مركبة فوياجر 2 الفضائية ترسل لنا أول رسائلها من الفضاء النجمي
على بعد 18 بليون كيلومتر من الأرض يوجد الحد الذي يفصل بين الغلاف الشمسي heliosphere والفضاء النجمي Interstellar Space (ويُقصد به المنطقة بين النجوم التي لا تخضع لتأثير الرياح الشمسية والمجال المغناطيسي لشمسنا). عندما عبرت مركبة فوياجر 2 الفضائية هذا الحد، في يوم 5 نوفمبر 2018 بعد أكثر من 40 عامًا على إطلاقها، أرسلت لنا إشارة خافتة، والتي تمكن العلماء الآن من فكها.
تعد مركبة فوياجر 2 ثاني مركبة فضائية تتخطى الغلاف الشمسي إلى الفضاء النجمي، بعد مركبة فوياجر 1 التي وصلت إلى الفضاء النجمي في عام 2012. على الرغم من إطلاق فوياجر 2 قبل فوياجر 1 بستة عشر يومًا، إلا أنها احتاجت إلى 6 سنوات لتلحق بها وتصل إلى الفضاء النجمي، بعد ما سافرت بجوار الكواكب العملاقة بنظامنا الشمسي، ووفرت لنا الصور القريبة الوحيدة المتاحة لنا لكوكبي أورانوس ونبتون.
والآن أرسلت لنا فوياجر 2 النظرة الأكثر تفصيلاً حتى الآن للفضاء النجمي -على الرغم من أن علماء ناسا لم يكن لديهم أدنى فكرة في البداية من أن المركبة ستتمكن من الاستمرار في العمل لهذه الفترة الطويلة.
يقول البروفيسور إد ستون من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، الذي كان يعمل على المهمة قبل إطلاقها في 1977: “لم نكن نعرف حجم الغلاف الشمسي، وبالتأكيد لم نكن نعرف أن المركبة الفضائية يمكن أن تعيش لفترة كافية للوصول إلى حافته والدخول إلى الفضاء بين النجوم”.
يمكن اعتبار الغلاف الشمسي كواجهة مناخية كونية، حيث له حدود مميزة حيث تلتقي الجسيمات المشحونة التي تتدفق من الشمس بسرعة تفوق سرعة الصوت مع رياح نجمية تهب من المستعرات العظمى التي انفجرت قبل ملايين السنين. كان يعتقد ذات يوم أن الرياح الشمسية تلاشت تدريجياً مع المسافة، لكن فوياجر 1 أكدت أن هناك حدودًا، يحددها انخفاض مفاجئ في درجة الحرارة وزيادة في كثافة الجسيمات المشحونة، المعروفة باسم البلازما.
تقدم المجموعة الثانية من القياسات، القادمة من فوياجر 2، رؤى جديدة حول طبيعة حدود الغلاف الشمسي، حيث أن الأداة الخاصة بقياس خصائص البلازما الموجودة في فوياجر 1 قد تحطمت في عام 1980.
تكشف المجموعة الثانية من القياسات المنشورة في خمس ورقات منفصلة في مجلة Nature Astronomy، أن فوياجر 2 واجه حدودًا أكثر حدة وأرفع من الغلاف الشمسي مقارنةً بفوياجر 1. قد يرجع ذلك إلى عبور فوياجر 1 خلال النشاط الأقصى للطاقة الشمسية (النشاط منخفض حاليًا)، أو لأن المسبار اتخذ مسارًا أقل عمودية، مما يعني أن المسبار احتاج لوقت أطول لاختراق الحافة.
تعطي مجموعة البيانات الثانية أيضًا نظرة على شكل الغلاف الشمسي، متتبعةً شكل الغلاف الشمسي إلى حافة بارزة تشبه رصاصة حادة.
وقال بيل كورث، عالم الأبحاث بجامعة أيوا ومؤلف مشارك في إحدى الدراسات: “هذا يعني أن الغلاف الشمسي متماثل، على الأقل في النقطتين اللتين عبرت منهما المركبتان فوياجر”.
تقدم فوياجر 2 أيضًا أدلة إضافية على سمك الغشاء الشمسي heliosheath، وهو المنطقة الخارجية للغلاف الشمسي heliosphere، والنقطة التي تتراكم فيها الرياح الشمسية ضد الرياح القادمة من الفضاء النجمي، مثل موجة القوس المرسلة أمام سفينة في المحيط.
تقودنا البيانات إلى نقاش حول الشكل العام للغلاف الشمسي، والذي تتنبأ بعض النماذج بأنه يجب أن يكون كرويًا، بينما تشبهه نماذج أخرى بكُم الريح، مع ذيل طويل يتدفق خلفه بينما يتحرك النظام الشمسي عبر المجرة بسرعة عالية.
يعتمد الشكل، بطريقة معقدة، على القوة النسبية للحقول المغناطيسية داخل وخارج الغلاف الشمسي، وتشير أحدث القياسات إلى شكل أكثر كروية.
مع الأسف، هناك حدود لكمية المعلومات التي يمكننا الحصول عليها من مجموعتي قياسات فقط.
لا تزال مركبة فوياجر 2 ترسل لنا إشارات من خارج الغلاف الشمسي. تستغرق الإشارة أكثر من 16 ساعة للوصول إلى الأرض، ويتم إلتقاط الإشارة بواسطة أكبر هوائي بوكالة ناسا، وهو طبق يبلغ قطره 70 مترًا.
من المتوقع أن تنخفض طاقة المسبارين فوياجر المدعومين بالبلوتونيوم المتحلل بشكل ثابت إلى ما دون مستويات الطاقة الحرجة في عام 2025. لكنهما سوف يستمران في مسارهما لفترة طويلة بعد أن تنفذ منهما الطاقة. يقول كورث: “سوف يصمد المسباران لفترة أطول من الأرض. سوف يدوران في مداريهما الخاص حول المجرة لمدة 5 مليارات سنة أو أكثر. واحتمال اصطدامها بأي شئ يقرب من الصفر”.
المصادر:
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :