يحدد طبيب الأورام المعالج نوع العلاج حسب خصائص الإشعاعات التي تستعمل في العلاج الإشعاعي. فالفوتونات ذات الطاقة العالية، تستعمل عادة في علاج الأورام العميقة، بينما تستخدم الإلكترونات في علاج الأورام السطحية. فما هي هذه الخصائص التي تحدد نوعية العلاج الذي سيخضع له المريض؟
محتويات المقال :
تتحدد خصائص الإشعاعات المستعملة في العلاج الإشعاعي حسب توزيع الجرعة التي يتلقاها المريض عند تعرضه لحزمة من هذه الإشعاعات. ونقصد بتوزيع الجرعة، الجرعة التي يتلقاها المريض على طول مسار الإشعاعات. ويسمَى المنحنى الذي يصف هذا التوزيع بمنحى جرعة العمق، والذي يمثل الجرعة على طول المحور المركزي للحزمة الإشعاعية (الشكل 1). ويلعب هذا المنحنى دورًا مهمًا في تحديد نوع وطاقة الإشعاع المستعمل في عملية العلاج [1].
عندما تدخل حزمة إشعاعية جسم المريض، فإنها تترك جرعة محددة على المساحة الخارجية للمريض (الجلد). تظَل قيمة الجرعة في التزايد مع تعمق الحزمة داخل المريض إلى أن تصِل إلى مستوى معين تنحدِر بعده إلى أن تصِل إلى جرعة الخروج. وهي الجرعة التي تتركُهَا الحزمة عند خروجها من الجانب الآخر للمريض [1].
يتميَز «منحنى جرعة العمق-depth dose curve» بجرعة السطح. وتمثِل الجرعة التي يتلقاها جلد المريض عند مدخل الحزمة الإشعاعية. وبالجرعة القصوى، التي تمثِل أقوى جرعة يتلقاها المرض على طول مسار الحزمة. بالإضافة إلى جرعة الخروج التي تمثِل الجرعة التي تتركها الحزمة في جسم المريض قبل أن تخرُج منه. وتسمى المنطقة المنحصرة بين جرعة السطح والجرعة القصوى بمنطقة التراكم [1].
تختلف قيمة جرعة السطح بالإضافة إلى العمق الذي يمتص الجرعة القصوى (Zmax) حسب طاقة الفوتونات. فبالنسبة للفوتونات منخفضة الطاقة (أصغر من 100keV) تكون الجرعة القصوى على مستوى السطح. بينما تكون جرعة السطح عند الفوتونات عالية الطاقة (أكبر من 1MeV) أصغر بكثير من الجرعة القصوى (الجرعة عند Zmax). وتساعِد هذه الخاصية في حماية الجلد من الجرعات العالية عند علاج الأورام العميقة. إذ تستعمل الفوتونات عالية الطاقة في عملية العلاج [1].
تنتج جرعة السطح عن امتصاص «الفوتونات المتناثرة-scattered photons» عن رأس المسرع وعن الهواء باللإضافة إلى الفوتونات المرتدة من المريض. تسهِم الإلكترونات عالية الطاقة، التي أُنتجَت بواسطة تفاعل الفوتونات مع الهواء أو أحد الأجسام المجاورة للمريض، أيضًا في جرعة السطح [1].
تنتُج «منطقة التراكم-Buildup region » الممتدة من السطح (Z=0) إلى العمق (Zmax) عن الجسيمات المشحونة الثانوية. وهي تنشَأ عن تفاعل الفوتونات مع جسم المريض، والتي تودِع طاقتها في جسد المريض. ويفسر ارتفاع قيمة الجرعة مع تزايد العمق في هذه المنطقة بتزايد هذه الجسيمات الثانوية مع التوغل في جسم المريض. وعلى الرغم من أن دفق الفوتونات يكٌون في أعلى مستوى له عند السطح (وبالتالي أعلى نسبة لإنتاج الجسيمات الثانوية) فإن المسافة التي تقطعُها الجسيمات الثانوية قبل أن تودِع طاقتها في جسد المريض هي ما تسبِب ذلك الفارق في المسافة بين جرعة السطح والجرعة القصوى [1].
