بعيدًا على أطراف المجموعة الشمسية، حيث تتضاءل الحرارة القادمة من الشمس، يقبع كوكب نبتون بلونه الأزرق الداكن في غموض، من المثير أن تعرف أن المعلومات التي نمتلكها عن هذا الكوكب محدودة للغاية، فلم يبلغ كوكب نبتون من مركباتنا سوى «فوياجر 2-Voyager 2»، والتي مرت بجواره في طريقها إلى خارج المجموعة الشمسية، لكننا لم نرسل بعثة مخصصة لدراسته، إلا أننا نمتلك الحواسيب المتطورة التي بمقدورها محاكاة ظروف هذا الكوكب لنخرج بالتنبؤات عما قد يكون بداخله، وبفضل ذلك بِتنا نعلم أن الأمطار على كوكب نبتون من الألماس!
محتويات المقال :
تكوّن الألماس على كوكبنا على مدار 3 بليون سنة، ويرجع ذلك إلى الضغط الشديد والحرارة المرتفعة تحت سطح الأرض بما يزيد عن 150 كيلومتر، حيث تبلغ درجة الحرارة على هذا العمق ما بين 900 إلى 1300 درجة مئوية، ويبلغ الضغط ما بين 45 إلى 60 كيلوبار (أي ما يعادل 50,000 ضعف الضغط الجوي على سطح الأرض)، وهذه الظروف تتسبب بحدوث عملية «التبلور-Crystallization» لجزيئات الكربون، مما يؤدي إلى تحولها للألماس، والذي يخرج بدوره مع الثورانات البركانية إلى سطح الأرض.
يُعد كوكب نبتون أحد «العمالقة الجليدية-Ice giants»، حيث يستخدم مصطلح “الجليد” في علم الفلك للإشارة إلى المركّبات التي تحتوي على الهيدروجين، وهو ما ينطبق على على نبتون، حيث أن الطبقة الخارجية من غلافه الجوي مكونة من الهيدروجين (H)، والهيليوم (He)، وهي بسُمك 3,000 كيلومتر، بينما تتكون الطبقة الوسطى والتي تُسمى «الطبقة الجليدية-Icy layer» من الماء (H2O)، والأمونيا (NH3)، والميثان (CH4)، وهي بسُمك 17,500 كيلومتر.
كما أنه ذو ضغط جوي شديد، وهذا بالطبع نتيجة لسُمك غلافه الجوي، وله أيضًا حرارة داخلية مرتفعة.
تقدًم «مارفن روس-Marven Ross» عام 1981 بورقة بحثية في مجلة Nature لتفسير ظاهرة الأمطار الألماسية على كوكب نبتون، حيث افترض أن الحرارة الشديدة تؤدي إلى فصل المركبات الهيدروكربونية (التي تحتوي على الكربون والهيدروجين مثل الميثان) في الطبقة الجليدية الوسطى، لتعطي جزيئات الكربون وجزيئات الهيدروجين منفصلة، ثم تؤدي الحرارة المرتفعة بمساعدة الضغط الجوي الشديد إلى تحول الكربون إلى الألماس، وبما أن الألماس أعلى كثافة من غازات الطبقة الوسطى، فإنه يتساقط على هيأة الأمطار باتجاه مركز الكوكب، وهذا قد يفسّر وجود طبقة كربونية حول نواة الكوكب، إلا أن درجة الحرارة الشديدة تؤدي إلى انصهار الألماس ليتحول إلى حالته السائلة، مما يعني وجود بحار من الألماس السائل!
قام الباحث الفيزيائي «دومينيك كراوس-Dominik Kraus» في ألمانيا بعمل تجربة مع فريقه، حيث استخدموا فيها جهاز LCLS والذي هو اختصار Linac Coherent Light source، أي “مصدر الضوء المتماسك” باللغة العربية، حيث أن محاكاة الظروف الداخلية لكوكب نبتون صعبة هنا على الأرض، وهنا يأتي دور ال LCLS، كما استخدم الباحثون «الهيدروكربون بوليستيرين-Hydrocarbon polystyrene» بدلًا من الميثان.
يقوم ال LCLS بإرسال نبضات ضوئية باتجاه البوليستيرين، مما يرفع حرارته إلى 5,000 كيلفين (حوالي 4,727 درجة مئوية)، كما يزيد من ضغطه ليصل إلى 1.5 مليون بار، وقد نجحت التجربة بتحويل البوليستيرين إلى الألماس.
إنه لشيء مذهل بحق ما يستطيع الإنسان أن يصل إليه عن طريق العلم، فها نحن ذا نحاكي ظروف كوكب آخر على كوكبنا، ويضيف كراوس قائلًا: “هذه التقنية ستساعدنا على قياس العمليات المثيرة التي كان يصعب علينا إعادة محاكاتها”.
في عالم الكم، لم تعد قواعد الفيزياء الكلاسيكية قابلة للتطبيق. واحدة من أكثر الحالات الرائعة…
أظهرت دراسة جديدة أن المرضى يجدون الذكاء الاصطناعي أكثر تعاطفاً وتفهماً من الأطباء النفسيين وخبراء…
باتت التجارب الرقمية أكثر عمقًا وانغماسًا مع دمج الحواس البشرية في البيئات الافتراضية. ويأتي نظام…
في اكتشاف رائد، كشف باحثون من جامعة أتينيو دي مانيلا عن أدلة على وجود شكل…
درس العلماء الأسماك الغضروفية الحديثة، مثل أسماك القرش وأسماك الزلاجات. وقارنوها بنظيراتها عديمة الفك، مثل…
تحول دماغ شاب إلى زجاج منذ ما يقرب من 2000 عام، وهي ظاهرة يعتقد العلماء…