تمثل مراحل البلوغ تغير فسيولوجي كبير، وبالتالي ليس غريبًا أن يكون لعملية النضج هذه تأثير عميق على الأداء النفسي للشباب. واحدة من أكثر التغييرات حدة التي تحدث في سن البلوغ تتضمن صورة الجسد، والتي تشير إلى التصورات المعرفية والعاطفية للمرء عن جسمه. تعتبر التغييرات في صورة الجسد لافتة للنظر بشكل خاص لأنها تنطوي على اختلافات ملحوظة بين الجنسين.
عدم الرضا عن الجسم هو الجانب الأكثر دراسة من اضطرابات صورة الجسم، والتي تصيب عدد كبير. ويبدو أن لعدم الرضا عن الجسد عواقب سلبية تتمثل في اضطرابات الأكل، والقلق، والاكتئاب، وتدني احترام الذات، والإقبال على الجراحة التجميلية غير الضرورية. فعلى سبيل المثال وجدت دراسة استقصائية أجرتها حركة be real على مراهقين في المملكة المتحدة أن أكثر من نصف العينة (52٪) غالبًا ما يقلقون بشأن مظهرهم. وفي استطلاع آخر على الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و 19 عامًا، وجد أن حوالي 35٪ صورتهم الجسدية تسبب لهم القلق “كثيرًا” أو “دائمًا”. لذا، قبل أن نتحدث عن تأثير تغيرات فترة البلوغ على صورة الجسد، دعونا أولًا نفهم فسيولوجيا البلوغ.
محتويات المقال :
فسيولوجيا فترة البلوغ
يمر الجسم بالعديد من التغييرات الداخلية والخارجية خلال البلوغ. والبلوغ هو الوقت الذي يصل فيه الأشخاص إلى طولهم البالغ، ويطورون فيه خصائص جنسية ليصبحوا قادرين على التكاثر. وتحدث التغيرات الجسدية والنفسية للبلوغ ببطء بمرور الوقت. وتبدأ عادة بين سن 8-13 في الإناث و9-14 عند الذكور. ويستمر البلوغ طوال سنوات المراهقة.
ماذا يحدث خلال فترة البلوغ؟
يبدأ البلوغ عندما ترسل منطقة في الدماغ تسمى منطقة ما تحت المهاد إشارات لبقية الجسم بأن الوقت قد حان لتطوير خصائص البالغين. يرسل الدماغ هذه الإشارات من خلال الهرمونات، التي تجعل الأعضاء التناسلية (المبايض عند الإناث والخصيتين عند الذكور) تنتج مجموعة من الهرمونات الأخرى.
تسبب هذه الهرمونات نموًا وتغيرات في أجزاء مختلفة من الجسم بما في ذلك الأعضاء التناسلية الخارجية، وأنسجة الثدي، والجلد، والعظام، والدماغ. حيث يصبح الجلد دهنيًا وينتج الجسم المزيد من العرق، ويجعل كثير من الناس يصابون بشكل من أشكال حب الشباب.
تؤثر التغيرات في الهرمونات أيضًا على عواطف وأفكار الشخص. عادة ما يكون للبلوغ آثار نفسية مثل الزيادة والتغيير في المشاعر بشكل متكرر، وبدء الانجذاب الجنسي والرومانسي للآخرين، ويبدأ العديد من الأشخاص في استكشاف حياتهم الجنسية.
مراحل البلوغ في الذكور
تحدد أداة تسمى مراحل تانر مراحل البلوغ للذكور والوقت المحتمل لحدوثها. بالنسبة للآباء يمكن أن تكون هذه المراحل بمثابة دليل ممتاز للتغييرات التي تتوقع أن تراها في ابنك. فهناك خمس مراحل من البلوغ للبنين.
- المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل البلوغ. في هذه المرحلة لا يشهد الأولاد أي تغييرات ملحوظة.
- المرحلة الثانية تبدأ التغييرات الجسدية تحدث في هذه المرحلة، والتي تكون بين سن 9 و 14 عامًا. يبدأ الأولاد عادةً في تجربة نمو الأعضاء التناسلية (نمو الخصيتين وكيس الصفن)، ونمو الشعر المتناثر حول القضيب وتحت الذراعين، وزيادة في الطول مما قد يؤدي إلى آلام النمو.
- في المرحلة الثالثة تسرع التغييرات الجسدية بين سن 10 و16 سنة ويستمر نمو القضيب والخصيتين. وكذلك يختبر الذكور “الأحلام الرطبة-wet dreams”، والتي تعني القذف ليلاً أثناء النوم. ويستمر شعر العانة في النمو ويكون داكن خشن على شكل مثلث في منطقة الأعضاء التناسلية. وتستمر الزيادة في الطول، والمزيد من التعرق الذي يمكن أن يسبب رائحة في الجسم، والتغييرات الصوتية، وزيادة كتلة العضلات. وقد يحدث نمو للثدي، أو ما يعرف بالتثدي عند حوالي 50٪ من المراهقين، ولكنه يزول عادةً بنهاية سن البلوغ. إذا أصبحت هذه مشكلة جسدية أو اجتماعية يجب عليك التحدث مع مقدم الرعاية الصحية لطفلك.
- في المرحلة الرابعة تكون مرحلة البلوغ قد اكتملت، ولكن لا زال الأولاد يختبرون زيادة في نمو حجم القضيب وتغميق لون الجلد في كيس الصفن والخصيتين. وتبدأ النتوءات الحمراء على الخصيتين في النمو، ونمو شعر الجسم الذي يصل إلى مستويات البالغين. كما يبقى شعر العانة في شكل مثلث خشن، وقد يستمر تطور حب الشباب، ويستمر الصوت في التغير.
- المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية، حيث ينتهي سن البلوغ في هذه المرحلة. الأولاد يكملون نموهم وتطورهم البدني. وقد لا يطور الكثير منهم شعر الوجه حتى هذه الخطوة. كما قد يمتد شعر العانة إلى الفخذين، وقد يكون لدى بعض الأولاد خط من الشعر يصل إلى البطن. ينتهي معظم الأولاد من النمو في سن 17 عامًا، ولكن قد يستمر بعضهم في النمو خلال أوائل العشرينات من العمر.
مراحل البلوغ في الإناث
توضح مراحل تانر أيضًا مراحل البلوغ للفتيات والوقت المحتمل لحدوثها. وهناك خمس مراحل من سن البلوغ للفتيات كذلك.
المرحلة الأولى هي مرحلة ما قبل البلوغ. في هذه المرحلة لا تشهد الفتيات أي تغييرات ملحوظة.
في المرحلة الثانية تبدأ التغييرات الجسدية تحدث، وتكون بين سن 8 و13 عامًا. وعادة ما تواجه الفتيات تبرعم الثدي، وتضخم الهالات (المنطقة المصطبغة حول الحلمة)، ويظهر شعر العانة النقطي، ويزداد الطول.
في المرحلة الثالثة تسرع التغييرات الجسدية، وتكون بين سن 9 و 14 سنة. إذ يستمر نمو الثدي، ويبدأ شعر تحت الإبط في النمو، ويستمر شعر العانة في النمو حيث يزداد خشونة وتجعد على شكل مثلث. وتحدث طفرة في النمو، وتصبح بشرة الفتاة أكثر دهنية، وقد يظهر حب الشباب.
في المرحلة الرابعة يكتمل سن البلوغ، ويستمر نمو الثدي، وتبدأ حلماتهن في البروز. ولا يزال شعر العانة في شكل مثلث، وهناك الآن الكثير من الشعر الذي لا يمكن عده. وقد يستمر النمو بمعدل حوالي 2 بوصة في السنة، وقد تستمر مشاكل حب الشباب. وتبدأ الدورات الشهرية (الحيض) عادةً في حوالي سن 12 عامًا.
المرحلة الخامسة هي المرحلة النهائية. تصل فيها الفتيات إلى مرحلة البلوغ الجسدي. قد يمتد شعر العانة إلى الفخذين، وقد يكون لدى بعض الفتيات خط من الشعر يصل إلى البطن. تصل معظم الفتيات إلى ذروتهن عند بلوغ سن 16 عامًا، ولكن قد يستمر بعضهن في النمو حتى سن العشرين.
تأثير البلوغ على صورة الجسد عند المراهقين
غالبًا ما يواجه المراهقون ضغوطًا كبيرة وغير واقعية وضارة حول الجمال وبناء الجسم والوزن والشكل. ويمكن أن يؤدي البحث عن الجسم أو المظهر “المثالي” إلى خسائر فادحة في ثقة المراهق وصحته الجسدية والعقلية. فصورة الجسد هي الطريقة التي تفكر بها أو تشعر بها حيال مظهرك وجسمك. وقد يصعب الحفاظ على صورة الجسم الطبيعية والصحية خلال فترة البلوغ.
