Ad

مع تقدمنا ​​في السن، تخضع أجسامنا لسلسلة من التغييرات التي يمكن أن تؤثر على صحتنا ورفاهيتنا. وفي حين أن السرطان مرض يرتبط بالشيخوخة غالبًا، إلا أن هناك ظاهرة لفتت نظر الباحثين، وهي أن خطر الإصابة بسرطان الرئة يتناقص مع تقدم العمر. وقد لوحظت هذه الظاهرة منذ عقود، لكن الأسباب الكامنة وراءها ظلت غير واضحة حتى الآن. وقد ألقت دراستان جديدتان على الفئران الضوء على هذا اللغز. وكشفتا عن جينات محددة يمكن أن تساهم في انخفاض المخاطر وارتباط مفاجئ بين سرطان الرئة وبين استقلاب الحديد. فما هي العلاقة بين الشيخوخة وسرطان الرئة؟

قام الباحثون بدراسة الفئران التي لديها طفرة مسببة للسرطان. ووجدوا أن الأورام كانت أكبر وأكثر شيوعا في الفئران الأصغر سنا منها في الفئران الأكبر سنا. واكتشفوا أن الشيخوخة تزيد من إنتاج بروتين يسمى (NUPR1). تم نشر الدراسة كطبعة أولية على (bioRxiv)، ولكن ملاحظة انخفاض خطر الإصابة بسرطان الرئة مع تقدم العمر ذاتها مسجلة منذ عقود.

يمكن أن يكون لهذه النتائج الرائدة آثار مهمة على فهمنا للسرطان والشيخوخة. وقد تؤدي إلى طرق جديدة لعلاج السرطان لدى كبار السن والشباب على حد سواء. ولكن كيف تؤثر الشيخوخة على نمو الورم، وما هي الآليات الكامنة وراء هذا الارتباط المفاجئ؟ دعونا نتعمق أكثر في العلم وراء هذه الظاهرة.

الشيخوخة وسرطان الرئة

كانت العلاقة بين العمر وخطر الإصابة بالسرطان منذ فترة طويلة موضوعًا للنقاش في المجتمع العلمي. في حين أنه من الثابت أن السرطان مرض يرتبط بالشيخوخة، إلا أن الفحص الدقيق يكشف أن معدلات الإصابة بالسرطان غالبًا ما تنخفض بعد سن الستين أو السبعين. وقد تمت ملاحظة هذه الظاهرة لعقود من الزمن، ومع ذلك ظلت الآليات الكامنة وراءها غير مفهومة جيدًا.

أحد التحديات الرئيسية في فهم هذه المعضلة يكمن في حقيقة أن السرطان ينجم عن تراكم طفرات الحمض النووي مع مرور الوقت. ومن الناحية المنطقية، يتوقع المرء أن يستمر خطر الإصابة بالسرطان في التزايد مع تقدم العمر، حيث تتزايد فرص تراكم الطفرات في الجسم. ولكن هذا ليس هو الحال.

ولفهم هذه المفارقة بشكل أفضل، اتجه العلماء إلى دراسة التغيرات التي تحدث في الأنسجة مع تقدمنا ​​في العمر. على سبيل المثال، تميل الرئتان الأكبر سنًا إلى احتواء المزيد من الأنسجة الندبية وتكون أقل قدرة على التجدد. مما يجعلها أقل ملاءمة لنمو الورم. وقد تساهم هذه التغييرات في انخفاض معدلات الإصابة بالسرطان لدى كبار السن.

الشيخوخة وسرطان الرئة

استقلاب الحديد في الشيخوخة وسرطان الرئة

تعمق الباحثون في فهم الانخفاض الغامض لخطر الإصابة بسرطان الرئة مع تقدم العمر. وعثروا على سبب غير متوقع، وهو استقلاب الحديد. وجد فريق بقيادة شي تشيان تشوانج أن الشيخوخة تزيد من إنتاج بروتين يسمى (NUPR1) في خلايا الرئة عند البشر والفئران. لكن ما علاقة هذا البروتين بالسرطان؟

تبين أن (NUPR1) يؤثر على استقلاب الحديد، مما يجعل الخلايا تتصرف كما لو كانت تعاني من نقص في الحديد. وهذا بدوره يحد من قدرتها على النمو السريع، وهي السمة المميزة للسرطان. ولاختبار هذه الفرضية، استخدم الفريق تقنية التحرير الجيني (CRISPR-Cas9) لتعطيل جين (NUPR1) في الفئران الأكبر سنًا. وكانت النتيجة هي ارتفاع مستويات الحديد في رئتي الحيوانات، مما جعلها أكثر عرضة للإصابة بالأورام، تمامًا مثل نظرائها الأصغر سنًا.

وجد الفريق أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا لديهم كمية أكبر من بروتين (NUPR1) في أنسجة الرئة لديهم مقارنة بالأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا. مما يشير إلى أن هذه الآلية قد تكون مشتركة بين الفئران والبشر. هذا الارتباط المفاجئ بين استقلاب الحديد وخطر الإصابة بسرطان الرئة يثير تساؤلات مهمة حول دور التغذية والتمثيل الغذائي في تطور السرطان. هل يمكن لنظام غذائي غني بالحديد أن يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة لدى كبار السن؟ للأسف، لم يتم الكشف عن هذه العلاقة بعد.

كيف يمكن أن تؤدي الشيخوخة إلى علاجات جديدة للسرطان؟

قد يكون أحد الأساليب المحتملة هو استهداف الجينات التي تشارك في قمع نمو الورم لدى الفئران الأكبر سنًا. ومن خلال فهم كيفية عمل هذه الجينات، يمكن للعلماء تطوير علاجات جديدة تحاكي آثارها، مما قد يؤدي إلى علاجات أكثر فعالية لمرضى السرطان من جميع الأعمار. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاقة بين استقلاب الحديد وقمع السرطان يمكن أن تؤدي إلى تطوير أدوية جديدة تستغل هذا الارتباط.

إن الآثار المترتبة على هذه النتائج تتجاوز مرض سرطان الرئة. فإذا أمكن للشيخوخة أن تؤدي إلى انخفاض خطر الإصابة بنوع ما من السرطان، فمن الممكن أن يكون لها تأثير مماثل على أنواع أخرى من السرطانات أيضًا. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تحول نموذجي في الطريقة التي نتعامل بها مع علاجات السرطان، من التركيز على إيجاد طرق جديدة لقتل الخلايا السرطانية إلى استكشاف كيفية تسخير دفاعات الجسم الطبيعية ضد السرطان.

الناس يعتقدون في كثير من الأحيان أن الشيخوخة مجرد أمر سيء. ولكن إذا تأكدت نتائج هذه الدراسة، فإن الشيخوخة لها دور مفيد تلعبه. الجانب المشرق من هذه النتائج هو أنها تقدم بصيص أمل في أن الشيخوخة، بدلاً من كونها عبئاً، يمكن أن تكون في الواقع حليفاً قيماً في مكافحة السرطان.

المصدر:

Why cancer risk declines sharply in old age / nature

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


طب صحة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 278
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *