تحتاج السيارة إلى وقود لتتحرك، وتحتاج المروحة إلى الكهرباء كي تعمل. وكما كل الأشياء تحتاج إلى مصدر للطاقة لتقوم بوظائفها فإن جسم الإنسان أيضًا يحتاج إلى الطاقة كي يقوم بأبسط الوظائف، كرفع الكأس عن الطاولة أو حتى التنفس. ويعد «الجلوكوز- Glucose»، الذي هو نوع من أنواع السكر، مصدر الطاقة الأساسي للخلايا لتقوم بوظائفها. يقوم هرمون يُدعى «الأنسولين – Insulin» بتنظيم عملية دخول سكر الجلوكوز إلى الخلايا، ويعمل على تنظيم مستويات السكر في الدم. ويحدث مرض السكري عندما يعجز الجسم عن إفراز هرمون الأنسولين، وهذا ما يعرف بالنوع الأول من مرض السكري. أما النوع الثاني من مرض السكري فيحدث عند عدم قدرة الأنسولين الذي أفرزته الخلايا على تنظيم دخول سكر الجلوكوز إلى الخلايا. وفي كلتا الحالتين فإن نسبة السكر سترتفع في الدم.
محتويات المقال :
يتسبب مرض السكري في تغيرات عديدة في الجسم، وسنركز في هذا المقال على التغيرات التي تصيب القدمين. إذ تظهر على قدم المصاب بالسكري العديد من المشكلات الناجمة عن مرض السكري نفسه أو عن المضاعفات المرافقة له. وتعرف هذه المشكلات باسم القدم السكري. وتعد القدم السكري من أكثر المشكلات شيوعًا والتي تصيب مرضى السكري وأحد أكثر الأسباب التي تُلزم المريض دخول المستشفى. ويشمل مصطلح القدم السكري بحسب الجمعية الأمريكية للسكري العديد من المشاكل منها:
يُقصد به تلف الأعصاب في القدمين، حيث يشعر المريض بالخدر والتنميل. وعلى الرغم من ذلك إلا أن تلف الأعصاب يُقلل من قدرة المريض على الشعور بالألم والحرارة والبرودة. ويؤثر تلف الأعصاب في القدمين بعدة طرق:
يتسبب مرض السكري في تضيق وتصلب الأوعية الدموية في القدم مما يجعلها أقل قدرة على مقاومة العدوى والشفاء.
يُقصد بالتقرح، الجرح العميق والمكشوف الذي يصل إلى الأنسجة الداخلية. ويُقدر خطر إصابة المريض بتقرح القدم خلال حياته مع مرض السكري بـ 25٪ [2]. ويحدث تقرح القدم نتيجة لتلف الأعصاب في القدمين، إذ أن الجروح والإصابات قد تصيب مريض السكري دون شعوره أو الانتباه لها. ومع ضعف التروية وتدفق الدم إلى القدم، فإن علاج هذه الجروح والتئامها يحتاج إلى وقت طويل. وفي حال لم ينتبه المريض إلى هذه الجروح، ومع استمراريته بالمشي عليها أو ارتداء الأحذية، تتحول هذه الجروح إلى قرح مكشوفة عميقة معرضة للبكتيريا والالتهابات. وقد تصل العدوى إلى العظام ما يجعل القدم معرضة للبتر.
وفقًا للإحصائيات العالمية يُقدر أن أكثر من مليون شخص من مرضى السكري يحتاجون إلى بتر أطرافهم كل عام، ونظرًا إلى أن غالبية عمليات بتر الأطراف في مرضى السكري يسبقها تقرح في القدم، فإنه يمكن منع عملية البتر من خلال العناية بالقدم.[2][3] وليست التقرحات وحدها التي تعتبر سببًا لبتر القدم، حيث يعتبر اعتلال الأوعية الدموية أيضًا سببًا أساسيًا لبتر القدم.
تؤثر البيئة الاجتماعية في التعامل مع الحالات المرضية غالبًا، حيث تختلف نظرة الأفراد في تلقي العلاج باختلاف الثقافة السائدة والمستوى التعليمي وحتى المستوى الاقتصادي. فجميعها عوامل تؤثر في الانتباه وعلاج القدم السكري أو حتى الحد من المضاعفات.
ترتفع معدلات حدوث مضاعفات القدم السكري عند الأفراد ذوو الوضع الاقتصادي المتدني، بسبب عدم تمتعهم برفاهية الحياة الصحية والعناية. كما تنخفض قدرتهم على الوصول إلى العلاج، ويتخلفون غالبًا عن مراجعة الطبيب، ومراقبة الحالة الصحية للقدمين. وبالتالي فإن فرصة تطور مضاعفات القدم السكري أكبر عندهم.
أظهرت العديد من الدراسات أن نوع الجنس يؤثر على تطور القدم السكري. فعلى الرغم من أن نسبة النساء هي الأكبر في الإصابة بمرض السكري إلا أن الذكور هم الأكثر عرضة للإصابة بالقدم السكري ومضاعفاتها. وقد يعزى السبب في ذلك الارتفاع بين الذكور إلى زيادة الجهد البدني المبذول عند الذكور. [4] كما يعد الذكور أكثر عرضة لبتر الأطراف لأن نسبة الإصابة باعتلال الأوعية الدموية أعلى عندهم منها عند وهو ما يشكّل عامل خطر لبتر القدم.
وهناك عوامل أخرى تؤثر بظهور مضاعفات القدم السكري حسب نوع الجنس بناءً على الثقافة المجتمعية. ففي السعودية مثلًا، وُجد أن تقرحات القدم السكري عند النساء أكبر حجمًا وغير معالجة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى القيود يفرضها المجتمع على النساء تؤثر سلبًا على جودة الحياة الصحية، وتحد من إمكانية وصولهنَ لتلقي العلاج والرعاية اللازمين. [4]
في مثال آخر عن تأثير الثقافة المجتمعية في تلقي العلاج، وُجد أن وصول الرجال إلى الخدمات الصحية أقل مقارنة بالنساء لأنهم يعتقدون أن لديهم وقتًا أقل لصحتهم. [5]
لمضاعفات القدم السكري آثار اجتماعية ونفسية واقتصادية خطيرة على كلٍ من الأفرادِ المتضررين والقائمين على رعايتهم. وتتناسب هذه الآثار طرديًا مع شدة المضاعفات، فمثلًا يؤثر الاعتلال العصبي السكري في جميع جوانب الحياة. وفي المقام الأول يؤدي إلى انخفاض في القدرة على الحركة، ويترتب على ذلك الحاجة إلى التكيّف مع أسلوب الحياة الجديد. [5]
تظهر علامات اكتئاب وقلق عند مرضى السكري عامًة وعند الذين يعانون من القدم السكري خاصًة. وتزداد نسبة التعرض للاكتئاب بين الذين خاضوا عملية البتر، حيث يواجهون صعوبة في التأقلم مع الصورة الجديدة للجسم والتغيرات المرافقة لها مثل صعوبة الحركة وتغير في نمط الحياة ككل. لذا فالمعرضون للبتر هم الأشد عرضة للحزن والوحدة. وهنا يأتي دور العائلة ومقدمي الرعاية، حيث ينعكس الدعم النفسي والاجتماعي إيجابًا على هؤلاء المرضى، وتزيد نسبة تقبلهم لأنفسهم مع ازدياد الدعم لهم. لذا من المهم أيضًا زيادة الوعي المجتمعي بمرض السكري ومشكلات القدم السكري والوعي بمراحله المرضية والعلاجية.
يمكن تجنب العديد من مشاكل القدم السكري من خلال تقديم الرعاية الكافية والمناسبة. ويعد العامل الأساسي والأهم لتجنب المضاعفات هو تثقيف مريض السكري وتعليمه كيف يمنع هذه المضاعفات قدر المستطاع. فبالإضافة إلى مراقبة نسبة السكر في الدم، يلزم مريض السكري مراقبة ضغط الدم ومحاولة تحسين نمط الحياة اليومي من خلال زيادة التمرينات والتخلص من الوزن الزائد والإقلاع عن التدخين. فالوقاية من مشاكل القدم أمر ضروري للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري. ويجب أن يكون الشخص يقظًا بشأن صحة القدمين ونظافتهما. وفيما يلي أهم النصائح للعناية بالقدمين:
المصادر
توصل باحثون إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث ثورة في عالم التكنولوجيا القابلة للارتداء. لقد…
مع تصاعد التوترات حول نهر النيل، الذي يشكل شريان حياة بالغ الأهمية لملايين البشر في…
من المتوقع أن تشهد البشرية في السنوات القليلة المقبلة تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي.…
مقاومة المضادات الحيوية، التي تمثل تهديدًا صحيًا عالميًا متزايدًا، لها سبب مفاجئ وهي التربة. حيث…
في عالم الفلسفة الإسلامية، تم التغاضي عن مفهوم رائع لعدة قرون. لقد كانت الأحادية (monism)،…
من خلال إعادة التفكير في افتراضاتنا حول الحياة خارج الأرض، يتحدانا عالمان للنظر في إمكانية…