يشكّل النوم حوالى ثلث حياتنا البشرية، وهو حاجة جسدية أساسية تكاد تفوق في أهميتها المأكل والمشرب. فالنوم لا يلبّي فقط حاجتنا للاسترخاء والراحة، بل هو يؤمن التوازن في وظائف الدماغ وأعضاء الجسم، وأي خلل يصيبه يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية. لذلك أبدت العلوم الطبية اهتمامًا أكبر باضطرابات النوم، وواحدة من هذه الاضطرابات هي متلازمة الرأس المنفجر. وهي متلازمة غريبة تعرقل النوم بهلوسات صوتية مرعبة. فما هي أعراض متلازمة الرأس المنفجر؟ ومن يُصاب بها؟
محتويات المقال :
متلازمة الرأس المنفجر، التي تُعرف بالانكليزية ب«Exploding Head Syndrome» أو EHS، هي اضطراب في النوم نتيجة هلوسات سمعية تحدث عند الانتقال من حالة الصحو إلى حالة الغفو أو العكس، وتكون الأصوات المُهَلوسة غالبًا قوية ومزعجة جدًا، ورغم أنها في العادة تكون غير مؤلمة، غير أنها قد تحمل تأثيرًا كبيرًا على حياة الفرد وتتطلّب في هذه الحالة تدخلًا طبيًا.
وُصفت الحالة الأولى من المتلازمة في عام 1920 من قِبل الطبيب البريطاني روبيرت أرمسترونغ – جونز. وتم استخدام كلمة “الرأس المنفجر” لأول مرة في عام 1989 من قبل بيرس الذي وصف حالة 40 شخص يشعرون بالأعراض نفسها.
بحسب التصنيف الطبي الدولي لاضطرابات النوم (International Classification of Sleep Disorders- 3rd edition)، يتضمّن تشخيص متلازمة الرأس المنفجر ثلاثة أعراض أساسية:
– سماع صوت مفاجئ أو الاحساس بانفجار مصدره الرأس في أول فترات النوم أو عند فترات الاستيقاظ في الليل.
– الاحساس بقلق وخوف شديدين (يكون مصحوبًا عادةً بسرعة في دقات القلب وفي سرعة وقع التنفس).
– عدم الإحساس بالألم.
تختلف الأصوات المُهَلوسة بين الأشخاص المُصابين بالمتلازمة وقد تم تشبيهها من قِبلهم ب: صوت انفجار قوي، أو صوت إطلاق نار، أو دوي الرعد، أو زئير حيوان مفترس، أو صوت إغلاق باب بعنف، أو صوت صرخات بعيدة، أو أصوات أزيز التيار الكهربائي وغيرها من الأصوات. وهي غالبًا تدوم للحظات قليلة.
تكون هذه الأصوات مصحوبة أحيانًا بهلاوس بصرية (كتوهّم وجود ضوء قوي أو ومضات سريعة من الضوء)، وتشنّج في بعض العضلات خصوصًا في عضلات الأطراف.
ويشعر الفرد بعدها بأعراض تشبه نوبة الهلع ك الاحساس بالخوف الشديد وعدم القدرة على التنفس وتسارع ضربات القلب والتعرق وغيرها. وهي بالتالي تعطل النوم في كثير من الأحيان.
لا يوجد دراسات كافية لتأكيد مدى شيوع متلازمة الرأس المنفجر. ففي حين يعتبر البعض أنها متلازمة نادرة، يرى آخرون أنها في كثير من الأحيان تبقى بلا تشخيص، لذلك قد تكون أكثر شيوعًا ممّا نعتقد. وقد أثارت بعض الدراسات الحديثة الصدمة بعد أن بيّنت انتشار متلازمة الرأس المنفجر عند الطلاب الجامعيين.
وقد يكون السبب في هذا التباين هو اختلاف عدد نوبات المتلازمة بين الأشخاص، بين نوبة واحدة خلال عدة أشهر (في هذه الحالة تبقى بلا تشخيص ولا تتطلّب العلاج)، وبين عدة نوبات في الليلة الواحدة (حينها تحتاج للعلاج).
تُصيب المتلازمة الأشخاص من كل الأعمار، لكنها أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين بلغوا الخمسين عامًا أو أكثر.
لا تزال أسباب المتلازمة المجهولة، لكن تمّ طرح عدة نظريات لتفسيرها. أولها تفترض خلل في عمل التشكل الشبكي في الدماغ، وهو مسؤول عن تنظيم ايقاع النوم. فيؤدي هذا الخلل إلى نشاط دماغي زائد في الفترة الانتقالية بين اليقظة والنوم، فيخلق هذه الهلوسات السمعية. نظرية أخرى تفترض وجود نوبات جزئية في الفص الصدغي. هذه النظريات وغيرها تفترض أن المشكلة تكمن في إحدى وظائف الدماغ.
لكن هناك نظريات أخرى تعتبر أن المتلازمة قد تكون ناتجة عن أمراض في الأُذُن، خصوصًا في الأذن الوسطى والداخلية.
تجدر الإشارة إلى أن المتلازمة قد تكون مرتبطة بالتوتر والقلق. وهي أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين يظهرون مشاكل واضطرابات سابقة في النوم.
تختلف حاجة الأشخاص المُصابين بمتلازمة الرأس المنفجر بحسب عدد النوبات التي يشعرون بها.
فإذا كانت النوبات نادرة (مرة واحدة كل عدة أشهر مثلًا)، يكتفي العلاج بمعرفة الفرد بأن الذي يعاني منه هو متلازمة مشخصة، وتصيب أشخاصًا آخرين وهي لا تشير إلى خلل نفسي أو مرض دماغي خطير. ويُنصح إجمالًا بالتخفيف من حدة التوتر والقلق خصوصًأ قبل النوم، ومحاولة تنظيم أوقات النوم.
أما إذا كانت النوبات كثيرة (أكثر من مرة في أسبوع واحد أو في ليلة واحدة)، فهي في هذه الحالة تؤثر بشكل كبير على كمية ونوعية النوم الذي يحصل عليهما الشخص، وبالتالي على إنتاجيته ووظائفه النفسية والجسدية. من هنا، تظهر أهمية التدخل العلاجي الذي يتضمن في العادة أدوية معينة كمضادات الاكتئاب وأدوية الصرع وغيرها، وتكون فعالة غالبًا إلى حد اختفاء الأعراض نهائيًا.
رغم أن متلازمة الرأس المنفجر غير خطيرة، غير أنها لا شك تجربة تثير الخوف والقلق عند من يُصاب بها. وعلى الرغم من أن التقدم الطبي جعلها سهلة العلاج، لكن تبقى التوعية عنها مهمة لتشجيع الأشخاص المُصابين بها لفهم حالتهم وتلقي المساعدة التي تلزمهم لتخطيها.
المصادر:
NCBI
Journal of Clinical Sleep Medicine
Wiley Online Library
Science Direct
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…