يبدأ مسار اكتشاف الفيزياء النووية بمعرفة نواة الذرة ومدى استقرارها. فما هي مختلف مكونات النواة؟ وكيف تستطيع النواة الحفاظ على تماسكها دون أن تتفتت إلى الجسيمات التي تكونها؟
محتويات المقال :
النواة ومكوناتها
مكونات النواة
تتكون نواة الذرة من نوعين من الجسيمات: البروتونات وهي موجبة الشحنة، و النيوترونات وهي منعدمة الشحنة. وتتشكَّل البرتونات والنيوترونات بدورها من جسيمات أولية (غير قابلة للتقسيم) سمِّيت الكوارك. يحدِّد نوع الكواركات المكونة للجسيم نوعه والشحنة التي يحملُها. ويتكون البروتون من ثلاثة كوارك، اثنان من النوع العلوي («الكوارك العلوي- up quark ») وواحد من النوع السفلي ((«الكوارك السفلي-down quark»). بينما يتكون النيوترون من كوارك علوي واحد و كواركين سفليين. وتأخذ شحنة كل من النيوترون والبروتون مجموع شحن الكوارك التي تكونها. وبما أن شحنة الكوارك العلوي u هي +2/3 وشحنة الكوارك السفلي dهي -1/3، فإن شحنة البرتون هي +1 [1].
النويدات وخصائصها
تسمَّى نواة الذرة في الفيزياء النووية نويدُا أو نيكليدًا. ويرمز لها عادة ب ، حيث يمثل X رمز العنصر (كربون أو هيدروجين أو غيره)، ويرمز A لعدد البروتونات والنيوترونات الموجودة في النواة، ويسمى عدد الكتلة، بينما يرمز Z للعدد الذري وهو عدد البروتونات المكونة للنواة. وتدعَى النويدات التي تملك نفس العدد الذري Z بـ «النظائر-Isotopes». بينما، تسمَى تلك التي تملِك نفس عدد الكتلة بـ «المتكتلات- Isobars ». وتسمَى النويدات التي تملك نفس عدد النيوترونات N بـ «متساويات النيوترونات-isotone » [1].
ويتم حساب كتلة نواة الذرة بوحدة الكتلة الذرية التي يرمز لها ب u. وتساوي هذه الوحدة 1/12 من كتلة ذرة الكربون 12C [2].
استقرار النواة وحالاتها
تحافظ النواة على استقرارها بفضل القوة النووية التي تجمع نوياتها (البروتونات والنيوترونات)، والتي تعرف أيضًا بـ «التفاعل القوي-strong interaction». وتتميَّز هذه القوة بكونها قصيرة المدى، أي أن كل نوية لا تؤثِر إلا في قريباتها التي تجاورها. وعلى الرغم من قصر مداها. فإن هذه القوة قادرة على التغلب على تنافر البروتونات الذي ينتج عن التفاعل بين شحنها الموجبة. وتتعلق درجة استقرار النواة بالطاقة التي تربط نوياتها. وتختلف طاقة الربط النووية عن المستوى الطاقي التي تتواجد فيه النواة. إذ يحدد هذا الأخير ما إذا كانت النواة مثارة أو في حالتها الدنيا [1].
طاقة الربط النووية
تميز «طاقة الربط النووية B(A,Z) -nuclear binding energy» درجة استقرار النواة. وتتعلق هذه الطاقة بفرق كتلة النواة ككل و مجموع كتل مكوناتها، أو ما يعرف بـ «النقص الكتلي -mass defect » [2].
حيث يمثل N عدد النيوترونات و mnكتلة كل نيوترون. ويمثل Z عدد البروتونات و mpكتلة كل بروتون. أما m(A,Z) فتمثل كتلة النواة ككل.
و تمثل B(A,Z) طاقة الربط النووية. ويمثل النقص الكتلي. بينما تمثل c2 سرعة الضوء في الفراغ.
وتعرَّف B(A,Z)/A على أنها طاقة الربط لكل نوية، حيث تتزايد درجة استقرار النواة مع تزايد هذه الطاقة. وحسب منحنى الطاقة الممثل في الشكل 3. يمكن أن نلاحظ أن طاقة الربط لكل نوية (وبالتالي درجة استقرار النواة) تتزايد مع ارتفاع عدد النويات A إلى أن تصل إلى قيمة قصوى (عند A بين 55 و60 ). ثم تعود بعدها فتتراجع مجددًا. ومن هذا التغير، يمكنُنا تفسير سبب اندماج النوى الخفيفة و انشطار النوى الثقيلة. حيث تسعَى النواة في كلتا الحالتين إلى بلوغ الدرجة القصوى لطاقة الربط لكل نوية [1][2].
حالات النواة
يمكن أن تتواجد النواة في حالة إثارة أو في «الحالة الدنيا-ground state ». في الحالة الأولى، تملك النواة فائضا من الطاقة يجعلها في وضع غير مستقر. حيث تتخلص من هذه الطاقة بإصدار فوتون أو بضعة فوتونات. أما في الحالة الثانية، فتكون النواة في وضعها الأكثر استقرارًا، حيث تملك الحد الأدنى من الطاقة [1].
ولا تتعلق حالة الإثارة والحالة الدنيا بكون النواة مشعة أو مستقرة. حيث يمكن أن نجد نواة في الحالة الدنيا لكنها غير مستقرة (مشعة). أما حالة الاستقرار لنواة ما (أي كونها مشعة أم لا)، فإنه يعتمد على طاقة الربط لدى النواة.
ختاما، اقترِحت عدة نماذج في الفيزياء النووية من أجل تفسير استقرار العناصر الموجودة في الطبيعة. فقد حاول كل نموذج تفسير سبب القيمة العالية لطاقة الربط لدى هذه العناصر المستقرة طبيعيًا. وسيكون هذا مدار المقال اللاحق.
اقترحت
المصادر
[1] Basic concepts in nuclear physics
[2] Principles of Radiation Interaction in Matter and Detection
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :