكانيات جديدة لاستشعار الأسطح، مما أتاح تطوير أساليب أكثر حساسية ودقة.
أحد المبادئ الأساسية لعلم الكم هو مفهوم ازدواجية الموجة والجسيم، حيث يمكن للجسيمات، مثل الفوتونات، أن تظهر سلوكًا شبيهًا بالموجة وشبيهًا بالجسيمات. تسمح هذه الخاصية بإنشاء أنظمة استشعار حساسة للغاية يمكنها اكتشاف حتى أصغر التغييرات في تضاريس السطح.
شعور الذكاء الاصطناعي بالأسطح
يجمع نظام المسح بالليزر المدعوم بالذكاء الاصطناعي بين ليزر المسح الضوئي الذي يطلق الفوتونات ونموذج الذكاء الاصطناعي المُدرب على معالجة الفوتونات المتناثرة أو جزيئات الضوء التي تعود من السطح.
يقوم النظام بإطلاق سلسلة من نبضات الضوء القصيرة على سطح “للشعور” به، قبل أن تعود الفوتونات المتناثرة، أو جزيئات الضوء، حاملة ضوضاء منقطة (speckle noise)، وهو نوع من العيوب التي تتجلى في الصور. يُعتبر هذا عادةً ضارًا بالتصوير، ولكن في هذه الحالة قام الباحثون بمعالجة آثار الضوضاء باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما مكن النظام من تمييز تضاريس الجسم.
استخدم الفريق 31 نوعًا مختلفًا من ورق الصنفرة الصناعي بسماكة تتراوح من 1 إلى 100 ميكرومتر. ثم قام الباحثون بإعداد نظام الليدار (LiDAR)، الذي استخدم شعاع ليزر يتم إطلاقه في نبضات بيكو ثانية (1 تريليون بيكو ثانية تعادل ثانية واحدة). الليدار هي طريقة استشعار عن بعد تستخدم الضوء في شكل ليزر نبضي لقياس المسافات (المسافات المتغيرة) إلى الأرض. إنها مثل عين عالية التقنية في السماء يمكنها إنشاء خرائط ثلاثية الأبعاد مفصلة لسطح الأرض.
وقد مرت نبضات الضوء عبر أجهزة الإرسال والاستقبال، وارتطمت بورق الصنفرة، ثم ارتدت عبر النظام لتحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي. حيث جاءت الفوتونات المتناثرة من نقاط مختلفة على السطح وتم عدها باستخدام كاشف فوتون فردي (single photon detector).
وحققت النتائج خطأ متوسطًا يبلغ حوالي 8 ميكرومتر. ولكن هذا تحسن إلى 4 ميكرومتر فقط بعد أن عمل الذكاء الاصطناعي مع عينات متعددة. وهذا يتماشى تقريبًا مع دقة أجهزة قياس الملامح المستخدمة حاليًا.
التطبيقات والتأثير
في المجال الطبي، يمكن استخدام هذه التقنية للكشف عن العلامات التحذيرية المبكرة لسرطان الجلد من خلال تحليل أسطح الشامات. ومن خلال القدرة على تمييز الاختلافات الصغيرة، يمكن للأطباء تحديد الآفات السرطانية المحتملة في وقت مبكر، مما يؤدي إلى علاج أكثر فعالية وإنقاذ عدد لا يحصى من الأرواح.
وبعيدًا عن الطب، يمكن لاستشعار الأسطح المعتمد على الذكاء الاصطناعي تحسين عمليات التصنيع من خلال اكتشاف العيوب الدقيقة في المواد، وتقليل النفايات، وزيادة جودة المنتج. وفي مجال الروبوتات، يمكن لهذه التكنولوجيا أن تمكن الآلات من التنقل في البيئات المعقدة بسهولة، مما يمهد الطريق لأنظمة ذاتية أكثر تطورا.
ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، يمكننا أن نتوقع دمجها في مختلف جوانب حياتنا اليومية، بدءًا من السيارات ذاتية القيادة التي يمكنها اكتشاف الأسطح المختلفة إلى المنازل الذكية التي يمكنها مراقبة التغيرات البيئية والاستجابة لها.
المصادر
Surface roughness metrology with a raster scanning single photon LiDAR | applied optics
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :