بالإضافة إلى المواد المشعة الطبيعية، نحتاج إلى إنتاج مواد مشعة جديدة، تتأقلم مع طبيعة الاستخدام. فالمواد المشعة المستخدمة في المجال الطبي مثلًا، يجب أن تكون آمنة للمريض، بحيث لا تبقى في جسمه لمدة طويلة. لذلك، بدأنا في اللجوء إلى تقنيات جديدة لصناعتها كالمفاعلات النووية والمسرعات. فكيف تُنتَج المواد المشعة بهذه الوسائل؟
محتويات المقال :
يتم إنتاج المواد المشعة من خلال مبدإ بسيط يقوم على تعريض نواة مستقرة إلى دفق من الإشعاعات عالية الطاقة لتحفز تفاعلًا نوويا. يؤدي هذا التفاعل إلى تحويل النواة إلى أخرى مشعة -وهو ما يسمى بالتنشيط الإشعاعي- أو إلى ظهور نويات مشعة جديدة نتيجة للانشطار النووي. وتستعمل المُسرعات التنشيط الإشعاعي من أجل إنتاج المواد المشعة. بينما تَستخدِم المفاعلات النووية لذلك الانشطار النووي (في العادة).
تُنتِج المفاعلات النووية المواد المشعة كنتيجة للانشطار النووي الذي يخضع له الوقود النووي في قلبها. وتُستخدم المفاعلات النووية كوسط مهيَّئ لتحفيز الانشطار النووي. حيث يبعث مصدر مشع نيوترونا يمتصه الوقود النووي (اليورانيوم أو البلوتونيوم) فينشطر هذا الأخير إلى نويات مشعة جديدة. ينشأ عن الانشطار أيضا نيوترونات ذات طاقة عالية، تدخل بدورها في عملية انشطار جديدة [1].
يمكن أيضا أن تَنتج المواد المشعة في المفاعلات النووية عن طريق «التنشيط النيوتروني -Neutron Activation» . في هذه الحالة، تقصف حزم من النيوترونات الناتجة عن الانشطار النووي النواة الهدف من أجل تحويلها إلى مادة مشعة [1].
تستخدم المسرعات التنشيط الإشعاعي كمحفز لإنتاج المواد المشعة. ولكل نوع معين من المسرعات، نجد نوعًا محددًا من التنشيط. فالمسرعات الدورانية (تتسارع الجسيمات فيه باتباع مسار لولبي حيث يتسارع الجسيم كلما ابتعد عن المركز)، تُنتِج البروتونات التي تنبعث بسرعات عالية لتقصف النواة الهدف، وهو ما يطلق عليه «التنشيط البروتوني-Proton Activation». بينما تًصدر المسرعات الخطية (في هذا النوع تسلك الجسيمات أثناء تسارعها مسارًا مستقيميًا) فوتونات تصدم النواة الهدف من أجل تحفيز التفاعل النووي، ويدعى هذا ب «التنشيط الفوتوني-Photon Activation» [1].
وتختلف كمية المواد المشعة المصَنّعة حسب عدة عوامل نذكر منها: زمن القصف -أي الفترة الزمنية التي تتعرض لها النواة الهدف لحزمة الإشعاعات- وعدد النويات التي تتعرض للقصف، بالإضافة إلى احتمالية نشوء التفاعل بين الإشعاعات والنواة الهدف [2].
وتُستخدم المواد المشعة الناتجة عن التنشيط الإشعاعي أو الانشطار النووي عادة لأغراض طبية، حيث يتم حقن المريض بجرعة من هذه المواد بهدف التشخيص أو العلاج. لكن هذا لا ينفي الاستخدامات الأخرى لها (حتى إن الأمر وصل إلى استخدامها في اغتيالات سياسية) التي ستكون مدار المقالات القادمة.
[1] Nuclear Medicine Physics: A Handbook for Teachers and Students
[2] Handbook of Radiotherapy Physics
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…