“يعد المنهج التاريخي أول المناهج النقدية في العصر الحديث”.[2] ويدرس الظاهرة الأدبية من ناحية الظروف التاريخية للكتابة. إذ يتبع المعطيات التاريخية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي خلقت وكونت الأثر الأدبي.[1] ويركز المنهج التاريخي على علاقة العمل الأدبي بالمجتمع. ولأن المجتمع يتغير بمرور الزمن، يربط هذا المنهج بين النص الأدبي وظروفه الاجتماعية والسياسية والثقافية في زمن معين. مما يساهم في فهم النص أو الأثر الأدبي انطلاقا من سياقاته. فرواية البؤساء لفكتور هيجو كتبت بعد انتهاء الثورة الفرنسية الفاشلة ضد الملك لويس فيليب في 1832. وهذه الأخيرة كانت حاضرة بقوة داخل الرواية. فكيف ظهر المنهج التاريخي؟ وما هي مبادئ هذا المنهج؟ ومن هم رواده؟
محتويات المقال :
انبثق المنهج التاريخي داخل المدرسة الرومانسية، التي جاءت لتعكس الأفكار التي رأت أن العصور الذهبية هي الماضي وأن الحاضر ما هو إلا اقتباس من الماضي ولن يقدم سوى التدهور والتحلل والدمار والانهيار. فالرومانسية ترى أن الإنسان يسير حسب قانون النشوء والارتقاء، حيث ينتقل من المراحل البدائية إلى المراحل المتقدمة. وهكذا ظهر المنهج التاريخي الذي يصور الأدب باعتباره تعبيرا عن الفرد والمجتمع.
بني المنهج التاريخي على عدة مبادئ أهمها:
درس النقاد من خلال الاعتماد على هذه المبادئ العلاقة بين حياة الكاتب والكتاب أو العمل الأدبي، نظرا لاعتقادهم بأن كل ما يكتبه الشخص له علاقة بحياته الشخصية، فتمت دراسة حياة الكتاب والبحث عن تفاصيل حياتهم الشخصية وآرائهم كذلك. فالأدب بالنسبة لنقاد التيار التاريخي لا يفصل بين حياة الكاتب وعمله الأدبي.
منح فريق آخر من نقاد التيار التاريخي الوضع التاريخي والاجتماعي الأولوية معتبرين العمل الأدبي مجرد نتاج اجتماعي يتم البحث فيه عن المؤشرات التي تدل على مختلف الحقبات الزمنية. فيركزون على كيفية نشوء العمل الأدبي من ناحية الكتابةـ ومن ناحية الأفكار والمجتمع. ويهدفون بذلك إلى إبراز المميزات “المشتركة لنصوص مختلفة تنتمي إلى فترة تاريخية واحدة. فالنص الأدبي في نظرهم تعبير عن عقليات مختلفة تنتمي إلى فترة تاريخية واحدة، والنص الأدبي عندهم صورة تعكس عقلية عصر محدد ورؤية معينة للعالم والحياة”.[1]
يمكننا الحديث عن رائدين من رواد التيار التاريخي بالأساس، هما سانت بيف وهيبولت تين.
دعا سانت بيف إلى الاهتمام بعلاقة الأديب بأمته وعصره وموطنه وأسرته، لهذا نجده يركز في تحليلاته على تربية الأديب وثقافته وتكوينه النفسي والجسمي والعقلي. ويهدف من خلال ذلك إلى الوصول إلى عمق الأديب المدروس من خلال تلك المؤشرات الجسمية والنفسية والوراثية.
يرى سانت بيف أن النقد يحاول فهم كيفية ولادة العمل الأدبي لكونه نتيجة لعبقرية معينة أو شخصية لها ظروفها الخاصة. لذلك فمعرفة التاريخ السياسي والاجتماعي لهذه الشخصية ضرورية لفهم عملها الأدبي وتفسيره.
بنيت نظرية تين النقدية على مبدأين هما: إن العوامل الطبيعية والعوامل النفسية تتضافر معا من أجل نمر الجنس البشري، وأن البحوث العلمية لابد لها من أن تؤثر في الأدب والفن. وضح تين ملامح نظريته في كتابه “تاريخ الأدب الإنجليزي” الذي يعتبر فيه أن الشخصية الأدبية نتيجة لمؤثرات معينة جعلتها ما هي عليه. وهذه المؤثرات “الاضطرارية” كما سماها هي: العرق، والبيئة أي ما يحيط العرق من عوامل طبيعية ومناخية والعوامل السياسية والاجتماعية التي تؤثر في تفكيره، والزمن وهو لحظة إنتاج العمل الأدبي.
اهتم المنهج التاريخي في النقد الأدبي بالجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية والتاريخية للعمل الأدبي ومنتجه، الشيء الذي أُخذ عليه. فقد اعتبر الأعمال الأدبية مجرد وثائق ومستندات، ولم يهتم إلا بمصادرها من تاريخ وجنس مبدعها وعصرها وبيئتها، دون الاهتمام بالأعمال الأدبية بذاتها.
[1] مبادئ تحليل النصوص الأدبية، بسام بركة، ماتيو قويدر، هاشم الأيوبي.
[2] مناهج النقد المعاصر، صلاح فضل.
[3] مناهج النقد الأدبي السياقية والنسقية، عبد الله خضر حمد.
[4] مناهج النقد الأدبي الحديث، ابراهيم السعافين، خليل الشيخ.
دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…
لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…
لم يعد مشهد الغابات المتلألئة في فيلم "أفاتار" مجرد خيال علمي بعيد المنال، بل بات…
أظهرت دراسة شملت 47 دولة حول العالم أن المصريين هم رابع أكبر الشعوب استخدامًا للذكاء…
سيطرت الديناصورات على كوكب الأرض لعشرات الملايين من السنين، وتصدرت المشهد كأضخم الكائنات وأكثرها شراسة.…
لطالما كان الحمض النووي (DNA) هو "كتاب الحياة" الذي يحدد خصائص كل كائن حي على…