صحة

ماذا تعرف عن النوم؟ وما الذي يقوم به المخ والمواد الكيميائية لجعلك تنام؟

ماهو النوم، وما الذي يفعله المخ لجعلك تنام؟

يعتبر النوم جزءًا مهمًا من الروتين اليومي، فنحن نقضي ثلث وقتنا تقريبًا فيه. ويعد النوم الجيد -بالحصول على ما يكفي منه في الأوقات المناسبة– ضرورة من ضروريات الحياة كالطعام والشراب.

ولا يمكن للعقل أيضًا تكوين –أو حتى الحفاظ- على مساراتٍ تتيح التعلم وإنشاء ذكريات جديدة بدون النوم، كما أنه من الصعب التركيز والاستجابة بسرعة. وفي الواقع، يبقى العقل والجسم نشيطين بشكل ملحوظ أثناء النوم، فهو يعمل عمل المكنسة الكهربائية؛ منقيًا العقل من السموم والشوائب التي تراكمت أثناء يقظتك، وهو ما تشير إليه النتائج الحديثة.

يؤثر النوم على كل نوع من الأنسجة والأجهزة في الجسم تقريبًا، بدءًا من المخ والقلب والرئتين وحتى المناعة والمزاج ومقاومة الأمراض. ويحتاج الجميع للنوم بالطبع لكن الغرض البيولوجي منه لا يزال لغزًا.

لكن ما الذي يجعلنا ننام؟ وما الذي يحدث داخل المخ؟

تحتوي منطقة ما تحت المهاد في المخ –منطقة بحجم الفول السوداني في عمق الدماغ- على مجموعات من الخلايا العصبية التي تعمل كمراكز مراقبة تؤثر على النوم والإثارة، وتوجد أيضًا هناك منطقة أخرى تسمى (النواة الحركية) –وهي مجموعات من الخلايا تتلقى معلومات من العين حول التعرض للضوء مباشرة.

في البداية، تنتج الخلايا المعززة للنوم مادة كيميائية في المخ تسمى (جابا) تعمل على تقليل نشاط مراكز الإثارة، ثم يرسل جذع الدماغ إشارات لإرخاء العضلات المحركة للجسم والأطراف؛ حتى لا نقوم بتحقيق أحلامنا أثناء حدوثها.

ثم تستقبل الغدة الصنوبرية إشارات وتزيد من إنتاج هرمون (الميلاتونين)، والذي يساعد على النوم بمجرد إطفاء الأنوار. فمثلًا لا يمكن لفاقدي للبصر تنسيق دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية باستخدام الضوء الطبيعي، لكن يتم تثبيت أنماط نومهم عن طريق تناول كميات صغيرة من الميلاتونين في نفس الوقت كل يوم.

لكن لم ننتهِ هنا بالطبع، فيوجد بجانب كل ذلك (الأدينوسين) – ليدعم دورة النوم، والذي يقوم الكافيين بعرقلته منتجًا مقاومة للنعاس، فهناك حربًا تدور لتظل مستيقظُا.)

وخلال معظم مراحل النوم، تعمل منطقة (المهاد) بمثابة ناقل للمعلومات، وذلك من الحواس المختلفة إلى القشرة الدماغية -غطاء الدماغ الذي ينقي المعلومات من الذاكرة القصيرة إلى الطويلة المدى- ولكن أثناء نوم الريم، يكون المهاد نشطًا، حيث يقوم بإرسال الصور والأصوات والأحاسيس الأخرى لتملأ بها أحلامنا.

المواد الكيميائية المسببة للنوم

تصبح مجموعات الخلايا العصبية المعززة للنوم في أجزاء كثيرة من الدماغ أكثر نشاطًا عند الاستعداد للنوم، فالناقلات العصبية يمكن أن تغلق أو تثبط نشاط الخلايا التي تشير إلى الإثارة، وتشمل الناقلات العصبية الأخرى التي تشكل النوم واليقظة كالميلاتونين والأسيتيل والهستامين والأدرينالين والكورتيزول ووالسيروتونين.

لكن ما الذي ينظم النوم داخل جسدنا رغمًا عنا؟

يتم تنظيم النوم عن طريق آليتين بيولوجيتين يعملان معًا، إيقاع الساعة البيولوجية والتوازن. تظهر آثار إيقاعات الساعة البيولوجية في مجموعة واسعة من الوظائف اليومية للجسم أثناء اليقظة، فتظهر مثلًا في درجة حرارة الجسم والهرمونات.

Related Post

والتي تتحكم بدورها في توقيت نومك وتسبب الشعور بالنعاس في الليل والميل للاستيقاظ في الصباح دون سابق إنذار. تتحكم الساعة البيولوجية في جسمك على مدار 24 ساعة تقريبًا، في معظم الإيقاعات اليومية، والتي تتزامن مع الإشارات البيئية -كالضوء ودرجة الحرارة- لتظهر الوقت الفعلي لليوم، ولكنها تحدث أيضًا حتى في حالة عدم وجود تلك الإشارات.

صورة توضح مستوى الميلاتونين ودرجة الحرارة والضغط في الجسم على مدار اليوم وتأثيرهم على النوم

أما بالنسبة للتوازن، فإن توازن النوم والاستيقاظ يتتبع حاجتك للنوم. فيذكّر محرك النوم –الثابت- الجسم بالنوم بعد وقت معين وينظم كثافته، بل ويصبح أقوى كل ساعة كنت مستيقظًا فيها، مؤديًا إلى النوم لفترة أطول وبعمق أكبر بعد طول كل فترة من الحرمان من النوم.

وتشمل العوامل التي تؤثر على احتياجاتك للنوم الحالات الطبية والأدوية والإجهاد وبيئة النوم، وما تأكله وتشربه بالتأكيد، لكن لعل أكبر تأثير هو التعرض للضوء، فالخلايا المتخصصة في شبكية العين تعالج الضوء وتُخبر المخ ما إذا كان الوقت نهارًا أم ليلًا.

مقدار ما يحتاج إليه الجسم من النوم

إن حاجة الشخص للنوم وأنماط النوم نفسها اتغير مع تقدم السن، ولكنها ليست قاعدة لوجود اختلافات كبيرة بين الأفراد من نفس العمر، فلا يوجد عدد ساعات النوم سحري يصلح للجميع من نفس العمر.

فالأطفال ينامون مبدئيًا ما بين 16 إلى 18 ساعة يوميً، مما يعزز النمو والتطور -خاصة الدماغ-، في حين يحتاج الأطفال والمراهقون في سن المدرسة في المتوسط إلى حوالي 9.5 ساعات من النوم في الليلة.

في حين يحتاج معظم البالغين إلى 7-9 ساعات من النوم في الليلة الواحدة. ولكن بعد سن الستين، يميل النوم ليلًا إلى أن يكون أقصر وأخف يقطعه استيقاظٌ متعدد لعدة أسباب أخرى.

لكن وبشكل عام، يحصل الناس على نوم أقل مما يحتاجون إليه بسبب طول ساعات العمل وتوفر وسائل الترفيه على مدار الساعة وغيرها من الأنشطة.

وقد يشعر الكثير من الناس أنهم يستطيعون (اللحاق) بالنوم المفقود خلال عطلة نهاية الأسبوع اعتمادًا على مدى حرمانهم من النوم، والذي لا يكون كافيًا حتى إن نام الشخص لفترةٍ أطول من المعتاد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعداد وترجمة: دينا الخطيب

المصدر:

NIH

Author: Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Dina elkhateib

دينا الخطيب، طالبة بكلية الفنون الجميلة، 20 عامًا. مصرية الجنسية. الاهتمامات: القراءة - الرسم - الكتابة - اللغات - التاريخ

View Comments

Share
Published by
Dina elkhateib

Recent Posts

لغز “أطلانطس اليابان”: هل “هرم يوناجوني” الغارق يعيد كتابة تاريخ الحضارات الإنسانية؟

هرم يوناجوني": الحقيقة الكاملة للغز الياباني الذي يتحدى الأهرامات منذ اكتشافه صدفة عام 1986، تحوّل…

أسبوع واحد ago

جيمس واتسون.. رحيل العبقري الجدلي الذي غيّر وجه البيولوجيا للأبد

وداعاً "أيقونة الحمض النووي": جيمس واتسون ببالغ الحزن والتقدير، أعلن العالم عن رحيل أحد أبرز…

أسبوع واحد ago

“عاشق العلم بروح التصوف”.. رحيل الدكتور أحمد شوقي وإرث “كراسات علمية” الخالد

ببالغ الحزن والأسى، ودعت الأوساط الأكاديمية والعلمية في مصر والعالم العربي قامة من قامات الوراثة…

أسبوع واحد ago

نظرية “إعادة التدوير الحيوي” تكتسح “داروين” وتُعيد تعريف الحياة

الحياة منظومة تتجدد ذاتياً لا آلة عشوائية! في إنجاز تاريخي هزّ أركان علم الأحياء التطوري،…

أسبوعين ago

مملكة أورارتو القديمة: موقعها، تاريخها وأهم آثارها

تعد مملكة أورارتو واحدة من أبرز الحضارات الحديدية في الشرق القديم، إذ نشأت في القرن…

أسبوعين ago

المتحف المصري الكبير رمز لاستمرارية البصمة الجينومية للحضارة المصرية

لطالما مثلت مصر، بموقعها الاستراتيجي عند ملتقى قارات إفريقيا وآسيا وأوروبا، نقطة محورية للتفاعل البشري…

أسبوعين ago