تُعد مملكة دلمون واحدة من أقدم الممالك الحضارية في تاريخ الشرق الأدنى القديم، والتي ازدهرت على أراضي ما يُعرف اليوم بالبحرين وعدد من الجزر المحيطة بها في الخليج العربي. بالاضافة الى انها لعبت دلمون دورًا محوريًا في الربط التجاري والثقافي بين حضارات العراق القديم، شبه الجزيرة العربية، وبلاد الهند. مما جعلها مركزًا تجاريًا وعمرانيًا هامًا في الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد.
محتويات المقال :
الموقع الجغرافي والأهمية الاستراتيجية
تقع مملكة دلمون على الجزر الشرقية للبحرين الحالية والساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية. إذ انها موقعها الفريد على الخليج العربي مكنها من السيطرة على طرق التجارة البحرية التي تربط بين بلاد ما بين النهرين (سومر وأكد) وبلاد عمان والهند. فكانت بذلك بوابة عبور رئيسية للبضائع والسلع مثل الفضة، اللؤلؤ، والخامات الطبيعية.
تاريخ مملكة دلمون
تأسست مملكة دلمون حوالي عام 3000 قبل الميلاد واستمرت في الازدهار حتى حوالي 600 قبل الميلاد. ظهرت دلمون في النصوص السومرية والأكدية باسم “دلمون” كمركز مقدس للتجارة والطقوس الدينية. تميزت في أوجها بالاستقرار السياسي والاقتصادي، وكانت موطنًا لملوك محليين يحكمون عبر تحالفات تجارية ودبلوماسية مع القوى الكبرى في الشرق الأدنى.
النظام السياسي والاجتماعي
لم تكن دلمون إمبراطورية عسكرية، لكنها اعتمدت على قوتها الاقتصادية عبر التحكم في التجارة البحرية. كان لحكامها دور في تنظيم الشؤون التجارية والدينية، حيث عُثر على معابد مخصصة لعبادة آلهة مثل إنكي، إله المياه والحكمة عند السومريين. الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بدلمون. المجتمع الدلموني كان يتألف من تجار، صيادين، وحرفيين يساهمون في تطور التجارة والصناعات البحرية.
الآثار والمواقع الأثرية في مملكة دلمون
يوجد العديد من الآثار المكتشفة في البحرين التي تعد من دلائل وجود حضارة دلمون، وأبرزها:
- مدينة هاجر: موقع أثري ضخم يقع في وسط البحرين، يشير إلى وجود مدينة عمرانية كاملة تعود للعصر البرونزي. تضم معابد ومساكن ومخازن.
- قلعة المحرق: من المواقع الأثرية التي تحتوي على بقايا تحصينات ومنشآت كانت ذات أهمية استراتيجية.
- مقابر دلمون: تتكون مدافن دلمون من 21 جزءاً منتشرة على امتداد يصل إلى 20 كيلومتر، وتضم تلال مدينة حمد، تلال مدافن الجنبية، تلال مدافن عالي الشرقي، وتلال مدافن عالي الغربي. ويصل عددها إلى 11,774 تلة، فيما تتواجد بينها تلال ملكية.
كما درجت تلال مدافن دلمون في قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة (اليونسكو)، وذلك خلال اجتماع اللجنة الثالث والأربعين الذي تم في باكو، في يوليو 2019. وقد أدرجت بناءً على معياريين من معايير الإدراج وهي المعيار الثالث الذي يتمثل في احتواء الموقع على شهادة استثنائية لإحدى التقاليد التراثية والحضارية. وتمثل المعيار الرابع في كون الموقع يمثل طريقة بناء ترمز إلى مرحلة من تاريخ البشرية.
- المرافئ القديمة: بقايا مرافئ بحرية قديمة تدعم فرضية الدور التجاري لدلمون في الخليج العربي.
مملكة دلمون في النصوص القديمة
ورد ذكر دلمون في العديد من النصوص السومرية، حيث وصف كأرض طاهرة ونقية في ملحمة جلجامش، كما انها مكان مقدس تذهب إليه الأرواح. كما أظهرت النصوص الأكادية ارتباط دلمون بالاقتصاد والتجارة، حيث كانت نقطة انطلاق للبضائع مثل اللؤلؤ والفضة.
وفي النهاية تمثل مملكة دلمون نموذجًا فريدًا لحضارة قديمة اعتمدت على التجارة البحرية والدبلوماسية بدلاً من القوة العسكرية التقليدية. إذ أنّ الآثار المكتشفة في البحرين تؤكد عراقة هذه الحضارة وأهميتها في الربط بين حضارات الشرق الأدنى القديم.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :