...
Ad

في مملكة الحيوان، لا يعد البراز مجرد نفايات، بل هو مصدر قيم للتغذية للعديد من الأنواع. حيث يعد أكل الحيوانات للبراز سلوكًا منتشرًا يلعب دورًا حاسمًا في بقاء العديد منها على قيد الحياة.

يمكن أن يوفر أكل البراز للحيوانات سعرات حرارية إضافية عندما تكون مصادر طعامها المعتادة محدودة، أو الحصول على العناصر الغذائية التي يصعب الحصول عليها في نظامها الغذائي المعتاد. وقد يحتوي البراز أيضًا على بكتيريا الأمعاء التي تعطي دفعة للجهاز الهضمي.

البراز منجم ذهب غذائي للحياة البرية

يعتبر البراز، الذي يُنظر إليه غالبًا على أنه مادة مقززة عديمة الفائدة، مصدرًا غذائيًا قيمًا للعديد من الحيوانات. حيث يحتوي على سعرات حرارية ومواد مغذية وحتى بكتيريا الأمعاء المفيدة التي يمكن أن توفر دفعة غذائية للحيوانات. لقد تطورت العديد من الأنواع لتستهلك البراز كوسيلة لتكملة نظامها الغذائي، خاصة عندما يكون الطعام نادرًا.

في البرية، لوحظت حيوانات مثل الغزلان والكلاب والليمور والسلمندر وهي تأكل روث الحيوانات الأخرى. وفي بعض الحالات، يفضلونه على الأطعمة الطازجة. على سبيل المثال، وُجد أن النسور المقنعة في تنزانيا تهتم أكثر ببراز الأسد الغني بالبروتين أكثر من اهتمامها بالذبيحة المقتولة حديثًا.

هذا السلوك، المعروف باسم أكل البراز (coprophagy)، يسلط الضوء على أهمية البراز كمورد غذائي في الطبيعة. حيث يمكن أن يحتوي البراز على ما يصل إلى 90% من العناصر الغذائية التي يستهلكها الحيوان الأصلي، مما يجعله مصدرًا مركزًا للطاقة والمواد المغذية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبكتيريا الأمعاء الموجودة في البراز أن تساعد على الهضم وصحة الأمعاء بشكل عام. هذه الفائدة المزدوجة تجعل البراز خيارًا جذابًا للحيوانات التي تتطلع إلى تحسين تغذيتها.

تعزيز التغذية من البراز

إن أكل البراز هو استراتيجية للبقاء تستخدمها العديد من الحيوانات. على سبيل المثال، تمارس الأرانب والأرانب البرية شكلاً من أشكال أكل البراز لزيادة امتصاص العناصر الغذائية من طعامها. من خلال إعادة تناول برازها، يمكنها استخراج العناصر الغذائية الإضافية التي فاتتها في البداية أثناء عملية الهضم السريعة.

في الظروف القاسية، قد تلجأ الحيوانات إلى تناول براز الأنواع الأخرى. على سبيل المثال، تتغذى الرنة في سفالبارد بالنرويج على فضلات الأوز خلال الصيف القصير في القطب الشمالي عندما يكون الطعام نادرًا.

لقد لوحظ أن الثعالب الحمراء في حديقة كيرنجورمز الوطنية في اسكتلندا تستهلك براز الكلاب. وكشفت الأبحاث أن الحمض النووي للكلاب يوجد بشكل متكرر في براز الثعالب، وخاصة خلال السنوات التي تكون فيها الفرائس الأساسية للثعالب، فئران الحقل، نادرة. وقد أظهرت التحاليل المعملية أن براز الكلاب غني بالعناصر الغذائية، حيث يحتوي على نفس محتوى السعرات الحرارية الموجودة في الحمص المطبوخ. وهذا يشير إلى أن تناول براز الكلاب قد يساعد الثعالب على البقاء على قيد الحياة خلال فترات ندرة الغذاء، مما يضمن بقائها على قيد الحياة على مدار العام.

أكل الحيوانات للبراز

البراز كمكملات غذائية

أثناء الغوص في الشعاب المرجانية في بونير، لاحظ فريق من العلماء سمك الجراح (surgeonfish) وسمك الببغائية (parrotfish) يطاردان بشغف حبيبات البراز التي تطلقها أسراب كبيرة من أسماك الكروم البني (brown chromis fish). يسلط هذا السلوك الضوء على القيمة الغذائية لهذه الحبيبات التي تبدو غير جذابة.

لقد شهد الفريق المنافسة الشديدة على هذه الأطعمة الغنية بالمغذيات، حيث كانت الأسماك تتقاتل حتى على الحبيبات الفردية. وكان 85% من حبيبات البراز البني التي تم رصدها كانت من نصيب الأسماك، وكانت الغالبية العظمى منها من نصيب أسماك الببغائية وأسماك الجراح.

وعلى عكس الطحالب، التي تشكل النظام الغذائي الأساسي لسمك الببغاء وسمك الجراح، تتغذى أسماك الكروم البني على العوالق. يؤدي هذا الاختلاف الغذائي إلى براز مليء بالعناصر الغذائية الأساسية، بما في ذلك البروتين والكالسيوم والفوسفور والزنك. هذه العناصر الغذائية الدقيقة، التي غالبًا ما تفتقر إليها الطحالب، ضرورية لبقاء ونمو أالأسماك

هذه الحبيبات البرازية تشبه من المكملات الغذائية للأسماك. ومن خلال تناولها، يمكن للأسماك الببغائية وسمك الجراح أن تكمل نظامها الغذائي بالمغذيات الحيوية، مما يعزز صحتها ورفاهتها بشكل عام.

بكتيريا الأمعاء المفيدة

إن أكل البراز قد يقدم فوائد كبيرة للطيور تتجاوز مجرد التغذية. حيث قد يكون بمثابة وسيلة للحصول على بكتيريا الأمعاء المفيدة.

ويُعتقد أن الطيور المهاجرة قد تبتلع براز الطيور المحلية عند وصولها إلى منطقة جديدة للحصول على بكتيريا الأمعاء التي تساعد في هضم مصادر الغذاء المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تستهلك فراخ طائر الغر الأوراسي براز والديها بشكل متكرر، مما قد يكسبها بكتيريا أساسية لمعالجة نظامها الغذائي.

كما تدعم الأبحاث التي أجريت على فراخ النعام الأسيرة في جنوب إفريقيا هذه النظرية. حيث أظهرت الفراخ التي تغذت على براز والديها بكتيريا معوية أكثر تنوعًا وتطورت بشكل أسرع من تلك التي نشأت بدون براز. كانت هذه الفراخ التي تغذت على البراز أكبر حجمًا وأقل عرضة لأمراض الأمعاء.

هذا يؤكد على أهمية تنوع ميكروبيوم الأمعاء للصحة العامة. وأن الطيور التي تمارس أكل البراز تميل إلى أن تكون أكثر صحة من تلك التي لا تفعل ذلك.

سلبيات أكل الحيوانات للبراز

في حين أن أكل البراز يقدم فوائد محتملة، فإنه يحمل أيضًا مخاطر. على سبيل المثال، قد تحتوي فضلات الطيور على مواد ضارة مثل المبيدات الحشرية أو المواد الكيميائية من مياه الصرف الصحي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يعرض تناول البراز الحيوانات للأمراض والطفيليات والبكتيريا الضارة.

لكن، عند النظر في التهديدات الطبيعية، قد تفوق فوائد أكل البراز المخاطر التي يتعرض لها العديد من الحيوانات. غالبًا ما تكون أنظمة الجهاز الهضمي للحيوانات أكثر قوة ومرونة في مواجهة الأمراض والطفيليات مقارنة بأنظمة الإنسان. وربما طور البشر نفورًا من البراز كآلية وقائية لمنع المرض.

وعلى النقيض من ذلك، لا تظهر الحيوانات، مثل الكلاب، نفس استجابة الاشمئزاز تجاه البراز. وهذا يشير إلى أنه إذا كان سلوك معين، مثل أكل البراز، يوفر ميزة البقاء، فمن غير المرجح أن يعتبره الحيوان غير مستساغ.

المصدر

Why do animals eat their own poop—and other animals’ too? | national geographic

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]

سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.


أحياء بيئة

User Avatar


عدد مقالات الكاتب : 546
الملف الشخصي للكاتب :

مقالات مقترحة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Seraphinite AcceleratorOptimized by Seraphinite Accelerator
Turns on site high speed to be attractive for people and search engines.