محتويات المقال :
لماذا حجم قارة أفريقيا في الخرائط أصغر من الحقيقي؟
قارة أفريقيا؛ كانت تسمى قديمًا بـ «Alkebulan» وتعني جنة عدن أو أم البشرية. إذ ظهر اسم أفريقيا في أواخر القرن السابع عشر وكان مستخدم في البداية للإشارة إلى الجزء الشمالي منها. وظهرت تلك التسمية في أثناء حكم الأوربيين، وكانت من قبل سميت بأسماء عدة مثل إثيوبيا وليبيا وأورتيجيا وجنة عدن والقارة السوداء وأرض كوش وغيرها. هناك عدة نظريات تشرح لنا أصل الاسم الحالي للقارة نبع من أين بالتحديد، فمثلًا بعض أشهر النظريات تقول:
- أن أصلها من الرومان؛ إذ اكتشفوها واطلقوا عليها هذا الاسم.
- أن الاسم مشتق من مناخ القارة؛ فسميت «Aphrike» وهي كلمة يونانية تعني الأرض الخالية من البرد والرعب. القول الأخر بأن الكلمة رومانية وتعني مشمس والقول الأخير بأن الكلمة فينيقية وتعني الغبار.
- أن الاسم جاء من قِبل التجار الهنود.
- أن الاسم اشتق من «أفريكوس-Africus» الزعيم اليمني الذي غزا الجزء الشمالي في الألفية الثانية قبل الميلاد.
حجم قارة أفريقيا الحقيقي
التسميات متعددة ولا يوجد نظرية محددة مما ذكرناهم مدعومة أكثر من الأخرى بالدلائل. لكن الأغرب من تلك النظريات المتعددة وما لفت انتباهي بعد معرفة تلك النظريات؛ هو حجم قارة أفريقيا الصغير على الخريطة، فكيف أدرس أنها تُعدُّ ثاني أكبر قارة وتبلغ مساحتها 30.4 مليون كيلومتر مربع، وهي ثاني أكبر قارة في العالم من حيث عدد السكان بعد قارة آسيا؛ إذ تضم أكثر من 1.2 مليار شخص، ويمثل السكان بها قرابة 16٪ من سكان العالم. لكن ما تراه عيناي أن هناك مناطق عدة على الخريطة أكبر من أفريقيا، وستلاحظ ذلك بمجرد النظر وإليك مقارنة سريعة؛ لإيضاح ذلك.
كما هو واضح في الصورة أدناه، تظهر دول مثل الصين والهند والولايات المتحدة… أكبر من أفريقيا في الخريطة. على الرغم من أن مساحاتهم أقل. فقارن بين الصين التي تبلغ مساحتها 9.6 مليون كيلومتر مربع ومساحة أفريقيا (30.4 مليون كيلومتر مربع)، إن أفريقيا أكبر بقرابة 3 أضعاف من الصين. فرق شاسع، فكيف تظهر هكذا! ما السبب في مخالفة المرسوم أمام أعيننا للأرقام؟
كيف يشوه إسقاط مركاتور حجم البلدان على الخرائط؟
يرجع صغر حجم أفريقيا على الخريطة إلى إسقاط مركاتور -إحدى طرق الإسقاط المستخدمة في رسم الخرائط-، الذي ابتكره الجغرافي خيرت دي كريمر المعروف باسم «جيراردوس مركاتور-Gerardus Mercator» عام 1569. فعندما مثل مركاتور إسقاطه؛ حول الأرض الكروية إلى أسطوانة بنهايات مفتوحة عند القطبين، بعدها فتح الأسطوانة؛ لتشكل سطحًا مستويًا -كما في الصورة أدناه-. لتمثيل الاتجاهات الأربعة (شمال، جنوب، شرق، غرب) بدقة؛ فتظهر خطوط الطول في الزاويا اليمنى لخط الاستواء عمودية متوازية متباعدة على نحو متساو، وخطوط العرض أفقية متوازية والمسافة بين بعضها البعض غير متساوية وكلما اقتربنا من القطبين تتباعد أكثر فأكثر.
وعلى الرغم من أهميته في الملاحة البحرية للغاية ورسم الشوارع في خرائط Google أو Bing مثلًا… لكن التشوهات في الحجم جسيمة؛ لذا يجعل إسقاط مركاتور البلدان القريبة من القطبين على نحو أكبر والأخرى التي عند خط الاستواء على نحو أصغر. فمثلًا بالقرب من المناطق القطبية تظهر جرينلاند كبيرة. ما زال الإسقاط مستخدم لوقتنا هذا وهناك أيضًا إسقاطات أخرى مثل الإسقاط المخروطي، وكلها تحمل نسب تشويه للمناطق والبلدان.
هل تعمدت الدول الأوروبية تحجيم بعض المناطق!
الأمر لا يقتصر على تحجيم أفريقيا فقط ولكن توجد بلدان ومناطق عدة حُجمت على الخريطة خاصةً النصف الجنوبي مثل كوريا الجنوبية. وقد وضح «مينو جان كراك-Menno Jan Kraak» -أستاذ رسم الخرائط في جامعة توينتي بهولندا-: “أن أفريقيا كانت أقل أهمية في خرائط الرسامين الغربيين وكانوا غير مهتمين، كان التركيز على توسيع دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأنها خريطة صنعتها أوروبا لأوروبا”. وتقول أيضًا «ماريان فرانكلين-Marianne Franklin» -أستاذة الإعلام والسياسة العالمية في جولدسميث في جامعة لندن: “تتمثل إحدى مخاطر خريطة مركاتور في جعلها الدول الموسعة تبدو قوية على نحو غير طبيعي”. كذلك أضافت بأن استمرارية الخرائط لا تزال مستخدمة لأنها تدعم الافتراض الأوروبي بأن العالم ينتمي إليهم.
ربما استغل أو جبرو بعض الرسامين على الرسم على هذا النحو من زيادة وتقليل أحجام المناطق وترسيخ هذا الانطباع عن حجم بعض الدول. فتتعد آراء العلماء ولا يسعنا أن نجزم بالرأي المؤيد بأن الأوربيين تعمدوا ذلك ولا أن ننفي؛ ولكن يعدّ رسم مركاتور تحديدًا لأفريقيا دقيقًا ولكن نظرًا لكبر بعض المناطق الأخرى -يرجع ذلك إلى أن البلدان القريبة من القطبين تظهر كبيرة والأخرى التي عند خط الاستواء صغيرة-؛ نرى أن حجم أفريقيا ليس دقيقًا مقارنة بالبقية. لكن لا توجد خريطة مثالية. فليست الخرائط عامةً دقيقة؛ نظرًا لصعوبة تمثيل الأرض الكروية ذات الثلاثة أبعاد على سطح ثنائي الأبعاد.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :