Categories: غير مصنف

ما هي عملية الاستمطار وكيف يمكن التحكم بها؟

سعى الإنسان عبر التاريخ وربما عصور ما قبل التاريخ إلى تعديل الطقس بمجموعة متنوعة من الوسائل. استخدمت العديد من القبائل البدائية أطباء سحرة أو رجال طب لجلب السحب والأمطار خلال فترات الجفاف، ولإبعاد سحب المطر أثناء فترات الفيضانات. و ترجع الجهود ” العلمية” الجدية للاستمطار إلي منتصف القرن التاسع عشر حين كان الناس يجربون كل شيء كإطلاق نيران المدافع، أو إشعال الحرائق في الغابات للتأثير في السحب كي تمطر. ففي عام 1894 جرب أهال من نبراسكا فى الولايات المتحدة وضع حد لقحط شديد عن طريق تفجير عشرة براميل مليئة بالبارود. وكمثال على الغموض العلمي، لوحظ أن السماء أمطرت إثر ذلك رذاذا خفيفا لم تكن له أي فائدة، ولكنه كان يكفي فقط على تشجيع الناس على الاستمرار بالمحاولة واستنباط سبل جديدة. فما هي عملية الاستمطار ؟ وكيف يمكن التحكم بها؟

سحب بلا أمطار

تحتوى السحب المنتفخة على كمية كبيرة من الماء. حتي إن سحابة صغيرة منها قد يصل حجمها إلى 750 كيلومترا مكعبا. وإذا ما تصورت وجود نصف غرام من الماء في المتر المكعب من هذه السحابة، فإن تلك الكرات البخارية في الغلاف الجوي تظهر كأنها بحيرات سابحة في السماء. ولكنها قد لاتجود إلا بقطرات قليلة قبل أن تختفي وراء الأفق. ولكن إذا حالفنا الحظ أو تصرفنا بذكاء لمعالجة تلك المشكلة, فيمكننا وضع اليد على تلك الكمية التي تسبح فى الجو علي الدوام والتي تقدر بنحو 0.04% من المياه العذبة فى العالم. وقد أدي هذا الي حث الحكومات فى بعض الدول الي تزويد الغلاف الجوي بأيونات لاعتصار مزيد من الرطوبة منه. فعلي سبيل المثال، تنشر الحكومة الصينية جيشا للطقس من 48 ألف شخص وتزودهم ب 50 طائرة و 7 آلاف راجمة صواريخ و 7 آلاف مدفع من أجل انتزاع المزيد من الأمطار.

المبدأ وراء علم الاستمطار

إن السحب التي تأتي منها الأمطار تحتوى على قطيرات ماء بحجم الميكرون, حيث تكون حرارتها دون درجة التجمد. ولكنها لم تتحول بعد إلى جليد لأنها تفتقر إلى نوى ضرورية لكي تتجمع حولها. لنقل إنها بحاجة إلى جسيمات غبارية بالحجم المناسب تماما. وهذه القطيرات خفيفة بحيث تبقيها التيارات الصاعدة عالقة في الجو. وإذا جرى توفير نوى مناسبة فإن القطيرات تندمج وتأخذ شكل كريات صغيرة من الجليد سرعان ما تتحول إلى غيث عندما تتساقط مخترقة الجو الدافئ. وقد اخترع هذه التقانة «فونيكوت» [العالم في مجال الغلاف الجوي بمختبر البحوث التابع الشركة جنرال إلكتريك'” بنيويورك] فى عام 1946. حيث استخدم فونيكوت يوديد الفضة كبذور والتى تحاكي بنيته الجزيئية تلك الموجودة في بلورات الجليد. ففي سحابة باردة يعمل يوديد الفضة على جذب الماء للالتصاق به. ويقوم يوديد الفضة بهذه المهمة نظريا وحتى عمليا: إذ صرح طيارون أن بإمكانهم مشاهدة السحب وهي تتغير عندما ترشق بهذه المواد الكيميائية. [1][2]

قياس الفاعلية

لقد استحدثت العديد من التقنيات لقياس فاعلية عملية الاستمطار ولاسيما خلال السنوات العشر الأخيرة. ففي ثمانيات القرن الماضي استخدم «رادار دوبلر- Doppler Radar» الذى مَكنَ العلماء لأول مرة من رؤية تركيزات المياه ضمن إحدى السحب. تللك الآلة التي تنشئ تلك البقع الخضراء على خرائط الطقس التي نشاهدها على شاشة التلفاز.[3] وفي عام 2000 أحرز الرادار الثنائي الاستقطاب الذي يصدر إشارات موجية على كل من محوري الإحداثيات تقدما كبيرا. حيث أصبح بإمكانك أن تعرف ما إذا كانت السحابة تحتوي على مطر وأن ترى حجم وشكل قطرات المطر.[4] ومع حصولنا على بيانات أفضل, ازدادت قوة الحواسيب وقدراتها على تحليل هذه البيانات وقدرتها على إحداث نماذج افتراضية. حيث يمكنك إنشاء سحابة إفتراضية وتقوم بحقنها بيويد فضة افتراضي, ثم تلاحظ ما الذي سيحدث.

رحلة إلي أعماق السحب

لنفترض أنك أحد الطيارين المسئولين عن إطلاق أنابيب يوديد الفضة وتم استدعائك للقيام بتلك المهمة. كل ما عليك هو التوجه إلي المنطقة الأنسب من العاصفة وهي منطقة “التدفق”. تلك المنطقة هي القناة التي يرتفع فيها الهواء الدافئ والرطب ضمن العاصفة، ويؤدي هذا الهواء دور الوقود لها. وهي عبارة عن «حوالق شبحية- Ghostly tendrils» من الرطوبة مندفعة بسرعة نحو السماء. و يحمل التدفق يوديد الفضة على بعد 2000 قدم داخل السحابة حيث توجد المياه فائقة البرودة و التي ينبغي أن يصل إليها متسببا في تشكل أولي لبلورات الجليد.

ويستهدف الطيارون التدفق نظرا لكونهم لا يستطيعون الطيران داخل السحابة، فبإمكان الرياح العنيفة داخلها تمزيق الطائرة. وعوضا عن ذلك يدور الطيار حول النقطة المناسبة مطلقا عددا من الأنابيب مستخدما التدفق فى نقل الدخان الحامل ليوديد الفضة إلي داخل السحابة. وأحيانا تكفي طلقة واحدة لتحقيق الهدف وفي أحيان أخرى يتطلب الأمر إطلاق ما يصل إلى 50 طلقة. أما المدة التى يتطلبها تزويد السحابة بخطوط الفضة، فهى تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة. إن زراعة البذور لايحدث قطرات فحسب, فبإمكانه أيضا تغيير بنية السحب إلى بنية عمودية طويلة. الأمر الذي يجعلها أقوي في توليد المطر.[5][2]

المصادر:

1- Cloud Seeding| Wikipedia

Related Post

2-Cloud Seeding – A Review| Al-Bayan Center for Planning and Studies

3-Doppler Radar| National Weather Service

4-Dual Polarization Radar| National Weather Service

5-Eight States Are Seeding Clouds to Overcome Megadrought| Scientific American

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
Author: ahmed kasem

ahmed kasem

Share
Published by
ahmed kasem

Recent Posts

ابتكار واقي شمس بتقنية جديدة لتبريد الجلد

عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…

يوم واحد ago

العثور على مومياوات مصرية قديمة بألسنة وأظافر ذهبية

اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…

يوم واحد ago

بناء منازل على المريخ باستخدام الدم البشري

ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…

يوم واحد ago

خلايا المخ تتطور بشكل أسرع في الفضاء وتظل بحالة جيدة!

من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…

يومين ago

ما هو الويب 3.0 وكيف سيحمي بيانات المستخدمين وخصوصيتهم؟

الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…

يومين ago

كيف يمكن مشاهدة انفجار المستعر الأعظم قبل حدوثه؟

لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…

يومين ago