أما ذلك الانخفاض الملاحظ بعد الوصول إلى الجرعة القصوى (عند Zmax)، فإنه ينتُج عن «تثبيط الفوتونات-photon attenuation». الذي يتجلى في تناقص عدد الفوتونات أثناء توغلها داخل جسد المريض. حيث يؤدِي انخفاض عدد الفوتونات إلى انخفاض عدد الجسيمات الثانوية التي تنتجُها. وبالتالي إلى انخفاض الجرعة التي تودعُها هذه الجسيمات الثانوية في جسد المريض [1].
يختلف توزيع الجرعة بالنسبة للإلكترونات عن ذلك الذي لدى الفوتونات. ويرجع هذا إلى طريقة التفاعل المختلفة عن الفوتونات، والتي تأخذ أحد الأشكال التالية:
يختلف منحنى جرعة العمق بالنسبة للإلكترونات عن ذلك الذي في الفوتونات. فبالمقارنة مع حزم الفوتونات عالية الطاقة، تكون جرعة السطح عالية، مما يجعلها مفضلة في علاج الأورام السطحية. بالإضافة إلى هذا، تؤدي ظاهرة الكبح إلى ظهور ما يعرف بـ «ذيل إشعاع الكبح-bremsstrahlung tail »، والتي تتمثل في استقرار الجرعة عند قيمة ثابتة في نهاية المنحنى (الشكل 2) [1].
على عكس الفوتونات، تكون جرعة السطح عند الإلكترونات كبيرة، حيث تتراوح بين 75% و95% من الجرعة القصوى. كما تتزايد هذه الجرعة مع ارتفاع طاقة الحزمة الإلكترونية عكس ما يحدث لدى الفوتونات. ويفسر هذا بطبيعة التصادمات التي تحدث للإلكترونات منخفضة الطاقة، حيث تنحرف هذه الإلكترونات بزوايا كبيرة مقارنة بالإلكترونات ذان الطاقة العالية. فتخسر جل طاقتها في مسافة قصيرة –أي أن الجرعة تصل إلى القيمة القصوى في مسافة أقل من تلك التي تستغرقها الإلكترونات عالية الطاقة. وهكذا، تكون نسبة جرعة السطح إلى الجرعة القصوى أصغر منها عند الإلكترونات عالية الطاقة (الشكل 3) [1].
يسهم تشتت الإلكترونات في مسارات منحرفة عن المسار الأصلي للحزمة الإلكترونية إلى زيادة في دفق الإلكترونات. مما يؤدي إلى الارتفاع الملاحظ للجرعة، التي تودعها هذه الإلكترونات، في منطقة التراكم. وتتميز منطقة التراكم عند الإلكترونات بكونها أصغر من تلك التي لدى الفوتونات عالية الطاقة (يصغر فارق المسافة بين جرعة السطح عند Z=0 والجرعة القصوى عند Zmax) [1].
بعد تجاوز Zmax، تبدأ الجرعة في الانخفاض لأن الإلكترونات تستمر في خسارة طاقتها أثناء مسارها خلال جسم المريض. في النهاية، تستقر الجرعة على قيمة ثابتة بسبب ظاهرة الكبح. وتنشأ ظاهرة الكبح هذه عن تفاعل حزم الإلكترونات مع رأس المسرع أو مع الهواء الذي بين المريض والمسرع أو مع المريض نفسه [1].
في الختام، نذكر أن العلاج الإشعاعي لا يتأثر فقط بنوع الإشعاع المستعمل، بل بعوامل أخرى كطاقة الحزم الإشعاعية وحجم المجال الذي يحدد هذه الحزم وغيرها.
[1] Radiation Oncology Physics : A Handbook for Teachers and Students
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…