من منا لا يحب أن يُشعر ابنه بأنه مُميز، مانحًا إياه جرعات الثناء من حين لآخر، من أجل أن يشعر بالثقة ويستزيد بها؟ يبدأ ذلك غالبًا وقت الثناء والمدح حينما يقوم صغيرك بعمل جيد، حيث يشعر بالتميز، وربما يشعر بأنه أفضل من الآخرين. وقد يتوقع الثناء الدائم ولا يرضى عنه بديلًا! قد يسعى لنجاحه الشخصي فقط راجيًا المعاملة الاستثنائية، ولا تتحقق سعادته إلا بالوصول لتلك الدرجة من التشبع بإحساس التميز. يأتي الثناء ثماره، لكن هل من وجه آخر للثناء والمدح يمكن أن يرتد على شخصية طفلك بالطابع النرجسي؟ هنا يمكنت أن نطرح سؤالًا، ما العلاقة بين الثناء وتطوير النرجسية لدي الأطفال؟
محتويات المقال :
الثناء هو رد فعل يقوم به المُربي ليخبر الطفل بأنه راض عن الطريقة التي يتصرف بها، فهو صورة من صور التشجيع على الجهد المبذول من قٍبل الطفل، ويمكن أن يبدأ في أي عُمر، فهو يعزز السلوك المرغوب. يغذي الثناء ثقة طفلك، فإذا كنت تظهر لطفلك كيفية التفكير والحديث بشكل إيجابي عن نفسه. فإنك تساعد طفلك أن يتعلم كيف يعرف نفسه، وكيف يشعر بالفخر بنفسه.[1]
يمكنك أن تثني على الأطفال من مختلف الأعمار لأشياء مختلفة. قد تثني على طفل أصغر سنًا لقيامه بفعل ما أو توقفه عن القيام بفعل ما عندما يطلب منه ذلك. يمكنك الثناء على طفل في سن المراهقة عند إيفائه بعهده معك، أو للقيام بفعل ما دون أن يتم تذكيره به.
من الأرجح أن يكرر الأطفال سلوكهم الذي يكسب الثناء أو التشجيع. وهذا يعني أنه يمكنك استخدام الثناء والتشجيع لتغيير السلوك الصعب والاستعاضة عنه بالسلوك المرغوب فيه.
الخطوة الأولى هي مراقبة الأوقات التي يتصرف فيها طفلك بطرق إيجابية، أو التي يبذل فيها جهدًا. عندما ترى هذا، على الفور الفت انتباه طفلك وأخبره بما تحب فعله بالضبط. حتى يود تكراره بنفس الطريقة. يمكنك الثناء في كل مرة ترى فيها نفس السلوك أو الجهد. حتى تقلل الثناء عندما يصبح عادة أو عندما يُكرر. يمكنك أيضًا استخدام التشجيع قبل أن يفعل طفلك شيئًا. خاصة إذا كان طفلك متوترًا بخصوص القيام بفعل ما، مثل قولك “أعرف أنك متوتر بشأن اختباراتك، لكني أعلم أنك اجتهدت، وأنك بذلت قصارى جهدك.”
ويحتاج بعض الأطفال، ولا سيما الأطفال الأقل ثقة في أنفسهم من غيرهم، إلى تشجيع أكثر. وعندما يتركز الثناء على الجهود المبذولة، فمن الأرجح أن يرى الأطفال أن المحاولة الجادة أمر جيد في حد ذاته. كما أنهم أكثر عرضة لمواصلة المحاولة والتفاؤل عندما يواجهون التحديات.[3]
هناك عدة أنماط من الثناء، يمكننا طرحهم في القالبين التاليين:
هو نمط يسلط الضوء على قدرات الأطفال الطبيعية، مثل الذكاء والمواهب والقدرات، فهو نوع يُستخدم للتعبير عن المودة والتلطف والمداعبة، فالطفل يُدرك فعلا قدراته في الشيء الذي تمدحه عليه. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الثناء ينصب على شيء موجود بالفعل، إلا أنه يجب أن تكون حذرًا مع هذا النوع، خاصة إذا كان الطفل لديه الاستعداد لممارسة موهبة ما، لكنه يفتقر قليلًا إلى مهارات الممارسة الفعلية للموهبة تلك. فقد يشعر حينها بالنقص أو العجز, وقد يعتقد بأنه لا يستطيع تطوير المهارات المنتظرة منه. ويمكن أن يجعل الثناء الشخصي الطفل أقل استعداد لتجربة أشياء جديدة، كما يمكنها أن تمنع الأطفال من التطور عقليًا، لاكتفاءه بما لديه.[2]
وهناك نمطًا من الثناء وهو الثناء القائم على الجهد المبذول من الأطفال، فالطفل هو المتحكم في الممارسة والإتقان والإتمام. وهذا النوع أكثر تمكينًا وفعالية من الثناء الشخصي. وهو ما يُسمى بالثناء الوصفي وهو عندما تخبر طفلك بالضبط ما تحبه. وهذا يساعد طفلك على فهم بالضبط ما قد فعله بشكل جيد. كما أنه أكثر أصالة من الثناء المطلق -غير المحدد- فالأفضل قول ” الطريقة التى رتبت بها غرفتك جيدة” من قول ” أنت ولد جيد“.
