منطق

مغالطة الاحتكام إلى العاطفة Appeal to emotion

مغالطة الاحتكام إلى العاطفة

الاحتكام إلى العاطفة واحدة من أكثر المغالطات شيوعاً، غالباً ما تكون استراتيجية ناجحة للتأثير على آراء الناس وسلوكهم. سنشرح في هذا المقال مغالطة الاحتكام إلى العاطفة، ومتى يتم استخدامها، وسنعرض عدداً من الأمثلة لأن فهم هذه المغالطة سيجعلك أكثر استعداداً لكشفها والتصدي لها، بالإضافة إلى تجنّب الوقوع فيها.

تعريف مغالطة الاحتكام إلى العاطفة:

هي أن يستعمل الشخص العاطفة أو اللعب بالمشاعر مثل الشفقة أو الخوف أو الكراهية في أثناء استدلاله للتأثير على حكم الطرف الآخر، بدلاً من استخدام المنطق والحقائق لدعم الحجة والفوز بالجدل.

  • يُعتبر التلاعب بالعواطف أسلوباً فعّالاً نظراً لطبيعة إدراك البشر وتحيزاتهم الداخلية، حيث يعتمد الناس غالباً على استجاباتهم العاطفية عند اتخاذ القرارات، بدلاً من الحقائق والتفكير المنطقي. ولكن حقيقة أننا نرغب بأمر ما لا يجعله بالضرورة صحيحاً، فلن يحاول أي عالم رياضيات إثبات نظرية رياضية من خلال مناشدة عاطفة الناس أو شفقتهم، فإما أن تكون الحجة صحيحة أو خاطئة.
  • هذه المغالطة هي أصل تتفرع منه عدّة مغالطات فرعية كالاحتكام إلى الخوف، والاحتكام إلى الشفقة، والاحتكام إلى الكراهية، والاحتكام إلى الحسد، والاحتكام إلى الفخر.. إلخ.

الشكل المنطقي:

مقدمة1: شخص يقوم بالدعوى س من دون إثبات
مقدمة 2: الشخص أ يقدم حججاً عاطفية تدفع الآخر لتبني س
نتيجة: الشخص أ يستنتج أن الدعوى س صحيحة.

أمثلة:

  1. “كيف استطعت رفض رسالة دكتوراه ذلك الطالب؟ فالمسكين قد عكف على تحضيرها طيلة أربع سنوات، ولو سمعت جدته المسكينة ربما ستموت بسكتة قلبية”.
  2. شرح المغالطة: في هذا المثال طرح المعترض مبررين لاعتراضه، أولاً كون الرسالة دامت أربع سنوات، والثاني أن جدة الطالب مريضة. فأثّر كلا المبررين على عاطفة الأستاذ واستجداء شفقته تجاه الطالب وحالته الصعبة، بدلاً من تقديم حجج منطقية من محتوى الرسالة وجودتها. ومثل هذه الأمثلة كثيرة، كأمثلة الدراسة والسماح بالغش تعاطفاً مع الطلبة بدلاً من النظر إلى عواقب الأمر عقلانياً.
  • “أعرف أن الرجل قد أفسد المؤسسة؛ ولكنه بأمس الحاجة لهذا العمل لإطعام أطفاله الثلاثة”.

    كما هو واضح فإن الحجة المقدمة للحفاظ على وظيفة الشخص هو حاجته لإطعام أطفاله الثلاثة، دون النظر لعواقب فساده عقلانياً؛ وذلك لمحاولة دغدغة مشاعر المدير أو المسؤول بهدف التأثير على رأيه بطريقة غير مباشرة.
  • تستخدم هذه المغالطة في الخطاب الديني بالترغيب والترهيب للتأثير على المشاعر ومخاطبة الوجدان بطريقة انفعالية دعوية. ولو في مسائل عقلية تحتاج للتحليل والشرح العقلاني لحشد الجماهير وجمع أكبر عدد من التابعين. ويصبح الأمر أسوأ حين تُستغل النصوص التي تحرّك الوجدان من طرف الجماعات المسلحة في تجنيد الشباب ودفعهم للقيام بأفعال إجرامية باسم الدين والحق عارضين عليهم بدائل لاحقة وإغراءات أخروية.
  • تستخدم في الإعلان، إذا تُستخدم صورة لعائلة تبدو سعيدة ومرحة أو شخص متسلق في جزيرة جميلة. ثم يصورونه وهو يستعمل منتوجاً معيناً ليرتبط المنتج في ذهن المشاهد بأحاسيس السعادة والراحة النفسية. كأن يكون إعلاناً لمطرقة أو إسمنت.. إلخ، وذلك لأنهم يعلمون أن العاطفة هي أسهل طريق للتغيير السريع والفعّال.

متى لا يكون الاحتكام إلى العاطفة غلطاً منطقياً؟

ليست العاطفة والمشاعر مغالطة في حد ذاتهما؛ بل استغلالهما في مكان الأدلة المنطقية كحجة للوصول إلى نتيجة معينة هو المغالطة. يجب التفريق بين استعمال العاطفة لتشجيع الآخرين وتحفيزهم للقيام بعمل معين، والاحتكام إليه كمرجع لتأكيد الحقائق، واستغلالها في تغيير قناعاتهم ومعتقداتهم، فالأول لا يكون مغالطة، في حين يكون الثاني مغالطة منطقية.

Related Post

المصادر:

Fallacy in logic

المغالطات المنطقية، عادل مصطفى

رجل القش، الحشو المنطقي، الدليل المختصر للمغالطات المنطقية والانحيازات الإدراكية، يوسف صامت بوحايك

اقرأ أيضاً مغالطة الرنجة الحمراء

Author: Batoul sirees

حاصلة على ماجستير في آثار الشرق القديم من جامعة حلب، مهتمة بالقراءات المتعلقة بآثار وتراث الحضارات والثقافات المتنوعة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Batoul sirees

حاصلة على ماجستير في آثار الشرق القديم من جامعة حلب، مهتمة بالقراءات المتعلقة بآثار وتراث الحضارات والثقافات المتنوعة.

Share
Published by
Batoul sirees

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

21 ساعة ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يومين ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

4 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

6 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

7 أيام ago