ماذا لو تمكن البشر من تسخير قوة الشمس مثلما تفعل النباتات والطحالب. قد يبدو هذا وكأنه خيال علمي، ولكن التقدم الذي حدث مؤخرًا في اليابان جعلنا أقرب إلى جعل هذا حقيقة. لقد نجح فريق من الباحثين من جامعة طوكيو في دمج بلاستيدات خضراء من الطحالب في خلايا الهامستر، مما جعل الخلايا الحيوانية تعمل بالبناء الضوئي وتنتج الطاقة. هذا الإنجاز الرائد لديه القدرة على إحداث ثورة في مجال هندسة الأنسجة الاصطناعية، ويمكن أن يمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة.
وبحسب الباحثين، فإن هذا هو أول اكتشاف يتم الإبلاغ عنه لسلسلة نقل الإلكترون بالبناء الضوئي في البلاستيدات الخضراء المزروعة في الخلايا الحيوانية. حيث تولد سلسلة نقل الإلكترون بالبناء الضوئي طاقة كيميائية وهي ضرورية للعديد من وظائف الخلايا في النباتات والطحالب
محتويات المقال :
كيف تستغل النباتات والطحالب طاقة الشمس؟
يكمن السر في هياكل صغيرة تسمى البلاستيدات الخضراء، والتي توجد داخل خلايا النباتات والطحالب. تحتوي البلاستيدات الخضراء على صبغة تسمى الكلوروفيل، والتي تمنحها اللون الأخضر وتسمح لها بامتصاص أشعة الشمس. تُستخدم هذه الطاقة بعد ذلك لتشغيل سلسلة معقدة من التفاعلات الكيميائية، وإنتاج الجلوكوز والأكسجين كمنتجات ثانوية.
لكن البلاستيدات الخضراء ليست مجرد مصانع للطاقة، فهي أيضًا أنظمة بيولوجية معقدة تطورت على مدى ملايين السنين لتحسين قدراتها على إنتاج الطاقة. في النباتات، توجد البلاستيدات الخضراء في خلايا تسمى خلايا الميزوفيل، والتي يتم ترتيبها في طبقات لامتصاص أكبر قدر ممكن من أشعة الشمس.
تاريخ من المحاولات
لقد كان العلماء مفتونين منذ فترة طويلة بإمكانية نقل البلاستيدات الخضراء إلى الخلايا الحيوانية. ولكن بدت الفكرة بعيدة المنال، لأن الخلايا الحيوانية تفتقر إلى الآليات اللازمة لدعم وظيفة البلاستيدات الخضراء. ومع ذلك، كان الباحثون يستكشفون طرقًا لتكييف البلاستيدات الخضراء لتزدهر في الخلايا الحيوانية، مما يفتح إمكانيات جديدة للهندسة الحيوية وإنتاج الطاقة الخلوية.
في الستينيات، حاول العلماء لأول مرة إدخال البلاستيدات الخضراء في الخلايا الحيوانية، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال. حيث تم هضم البلاستيدات الخضراء بواسطة الخلايا الحيوانية أو فشلت في أداء وظيفتها بشكل صحيح. ويُعزى هذا الفشل إلى الاختلاف الكبير في البيئات الخلوية للنباتات والحيوانات.
وعلى الرغم من هذه النكسات المبكرة، استمر الباحثون في دراسة إمكانات البلاستيدات الخضراء في الخلايا الحيوانية. لقد أدت التطورات الحديثة في الهندسة الوراثية والتلاعب الخلوي إلى إحياء الاهتمام بهذا المجال، مما مهد الطريق لاكتشافات رائدة مثل تلك الموجودة في هذه الدراسة.
خلايا حيوانية تعمل بالبناء الضوئي
تم إجراء التجربة الرائدة عن طريق إدخال البلاستيدات الخضراء من الطحالب الحمراء في الخلايا المزروعة المشتقة من الهامستر (فأر). ثم قام الباحثون بفحص بنية البلاستيدات الخضراء داخل الخلايا باستخدام تقنيات التصوير المتقدمة.
وقد استمرت البلاستيدات الخضراء في العمل لمدة تصل إلى يومين، وتم اكتشاف نقل الإلكترون لنشاط التمثيل الضوئي. كما قاموا بقياس وتأكيد أن نقل الإلكترون للنشاط الضوئي كان يحدث باستخدام نبضات من الضوء
كما وجد أن الخلايا الحيوانية التي تحتوي على البلاستيدات الخضراء شهدت زيادة في معدل نمو الخلايا، مما يشير إلى أن البلاستيدات الخضراء وفرت مصدرًا للكربون (وقودًا) للخلايا المضيفة. ويقترح الباحثون أن الدراسات المستقبلية يمكن أن تبحث في العمليات المشاركة في تبادل المواد بين الخلية المضيفة والبلاستيدات الخضراء، وكذلك المواد الإضافية التي يتم إنتاجها.
فوائد مهمة
يعتقد الباحثون أن هذا العمل سيكون مفيدًا لهندسة الأنسجة الخلوية (cellular-tissue engineering). حيث أن الأنسجة المزروعة في المختبر، مثل الأعضاء الاصطناعية واللحوم الاصطناعية وطبقات الجلد، مصنوعة من طبقات متعددة من الخلايا.
ومع ذلك، هناك مشكلة وهي أنها لا يمكن أن تزيد في الحجم بسبب نقص الأكسجين داخل الأنسجة، مما يمنع انقسام الخلايا. ولكن من خلال دمجها بالخلايا المزروعة بالبلاستيدات الخضراء، يمكن تزويد الخلايا بالأكسجين من خلال التمثيل الضوئي وبالتالي تحسين الظروف داخل الأنسجة لتمكين النمو.
ولكن هذا ليس كل شيء. ويمكن لهذه التكنولوجيا أيضًا أن تمهد الطريق لحلول الطاقة المستدامة. تخيل أننا قادرون على تزويد منازلنا وأجهزتنا بالطاقة باستخدام الطاقة الحيوية المولدة من هذه الخلايا. إنه مفهوم يغير قواعد اللعبة ويمكن أن يساعدنا في الانتقال إلى مجتمع صديق للبيئة.
المصادر
Solar-powered animal cells: Combining chloroplasts from algae with hamster cells | phys.org
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :