تقنية

ما هي الطاقة الكهرومائية وكيف تطورت عبر العصور؟

هذه المقالة هي الجزء 18 من 22 في سلسلة موضوعات تأسيسية في الطاقة المتجددة

ما هي الطاقة الكهرومائية؟

هي أحد صور تحول الطاقة الكامنة إلى طاقة متحركة، وتعتبر أحد مصادر الطاقة المتجددة النظيفة الخالية من الملوثات الهوائية والأرضية والمائية.
تأتي الطاقة الكهرومائية من الماء المتدفق من عدة مصادر، قد تكون العيون، أو الأنهار، أو الشلالات. حركة الماء المتأثرة بالجاذبية الأرضية تعطيه قوة دفع تساعد على تحريك العنفات، والتي بدورها تحرك المولدات لإنتاج الطاقة الكهربائية.[1]

دورة الماء والشمس

يمكننا أن نعزي صورة هذه الطاقة كأحد صور الطاقة الشمسية، فما يحدث هنا بالضبط هو نتيجة ما يسمى بالدورة الهيدرولوجية أو دورة الماء، وهي نتاج حركة المياه على الأرض، وداخلها، وفوقها وتحول حالتها بسبب تغير الحرارة، والأشعة القادمة من الشمس.[1]

الدورة الهيدرولوجية

عندما تقوم الشمس بتسخين المحيطات مكونة بذلك بخار ماء متصاعد يتحرك بحركة التيارات الهوائية الناتجة عن تغير الضغط، يتكثف بخار الماء في طبقات الجو العليا ليكون سحب مشبعة ببخار الماء، والتي تتحرك بدورها بفعل التيارات الهوائية حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى اصطدام بعضها البعض مسببة تساقط الأمطار.
بحسب المنطقة الجغرافية التي يتساقط فيها المطر تختلف حالة المادة، فمثلًا في المناطق ذات الظروف المناخية الباردة يتساقط الماء كثلوج تتراكم لتكون أنهار جليدية تذوب حينما تبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، أما في الظروف المناخية الحارة يتساقط المطر في حالته السائلة.

تعاود الأمطار الهاطلة السقوط إما فوق المحيطات والبحار، وإما فوق سطح الأرض لتسيل كمياه أمطار جارية نتيجة للجاذبية الأرضية. ثم يعود بعض من هذه المياه إلى مجاري الأنهار، ليتحرك نحو المحيطات.

من جهة أخرى، مياه الأمطار التي تسقط على سطح الأرض، يتسرب بعضها إلى جوف الأرض بفعل عملية الارتشاح لتشكل مياه عذبة جوفية. يبقى جزء من هذه المياه قريباً من سطح الأرض، ويمكن أن يسيل مرة أخرى إلى داخل مجاميع المياه السطحية لتشكل مياهاً جوفية. تجد بعض من المياه الجوفية فتحات على سطح الأرض حيث تخرج منها كينابيع من المياه العذبة. وهكذا تظل المياه تتحرك ليعود بعضها إلى مصادره الأولية لتنتهي بذلك دورة هيدرولوجية واحدة، لتحل محلها دورة أخرى.[2]

موجز تاريخي لتطور الطاقة الكهرومائية

منذ بداية عصور الحضارة، حاول الإنسان استغلال المياه الجارية، فعمد إلى استحداث طرق مبتكرة للاستفادة من الطاقة الهيدروديناميكة للماء، والتي ساعدتنا للوصول إلى أحدث التقنيات المستخدمة حاليًا في توليد الطاقة الكهرومائية.[3]

تقنيات الطاقة المائية في العصور القديمة

في العصور القديمة في بلاد الرافدين، قبل ستة آلاف سنة تقريبًا، تم تطوير تقنيات زراعية، وأجهزة تعتمد على الماء كعنصر رئيسي لتشغيلها مثل الساعات المائية، والتي تعتبر أحد أقدم الطرق لقياس الوقت.[3]

Related Post

في العام ألف قبل الميلاد، طور الفرس تقنية تمت تسميتها بقنات. تعتمد بشكل رئيسي على بناء قنوات طويلة، وضيقة تقام بشكل عمودي لتزود السكان بالماء على مستوى مدن بأكملها. وبنفس الوقت، قام الصينيون ببناء تقنية مشابهة لتقنية قنات في منطقة تسمى طوربان في الصين.[3]

إلا أن أول محاولة لاستخدام الماء في إنتاج الطاقة كانت في الصين في عهد سلالة الهان الغربية عام ٢٠٢ قبل الميلاد. كانت عبارة عن مطرقة ضخمة مزودة بعجلة مياه رأسية أطلق عليها إسم مطرقة الإمالة، واستخدمت بشكل رئيسي في طحن الحبوب، وتكسير خام المعادن، وصناعة الورق.[4]

تقنيات الطاقة المائية في العصور الحديثة

المحاولات الأولية للاستفادة من طاقة المياه لإنتاج الكهرباء كانت مرافقة لبداية النمو الاقتصادي للحضارة الغربية، عندما قام ريتشارد أركرايت بإنشاء طاحونة كرومفورد، في وادي ديرونت، في إنجلترا عام ١٧٧١ لاستخدامها في صناعة القطن والذي يعد أول نظام مصنعي متكامل في العالم تم تشغيله باستخدام الطاقة المائية.[4]

حصلت بعض التطورات الرئيسية في تقنية الطاقة المائية في النصف الأول من القرن التاسع عشر. ففي عام ١٨٢٧، أنشأ المهندس الفرنسي بينوا فورنيرون عنفة مائية تعمل على إنتاج ستة حصان من الطاقة.[4]
عام ١٨٤٩، طور المهندس الأميركي البريطاني جيمس فرانسيس أول عنفة مائية حديثة، والتي ما زالت قيد الاستخدام الواسع حتى يومنا هذا.[4]
في القرن العشرين، قام البروفيسور النمساوي فيكتور كابلان بتطوير عنفة كابلان عام ١٩١٣ والتي تعتبر أول عنفة مائية ذات مراوح فاتحة بذلك المجال لدخول مرحلة حديثة من إنشاء محطات كهربائية كاملة تعمل بالطاقة المائية.[4]

[1] Hydroelectric Power.
[
2] A Summary of the Hydrologic Cycle
[3]A brief history of Hydroelectricity
[4]A brief history of hydropower

Author: Dalia Almokadam

مهندسة ميكانيكية مهتمة بالعلوم الهندسية، والطبيعية، والطاقة المتجددة.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Dalia Almokadam

مهندسة ميكانيكية مهتمة بالعلوم الهندسية، والطبيعية، والطاقة المتجددة.

Share
Published by
Dalia Almokadam

Recent Posts

“رحلة الابتكار لا تعرف حدودًا”: مؤتمر التقانات الحيوية الحادي عشر يواجه تحديات الأمن الصحي والغذائي

قمة العلماء العرب تنطلق الأحد القادم.. "التقانة الحيوية".. بوصلة العرب نحو استدامة المستقبل أعلنت رابطة…

يومين ago

اختراق علمي: أقدم حمض نووي ريبوزي يكشف أسرار حياة وموت الماموث الصوفي!

تمكن علماء من تحقيق إنجاز علمي باهر عبر عزل وتحديد تسلسل أقدم حمض نووي ريبوزي…

6 أيام ago

لغز “أطلانطس اليابان”: هل “هرم يوناجوني” الغارق يعيد كتابة تاريخ الحضارات الإنسانية؟

هرم يوناجوني": الحقيقة الكاملة للغز الياباني الذي يتحدى الأهرامات منذ اكتشافه صدفة عام 1986، تحوّل…

أسبوعين ago

جيمس واتسون.. رحيل العبقري الجدلي الذي غيّر وجه البيولوجيا للأبد

وداعاً "أيقونة الحمض النووي": جيمس واتسون ببالغ الحزن والتقدير، أعلن العالم عن رحيل أحد أبرز…

أسبوعين ago

“عاشق العلم بروح التصوف”.. رحيل الدكتور أحمد شوقي وإرث “كراسات علمية” الخالد

ببالغ الحزن والأسى، ودعت الأوساط الأكاديمية والعلمية في مصر والعالم العربي قامة من قامات الوراثة…

أسبوعين ago

نظرية “إعادة التدوير الحيوي” تكتسح “داروين” وتُعيد تعريف الحياة

الحياة منظومة تتجدد ذاتياً لا آلة عشوائية! في إنجاز تاريخي هزّ أركان علم الأحياء التطوري،…

أسبوعين ago