العبارة الأولى (محددة) فهي تُثني على شيء محدد قام به الطفل ومن المتوقع تكراره. أما العبارة الثانية فهو ثناء غير محدد (مطلق) لا يعزز أي قدرة أو تنبه الطفل لما هو مطلوب منه تكراره. فيمكنك جعل الثناء على أساس الجهد أكثر قوة من خلال التركيز على قيمة محددة. فهذا النمط من المديح يخبر الأطفال بوضوح ما فعلوه بشكل جيد، وسيذكرهم بالطريقة المُثلى للأداء في ذلك الموقف.
ومع ذلك يمكن أن يأخذ الإفراط في استخدام الثناء إلى أخذ شخصية الطفل إلى منحى سلبي آخر يُسمى اضطراب الشخصية النرجسية. فما هو اضطراب الشخصية النرجسية وإلى أي مدى تؤثر المعاملات الأبوية في تطوره؟
يرتبط اضطراب الشخصية بحب الشخص – الطفل – الهائل لنفسه وإعجابه بنفسه وأهميته ومتطلباته ورغباته ورفاهه. إذ يعتقد الطفل أنه متفوق ويستحق أن يعامل معاملة أفضل من أي شخص آخر، مع تجاهله التام لمشاعر الآخرين. فالشخصية النرجسية تسبب للشخص إحساسًا مفرطًا بالأهمية، أو حاجة قوية للإعجاب، أو استحقاقًا للمعاملة الخاصة. [5]
في دراسة قيّمت حوال 565 طفلًا هولنديًا تتراوح أعمارهم بين 7 أعوام و12 عامًا حسب مسببات النرجسية مثل التفوق والرضا عن الذات، وتساءل الدراسون عن الكيفية التى يتلقون بها المديح والثناء ومعلومات حول المعاملات عمومًا.
وقد ألقت العديد من الدراسات الضوء على أن المبالغة في تقدير الأطفال والإفراط في تغذيتهم بالمديح يمكن أن يسهم في تنمية النرجسية. فقد وجدت دراسة أن الأطفال الذين يخبرهم آباؤهم باستمرار أنهم متفوقون عن غيرهم، بغض النظر عما يحققونه من تقدم أو تطور، قد سجلوا قياسات نرجسية عالية مقارنة بالأطفال الذين يتلقون نظرة واقعية عن أنفسهم. ذلك لأن المبالغة في الثناء على الأطفال يمكن أن تدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم أشخاص مميزون يستحقون الثناء والمعاملة الخاصة (المميزة) طوال الوقت.
ونصحت الدراسة بأنه ينبغي على الوالدين أن يكونا دافئين ومحبين، لكن لا ينبغي أن يقدما الثناء الشامل المطلق للطفل. فالمطلوب هو تحسين الأداء مع الثناء على الجهد المبذول.[6]
كانت هناك نظريتان متنافستان حول التأثير الأبوي على السمات النرجسية. أحدهما يشير إلى أن النرجسية تتطور كآلية دفاع لمواجهة الافتقار إلى الدفء الأبوي والمودة. بينما ترى الأخرى أنها نتيجة لكثرة الثناء. فنظرية التعلم الاجتماعي تُشير إلى أن النرجسية تتطور عندما يعتقد الآباء أن أطفالهم أكثر أهمية من الآخرين، وأكثر استحقاقًا.[7]
في الدراسة السابق الإشارة إليها، كان الهدف هو قياس مدى احترام الأطفال لذواتهم، وتقييم المودة التي يعيشونها مع والديهم، بينما استكمل الوالدان استبيانات تهدف إلى تقييم المبالغة في التقدير لتقييم مدى حنان الوالدين تجاه أطفالهم. وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن الاستبيان تضمن بنودًا مثل، “طفلى أكثر خصوصية من الآخرين” و”طفلي مثال عظيم يُحتذى به”.
ثم طلب الباحثون من الآباء تقييم مدى ذكاء طفلهم، وقارنوه بمعدل الذكاء الحقيقي للطفل. كما اختبروا مدى تقدير الآباء لمستوى طفلهم الفعلي. ثم قُدمت قائمة طويلة من الموضوعات المختلفة التى من الممكن أن يلم بها طفل في الثامنة من عُمره، مُدرجين بعض الموضوعات المتقدمة، مع بعض الموضوعات غير الموجودة. فلاحظ الدارسون أن الآباء المغالين ادعوا إلمام أطفالهم بجميع المواضيع، بما فيها المتقدمة وغير المدرجة.
وجد الدراسون أن هناك علاقة كبيرة بين المبالغة في تقدير الوالدين والسمات النرجسية في أطفالهم. مشيرون إلى أنه من الجيد أن يعلم الآباء أنهم لا يواجهون خطر خلق النرجسية في شخصيات أطفالهم بين عشية وضحاها. بل هي روابط صغيرة تتضافر ثم تظهر بمرور الوقت. يلعب الثناء المبالغ دورًا هامًا في تطويرها، لكنه ليس السبب الوحيد. آملين في أن تساعد مثل تلك النتائج في تدريب الأبوين على الاعتدال في استخدام الثناء كتدخل إيجابي في توجيه تدريب الأبوة والأمومة. [8]
[1] understood
[2] understood
[3]babybonus
[4]parentingforbrain
[5]kqed
[6]ncbi
[7]pnas
[8]forbes
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…