في سعي البشر لاستكشاف الفضاء، دفعنا حدود الابتكار لأقصاه، وبدأت قصتنا في هذا المكان الهائل بالصواريخ. وقد قطعت صناعة الصواريخ شوطًا طويلًا، ووعدت الإنجازات الأخيرة بأخذنا إلى أبعد من أي وقت مضى. ولفهم السحر الكامن وراء هذه الأعاجيب، نحتاج أن نسأل سؤال ربما لا يعرفه أغلبنا، كيف تعمل صواريخ الفضاء؟
محتويات المقال :
تاريخ موجز لصواريخ الفضاء
بدأت الرحلة في الأربعينيات من القرن الماضي بالصاروخ الألماني V-2، والتي كانت المرة الأولى التي ينجح فيها البشر في إرسال جسم ما إلى الفضاء. ومنذ ذلك الحين، شهدت الصواريخ تحولات كبيرة، مدفوعة بفضول وبراعة العلماء
والمهندسين.
واليوم، نشهد حقبة جديدة من الصواريخ الثورية التي تدفع حدود استكشاف الفضاء. من (new shepard) الذي طورته شركة (Blue Origin) إلى (Starship) من (SpaceX)، أصبح تصميم وتكنولوجيا الصواريخ الحديثة متطورة بشكل متزايد.
وكان أحد العوامل الرئيسية هو تطوير أنظمة الدفع الجديدة، مثل المحركات التي تعمل بالوقود السائل وأنظمة التوجيه المتقدمة. وقد مكنت هذه الابتكارات الصواريخ من حمل حمولات أثقل والسفر لمسافات أطول، مما مهد في نهاية المطاف الطريق لاستكشاف الإنسان للفضاء.
ومن الجوانب الحاسمة الأخرى ظهور شركات خاصة مثل (SpaceX) و(Blue Origin)، حيث قدمت صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام ومنخفضة التكاليف. لقد فتح هذا التحول فرصًا جديدة للسفر إلى الفضاء وإطلاق الأقمار الصناعية. مما جعل الوصول إلى الفضاء أكثر سهولة من أي وقت مضى.
كيف تنطلق الصواريخ إلى الفضاء؟
دعونا نعيد النظر في مبادئ الفيزياء التي تحكم صناعة الصواريخ. لدينا مفهومين شديدي الأهمية في هذا السياق. الأول هو القصور الذاتي، حيث تميل الأجسام ذات الكتلة إلى مقاومة حركتها، ولكن بمجرد حركتها، ستستمر في الحركة طالما لا يوجد احتكاك أو سحب. والثاني هو قانون نيوتن الثالث للحركة، والذي ينص على أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه.
عند تطبيق هذين المفهومين على الصواريخ، تترجم هذه المبادئ إلى حاجتنا إلى قدر هائل من الدفع المطلوب للتغلب على قوة الجاذبية. فهو قوة السحب التي ستمنع الأجسام من الاستمرار في الحركة كما قلنا في القصور الذاتي. ولتحقيق ذلك، اعتمد العلماء في بناء الصواريخ على كيمياء الانفجارات، أو التفاعلات الطاردة للحرارة، لإطلاق الحرارة والطاقة. هذه الطاقة هي التي ستدفع الصاروخ للأعلى، وتولد الدفع اللازم للهروب من جاذبية الأرض.
يكمن مفتاح هذه العملية في مزيج الوقود والمؤكسد (oxidizer)، الذي يتم إشعاله لإنتاج انفجار متحكم فيه. تحدد سرعة غاز العادم وكتلة الغاز الذي يتم طرده في الثانية مقدار الدفع المتولد. ومن الناحية العملية، تحتاج الصواريخ إلى حمل كمية كبيرة من الوقود والمواد المؤكسدة لإنتاج الدفع المطلوب.
السيطرة على الوحش
إن التحكم في الصاروخ هو عملية توازن دقيقة. حيث تلعب فوهات محرك الصاروخ وزعانفه دورًا حاسمًا في الحفاظ على الاستقرار والاتجاه. وقد صمم المهندسون فوهات المحرك لتكون مرنة، مما يسمح لها بتعديل اتجاهها ودفعها وفقًا للحاجة. وهذه المرونة ضرورية للتنقل عبر مساحة شاسعة من الفضاء، حيث يمكن أن يؤدي أدنى انحراف إلى عواقب كارثية. احتاج العلماء إلى تركيب الفوهات عادةً على محور، وهو نظام ميكانيكي يمكّن الفوهات من الدوران. يسمح المحور للصاروخ بإجراء تعديلات طفيفة على مساره، مما يضمن بقائه في المسار الصحيح.
من ناحية أخرى، توفر الزعانف ثباتًا وتحكمًا إضافيين أثناء مرحلة الصعود. وتستخدم هذه الأسطح الديناميكية مقاومة الهواء للمساعدة في توجيه الصاروخ والحفاظ على اتجاهه. ومن خلال التصميم والوضع الدقيق، يمكن للزعانف التأثير بمهارة على حركة الصاروخ، مما يضمن بقاءه ثابتًا وعلى المسار الصحيح.
ولكن ماذا يحدث عندما يبدأ الصاروخ في التعثر بشكل لا يمكن السيطرة عليه؟ غالبًا ما يكون هذا الأمر علامة على فشل أنظمة التحكم، وأن الصاروخ معرض للتدمير الذاتي أو التفجير عن بعد بواسطة التحكم الأرضي.
كيف تصل الصواريخ إلى الفضاء وتبقى هناك؟
إن الوصول إلى الفضاء يتطلب اتباع نهج متعدد الخطوات، وهنا يأتي مفهوم المراحل. ويذكرنا مبدأ القصور الذاتي بأنه كلما زادت الكتلة التي نمتلكها، كلما زادت حاجتنا إلى الدفع لتحريكها إلى السرعة المطلوبة. لكن كلما زادت قوة الدفع التي نحتاجها، زادت الحاجة إلى تعبئة الوقود. ومن خلال بناء الصواريخ على مراحل، يمكننا التخلص من الكتلة غير الضرورية أثناء الرحلة وتحسين قدرة الدفع في رحلتنا إلى الفضاء.
تم تصميم كل مرحلة بعناية لتتكامل مع بعضها البعض، وتخدم غرضها قبل أن تنتهي وتبدأ التي تليها. ولا توفر هذه العملية الوقود فحسب، بل تمكن الصواريخ أيضًا من الوصول إلى سرعات وارتفاعات لا تصدق.
على سبيل المثال، بعض المراحل الأولى قابلة لإعادة الاستخدام، مثل صواريخ سبيس إكس الرائعة، والتي يمكن استعادتها وإعادة إطلاقها عدة مرات. وفي حالات أخرى، يتم استخدام الكبسولة التي تحمل البضائع أو الطاقم مرارًا وتكرارًا. هذا النهج الذكي يقلل من النفايات، ويقلل التكاليف، ويجعل السفر إلى الفضاء أكثر استدامة.
ومن خلال إتقان فن التدرج، يمكننا إرسال الأقمار الصناعية إلى المدار، ودفع البعثات الاستكشافية إلى الكواكب البعيدة، وحتى الشروع في رحلات استكشافية مأهولة إلى القمر وما بعده.
المصدر
How Do Rockets Work? All You Need To Know / iflscience
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :