فيزياء

كيف نذهب إلى النجوم بالسفن الشراعية؟

خطى الإنسان أولى خطواته على عالم غير عالمنا في أواخر ستينيات القرن الماضي، عندما خطى أول خطوة على القمر كنا ندرك أن هذه ليست سوى خطوة صغيرة في طريق طويل بانتظارنا، عوالم كثيرة بانتظار من يستكشفها ومن يخلّد التاريخ اسمه كأول من خطاها بقدميه، ولكن ماذا عن ما وراء مجموعتنا الشمسية؟ هل سنزور النجوم التي نراها في سماء الليل يومًا ما؟ أم أنها ستظل حلمًا بعيد المنال؟ وكيف نذهب إلى النجوم بالسفن الشراعية؟

لماذا قد نذهب إلى النجوم؟

أولى الأسباب هي الفضول البشري، فما العلم بكل ما قدم لنا من اختراعات واكتشافات إلا نتيجة للفضول البشري، وهنا يجب أن نرد على ما يقوله البعض بشأن علم الفلك، فيقولون أن إنفاق الأموال على الأبحاث المتعلقة بعلم الفلك عديمة الجدوى فهو فرع من العلوم لا يمس حياتنا بأي شكل من الأشكال، إلا أن في هذا الطرح ضيق أفق، حيث لم يكن مايكل فاراداي يملك أدنى فكرة عما نفعله اليوم باستخدام الكهرباء عندما كان يجري تجاربه البسيطة، ولم يكن يدري نيوتن أن قوانين الحركة الخاصة به هي التي سنستخدمها لمغادرة كوكبنا والتطلع إلى العوالم الأخرى، فالسؤال عن الجدوى لا يجب أن يكون مطروحًا.

ثم أن موارد كوكبنا تنقص يومًا بعد يوم نتيجة لزيادة عدد البشر وزيادة معدلات الاستهلاك، فنحن في حاجة للسكن في عوالم أخرى، للبحث عن موارد جديدة

ولعلك تتساءل عن عنوان المقال “كيف نذهب إلى النجوم بالسفن الشراعية؟” وهو ما سنشرحه بعد قليل.

كيف نذهب إلى النجوم؟

لسوء الحظ، لن تجدي الطريقة المعهودة نفعًا عند السفر إلى النجوم، فلا يمكننا الاعتماد على الوقود الأحفوري، حيث يُعد نجم «قنطور الأقرب-Proxima Centauri» أقرب النجوم إلى مجموعتنا الشمسية، حيث يبعد عنّا 4 سنوات ضوئية فقط، إلا أن أسرع صواريخنا (أبولو 10) – والذي كان يتحرك بسرعة تقارب 40,000 كم/ساعة – سيحتاج إلى 100,000 سنة للوصول إليه!

وهنا يحين الوقت للكشف عن سر عنوان مقالنا الغريب.

ندما أبحر كولومبوس نحو الأمريكيتين كان يبحر بالسفن الشراعية، استخدم كولومبوس الأشرعة الهوائية لتحريك سفينته وسط أمواج المحيط حتى وصل إلى العالم الجديد، ونحن أيضًا يمكننا الذهاب إلى عالمنا الجديد باستخدام الأشرعة، ولكنها لن تكون أشرعة هوائية، بل ستكون أشرعة ضوئية.

Related Post

كيف نذهب إلى النجوم بالسفن الشراعية؟

يكمن السر في قانون نيوتن الثالث الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل معاكس له في الاتجاه ومساوي له في مقدار القوة.

فكّر في الأمر، إذا قمت ببذل أي مقدار من الطاقة في أي اتجاه في الفضاء سيُدفع بك في الاتجاه المعاكس بنفس المقدار الذي بذلته، أي أنك إن أضأت مصباحًا في الفضاء الخارجي، فسيؤدي هذا إلى دفعك في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي توجه فيه المصباح، ولكن ببطئ شديد بالطبع.

إذا فنحن نحتاج إلى أشرعة ضخمة لتجميع أكبر قدر من الضوء لإعطائها أكبر دفعة ممكنة نحو النجم الذي نرجو الوصول إليه، ولكي تنطلق الأشرعة عليها أن تعكس الضوء، وهو ما سيتطلب أن تكون هذه الأشرعة ذات سطح ناعم يعكس الضوء بسهولة، كالمرايا، لذا سنقوم بكسوة هذه الأشرعة الخفيفة بطبقة عاكسة للضوء.

ولكن من أين نحصل على الضوء؟

تُعد هذه الخطوة هي الخطوة الأصعب، حيث سنحتاج إلى طاقة ضوئية كبيرة، قد نحتاج هنا إلى بناء جهاز ليزر ضخم على سطح القمر، وهذا الليزر سيُزوّد بالطاقة عن طريق مفاعلات نووية موجودة على القمر، حيث أن تربة القمر غنية بنظير الهيليوم «هيليوم 3-Helium 3» نتيجة لتعرض تربته لأشعة الشمس المباشرة على مدى ملايين السنين.

قد نستخدم الهيليوم 3 في المفاعلات النووية التي سنبنيها على سطح القمر لتزويد جهاز الليزر العملاق بالطاقة اللازمة لإطلاق كمية كبيرة من الضوء لتحريك الأشرعة باتجاه النجوم بسرعة كافية، وهذا قد يعني أننا علينا أن ننتظر استعمار القمر وبناء المستوطنات عليه حتى نفكّر في السفر إلى النجوم، وهو ما قد يبدو محبطًا، إلا أنه ليس بعيد المنال، فأولى خطوات بناء المستعمرات هي الهبوط والاستكشاف، وهي ما بدأنا فيها من القرن الماضي وما زلنا نفعلها إلى الآن.

لم يفكر أجدادنا عندما اكتشفوا إمكانية استخدام الأقمشة لصنع أشرعة تستغل حركة الهواء لتحريك سفنهم في البحار أن أحفادهم سيستخدمون نفس الطريقة، ولكن هذه المرة ليس للتنقل في مياه البحار، ولكن في ظلام الفضاء، وليست من يابسة إلى يابسة، ولكن من نجم إلى نجم آخر.

المصادر

esa
space
nasa
sciencedirect

Author: abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.

اضغط هنا لتقييم التقرير
[Average: 0]
abdalla taha

أحب القراءة ومتابعة العلوم.

Share
Published by
abdalla taha

Recent Posts

إعادة إحياء جين بشري قديم: ثورة محتملة في علاج “داء الملوك”

خطوة هائلة إلى الأمام في مجال الطب التجديدي والعلاجات الجينية يُعرف مرض النقرس (Gout) باسم…

21 ساعة ago

“القمر الدموي” يزين سماء مصر والوطن العربي.. أطول خسوف قمري في القرن الحادي والعشرين

يترقب عشاق الفلك في جميع أنحاء العالم، وخاصة في المنطقة العربية، حدثاً فلكياً نادراً ومثيراً…

يومين ago

أسرار “الذهب الأسود”: القهوة العربية.. كنز علاجي لمكافحة السكري ومفتاح للسعادة

ارتبطت القهوة، هذا المشروب العتيق الذي يوقظ الحواس ويدفئ الأرواح، بالطقوس الصباحية واللقاءات الاجتماعية. لكن…

4 أيام ago

القاهرة عاصمة الابتكار الأفريقية: جامعة القاهرة تتصدر المشهد بحضور أكاديمي رفيع من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا

في إنجاز علمي وتكنولوجي جديد يؤكد على مكانة مصر المتنامية كمركز إقليمي ودولي للابتكار، أعلنت…

4 أيام ago

التكاثر في الفضاء: حلم المستقبل أم كابوس الأجيال القادمة؟

دراسة يابانية رائدة تفتح آفاقاً جديدة وتثير مخاوف جوهرية كان التوسع خارج كوكب الأرض حلماً…

6 أيام ago

ثورة الأنسجة الذكية: علماء يبتكرون حاسوبًا متكاملًا في خيط قماش قابل للغسل!

لوقت طويل كانت الأنسجة الذكية حلمًا يراود العلماء والمبتكرين، ومؤخرا، تطورت فكرة دمج التكنولوجيا المتطورة…

7 أيام ago