العوامل التي قد تضر بصورة جسم المراهق هي زيادة الوزن الطبيعية أو المتوقعة والتغيرات الأخرى الناتجة عن البلوغ. كما أن ضغط الأقران للنظر بطريقة معينة، ووسائل التواصل الاجتماعي وصور الوسائط الأخرى التي تروج للجسم المثالي باعتباره لائقًا أو نحيفًا أو عضليًا تضر بالمراهقين وتشجع المستخدمين منهم على التطلع إلى مُثُل جسدية غير واقعية أو غير قابلة للتحقيق.
يتعرض المراهقون الذين لديهم أفكار سلبية عن أجسادهم لخطر متزايد من تدني احترام الذات، والاكتئاب، ومشاكل التغذية والنمو، واضطرابات الأكل. بالإضافة إلى ذلك، قد يحاول بعض المراهقين التحكم في وزنهم عن طريق التدخين، أو تناول المكملات الغذائية، أو تغيير مظهرهم عن طريق شراء منتجات التجميل، أو إجراء جراحة تجميلية. إن قضاء الوقت في القلق بشأن أجسادهم وكيفية قياسها يمكن أن يؤثر أيضًا على قدرة المراهقين على التركيز على الأنشطة الأخرى.
التحدث عن صورة الجسم
يمكن أن يساعد التحدث عن صورة الجسد مع أطفالك على الشعور بالراحة. فمن المهم عند التحدث مع طفلك أن:
- تكن قدوة حسنة. فكيف تتقبل أنت جسدك، وكيف تتحدث عن أجساد الآخرين يمكن أن يكون له تأثير كبير على ابنك المراهق.
- ذكّر طفلك بأن يمارس الرياضة ويتناول نظامًا غذائيًا متوازنًا من أجل صحته، وليس فقط ليبدو بطريقة معينة.
- فكر أيضًا في ما تقرأه وتشاهده بالإضافة إلى المنتجات التي تشتريها.
- استخدم لغة إيجابية. بدلاً من التحدث عن السمات الجسدية لطفلك أو للآخرين امتدح خصائصه الشخصية مثل القوة والمثابرة واللطف.
- تجنب الإشارة إلى الصفات الجسدية السلبية في الآخرين أو في نفسك. لا تصنع أو تسمح باستخدام ألقاب أو تعليقات أو نكات مؤذية بناءً على الخصائص الجسدية للشخص أو وزنه أو شكل جسمه.
- اشرح آثار سن البلوغ. تأكد من أن طفلك يفهم أن زيادة الوزن هي جزء صحي وطبيعي من النمو، خاصة خلال فترة البلوغ.
- تحدث عن الرسائل الإعلامية. قد ترسل وسائل التواصل الاجتماعي والأفلام والبرامج التلفزيونية والمجلات رسالة مفادها أن نوعًا معينًا من الجسم، أو لون البشرة فقط هو المقبول وأن الحفاظ على المظهر الجذاب هو الهدف الأكثر أهمية. حتى الوسائط التي تشجع على التمتع بالصحة والرياضية واللياقة البدنية قد تصور جسمًا مثاليًا ضيقًا – شخصًا منغمًا ونحيفًا. يتم أيضًا تغيير صور المجلات والوسائط الاجتماعية بشكل شائع. نتيجة لذلك قد يحاول المراهقون تلبية مُثُل غير موجودة في العالم الحقيقي.
- تحقق مما يقرأه طفلك أو يتصفحه أو يشاهده وناقشه معه.
- شجع طفلك على التساؤل عما يراه أو يسمعه.
- راقب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يستخدم المراهقون وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات لمشاركة الصور والحصول على التعليقات. يمكن للوعي بأحكام الآخرين أن يجعل المراهقين يشعرون بالخجل تجاه مظهرهم. تشير الأبحاث أيضًا إلى أن الاستخدام المتكرر لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل المراهقين قد يكون مرتبطًا بضعف الصحة العقلية والرفاهية. ضع قواعد لاستخدام ابنك المراهق لوسائل التواصل الاجتماعي وتحدث عما ينشره أو يشاهده.
بالإضافة إلى تأثير البلوغ على صورة الجسد عند المراهقين اقرأ أيضًا: كيف أثرت تطبيقات تحرير الصور على معايير الجمال واحترام الذات
مصادر:
1. cambridge.org
2. medicalnewstoday.com
3. clevelandclinic.org
4. mayoclinic.org
5. mentalhealth.org
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :