كيف تعزز ذاكرتك بطريقة Loci اليونانية القديمة؟
لطالما تعلمنا من الأساطير القديمة وزودتنا بمعلومات عن الحضارات من أحداث وثقافات وعلاقات وتحالفات بشرية… ومن أشهر الأساطير هي أساطير الإغريق (اليونانيون القدماء).
كان للأساطير اليونانية تأثيرًا بليغ على الفنون وآداب وثقافة الحضارة الغربية والتي أخذت الكثير من الثقافة اليونانية. وسنلاحظ ذلك مثلًا في اللغة الإنجليزية وآدابها، فالعديد من الكلمات المستخدمة حديثًا مشتقة من اللغة اليونانية، فحوالي 150,000 كلمة في اللغة الإنجليزية من اليونانية القديمة. وكانت الأساطير متعلقة بالآلهة وأبطال وطقوس الإغريق القدماء. كذلك استلهم الشعراء والفنانيين من العصور القديمة من الأساطير اليونانية وحتى وقتنا الحاضر. [1,2]
ففي هذا المقال ستعرف كيف تعزز ذاكرتك بطريقة Loci اليونانية القديمة؟
محتويات المقال :
الذاكرة في الحضارة اليونانية القديمة ومن هي نيموزين؟
هل سبق لك مشاهدة مقاطع فيديو يتنافسون فيها الأشخاص في مسابقات للذاكرة. ففي 2015، تمكن «أليكس مولين-Alex Mullen» من تذكر 3029 رقم بترتيبهم الصحيح وهذا جعله يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية. حيث أخذ اللاعبين ورقة بها آلاف من الأرقام ولديهم ساعة واحدة فقط؛ لحفظ أكبر عدد ممكن. هنا بالتأكيد خطر ببالك سؤال كيف يفعلون ذلك؟ كيف يمكنهم حفظ مجموعة من الحقائق أو الأرقام العشوائية في فترة زمنية قصيرة! هل يمكنني تعلم هذا وكيف؟ نعم يمكنك، وستعرف ذلك في السطور القادمة…
لعبت الذاكرة دورًا هامًا في حياة راوي القصص اليوناني القديم وكانت إحدى أشهر الآلهة «نيموزين-Mnemosyne»، إلهة الذاكرة وكانت ابنة أورانوس وغايا وكانا يجسدان السماء والأرض.
كما ذكرنا أن نيموزين هي إلهة الذاكرة أو الحفظ في الأساطير الإغريقية ونرى في مزاراتهم أنها تم تصويرها بجانب بناتها الملهمات. حيث تقول الأسطورة أن زيوس أخذ شكل بشري وجامع نيموزين لمدة تسع ليال، فأنجبت تسع بنات وكانوا يشاركون في الأدب والعلوم والفنون. فمنهم: «كاليوبي-Calliope» في الشعر الملحمي و«كليو-Clio» في التاريخ و«يوتيربي-Euterpe» في الموسيقى و«إراتو-Erato» في الشعر الغزلي و«ميلوميني-Melpomene» في الفن المسرحي و«بوليهمنيا-Polymnia» في الشعر المقدس و«تيريسيكوي-Terpsichore» في الرقص و«ثاليا-Thalia» في الكوميديا و«أورانيا-Urania» في علم الفلك. [4]
كذلك كان يُطلق اسم نيموزين على نهر في العالم السفلي، واعتقد الإغريق القدماء أنه قبل أن تتجسد أرواح الموتى. سيُطلب منهم شرب الماء من نهر العالم السفلي المسمى «ليثي-Lethe» والذي يعنى نهر النسيان والشرب منه يتسبب في نسيان الروح لحياتها السابقة. ويتدفق نهر نيموزين بالتوازي مع نهر ليثي والذي يجعل الشخص يتذكر.
كيف نزيد سعة ذاكرتنا؟
هناك عاملان رئيسان لزيادة سعة ذاكرتك وهما الأسلوب الصحيح المستخدم في التذكر والوقت (المزيد من الوقت للتدريب).
فنظرًا لاهتمام اليونان قديمًا بالذاكرة. فقد طوروا طرق منذ آلاف السنين لمساعدتهم في حفظ الخطب الطويلة وتبنى الرومان فيما بعد هذه الطرق. [3,4]
واحدة من هذه الطرق هي طريقة (Loci) أو «قصر الذاكرة-Memory Palace» أو رحلة الذاكرة والتي استُخدمت لفترة طويلة في العالم الغربي.
قصة الذاكرة مع اليونانيين
وفقًا للكاتب والخطيب الروماني «شيشرون-Cicero»، اكتُشفت هذه الطريقة من قِبل شاعر
يوناني يُسمى «سيمونيدس-Simonides» من سيوس وهي الآن كيا باليونان.
يحكي شيشرون أنه بعد تقديم سيمونيدس قصيدته، استُدعى للخارج وإنهار سقف قاعة المآدب (وهي قاعة يكون فيها الضيوف يعرفون بعضهم البعض، مدعون لتناول الطعام ويجتمعون لهدف الاحتفال في الغالب) وسُحق الضيوف وماتوا وتشوهت جثثهم لدرجة يصعب التعرف عليهم. تلك الحادثة جعلت من الصعب التعرف على هوية الموتى وكان مطلوب تحديد هويتهم لدفنهم بطريقة صحيحة. لكن تمكن سيمونيدس من التعرف عليهم من خلال ذاكرته البصرية حول مكان جلوس الضيوف حول الطاولة وذلك بطريقة «Loci» والتي تستطيع منها تذكر أي شيء من خلال ربط شيء بصورة ذهنية لموقع أو مكان ما. [4]
ما هي طريقة Loci أو قصر الذاكرة بالتفصيل؟
تعتمد طريقة Loci على التصور العقلي للأشياء التي ينوي الشخص تذكرها ويتم وضع هذه الأشياء بترتيب معين في أماكن مختلفة على طول طريق مألوف للشخص.(أي تربط الأشياء التي نريد تذكرها بأماكن معينة).
مثال:
لنفترض أن أحد طلب منك حفظ قائمة من الكلمات العشوائية مثل وعاء، وكتاب، وأسد، وسيارة…
في خطوتنا الأولى، سنتخيل موقعًا أو مكان تعرفه عن ظهر قلب جيدًا مثل شقتك. تمشي الآن في شقتك، بداية من المدخل والذهاب إلى طريق معين، فتفتح الباب وتخلع حذائك وتضعه على الأرض وتعلق معطفك ومن ثم تنتقل إلى غرفة المعيشة وتجلس على الأريكة.
التصور الذهني
الآن أثناء تجولك في شقتك، تضع الكلمات من القائمة التي تحتاج إلى حفظها كصور في مواقع محددة في شقتك. فمثلًا ترى باب شقتك وتعتقد أنه سيكون استبدال مقبض الباب بوعاء أمر جيد. فتحرك المقبض وتعلق الوعاء على الباب ومن ثم تدخل وتخلع حذائك وتضعه على كومة كبيرة من الكتب، ثم تعلق معطفك وتتصور أن أسد معلق يرحب بك. تمشي إلى غرفة المعيشة حيث تقرر وضع سيارة ضخمة على الأريكة. [4]
عندما تحتاج استرجاع تلك القائمة، ستتذكر ذلك الشكل المنهجي الذي ربطت فيه القائمة بالأشياء التي في منزلك. فباستخدام الصور الذهنية والقصص الغريبة التي تكون ذات مغزى ستتذكر بشكل أفضل.
وعند سؤالك لأي من رياضيين الذاكرة عن كيفية حفظهم لكم كبير من المعلومات. سيخبرونك بطريقة Loci أو قصر الذاكرة التي صقلوها على مدار ساعات من التدريب. ولا تكون الصور الذهنية مصحوبة فقط بأماكن بل بروائح وأصوات كذلك… [3,4]
وكما ذكرت صحيفة «الغارديان-Guardan»: “أنه بعد قضاء أشخاص ستة أسابيع في استخدام قصر الذاكرة. زاد عدد الكلمات التي يمكنهم حفظها خلال فترة زمنية قصيرة إلى الضعف. وأصبح أداؤهم مثير للدهشة بعد أربعة أشهر”. [4]
اقرأ أيضًا: ثلاث عادات لدماغ صحي.
المصادر
سعدنا بزيارتك، جميع مقالات الموقع هي ملك موقع الأكاديمية بوست ولا يحق لأي شخص أو جهة استخدامها دون الإشارة إليها كمصدر. تعمل إدارة الموقع على إدارة عملية كتابة المحتوى العلمي دون تدخل مباشر في أسلوب الكاتب، مما يحمل الكاتب المسؤولية عن مدى دقة وسلامة ما يكتب.
التعليقات :