لم يقتصر مسلسل صراع العروش على المكائد والصراعات العائلية، بل برز الجانب الحربي فيه أيضًا. ورغم مخيلة صنّاعه المذهلة في تخطيط الكثير من المعارك في المسلسل الشهير، إلّا أن الواقع قد يكون أكثر إذهالًا. ويعتبر حصار العرب للقسطنطينية 717-718 (المعروف بالحصار العربي الثاني) الذي يعد من أهم المعارك في تاريخ أوروبا، مثالَا حيّا على ذلك. كيف لا وهي المعركة التي أنقذت الامبراطورية البيزنطية من الزوال. وسمحت لها بالاستمرار لأكثر من 600 عام. [1] وتظهر نقاط تشابه كثيرة بين الحصار ومعركة بلاك ووتر الشهيرة في مسلسل صراع العروش. وهذا ما سنتعرف عليه في مقالنا هذا.
محتويات المقال :
تعدّ معركة بلاك ووتر، التي تسمى أيضًا معركة خليج بلاكووتر، أكبر معركة في حرب الملوك الخمسة. وقادها ستانيس باراثيون الساعي للسيطرة على كينغز لاندينج “العاصمة” والاستيلاء على العرش الحديدي من الملك جوفري باراثيون. وكان لديه من القوات والسفن ما يكفي للنصر بينما كان جيش جوفري يقتصر على بعض القوات العاجزة عن التصدي لهجوم مماثل.
اجتاح أسطول ستانيس الطامع بالحكم، خليج بلاكووتر ليقترب من المدينة. لكن تيريون لانيستر مستشار الملك وضع خطة محكمة لحماية المدينة وكانت استخدام مادّة حارقة وتشتعل حتى فوق المياه. وسميت في المسلسل بالنار الجامحة.
وبناء على خطته تلك، أمر المستشار تيريون سفينة صغيرة بإلقاء مادة النار الجامحة في مياه خليج بلاك ووتر الملاصق للمدينة. فأحرقت أسطول ستانيس براثيون عن بكره أبيه، مسببة تحولَا جذريًا في أحداث المسلسل. كما أدت إلى خسارة كبيرة لستانيس الذي لم يفكر في احتلال كينغز لانديغ مرة أخرى. ورسخّت حكم جوفري براثيون المتكبر. [3]
استعدّ الخليفة الأموي الخليفة سليمان بن عبد الملك بحلول السنوات الأولى من القرن الثامن للإجهاز النهائي على الإمبراطورية البيزنطية. وكانت القسطنطينية عاصمةً للامبراطورية وسقوطها سيكون المسمار الأخير في نعشها وسيقضي عليها بالكامل. وكانت الامبراطورية البيزنطية في ذلك الوقت قد أنهكتها الحروب الأهلية، كما انهارت دفاعاتها الشرقية نتيجة هجمات العرب المتتالية على أراضيها.
وفي خريف عام 717 م، أمر الخليفة سليمان بن عبد الملك، شقيقه مسلمة بمحاصرة القسطنطينية. وترأس مسلمة جيشًا قوامه 80 آلاف جندي وأسطولًا بحريًا مكونًا من حوالي مائتي سفينة. ولأهمية تلك المعركة البالغة، وجّه الخليفة بنفسه الهجوم من دمشق. لكن في الوقت ذاته، كان الامبراطور البيزنطي ليو الثالث جنديًا متمرسًا، وكان مستعدًا لذلك الحصار. فحصّن جدران المدينة، وزودها بمخزون ضخم من الإمدادات. وأمر أي مدني لم يكن لديه ما يكفيه من الطعام لمدة ثلاث سنوات بمغادرة المدينة.
في تلك الأثناء، ورغم ضخامة أسطول الأمويين وجهودهم المستمرة لإغلاق الممر المائي وعزل المدينة عن البحر الأسود، إلّا أن البحرية البيزنطية قاتلت بشراسة وتمكنّت من إبقاء مضيق البوسفور مفتوحًا. ولم يكتفي البيزنطيون بذلك، بل أعدّو أيضًا سلاحًا سريًا، وهو النيران الإغريقية. [1]
النار الإغريقية هي عبارة تركيبة قابلة للاشتعال، وقد استخدمت في حروب العصور القديمة والعصور الوسطى. وبشكل أكثر تحديدًا، يشير المصطلح إلى خليط ابتكره البيزنطيون في القرن السابع الميلادي.
إن استخدام المواد الحارقة في الحرب قديم جدًا؛ فقد وثّق العديد من مؤرخي العصور القديمة استخدام الأسهم المشتعلة، ومواقد النار التي تحتوي موادً مثل القار، والنفتا، والكبريت، والفحم. وفي القرون اللاحقة، ظهر أيضًا استخدام الملح الصخري وزيت التربنتين. وكانت جملة الخلائط القابلة للاشتعال السابقة معروفة لدى الصليبيين باسم النار الإغريقية أو النار الجامحة. ويُعتقد أيضًا أن النار الإغريقيةكانت خليطًا من النفط، تم اختراعه في عهد الامبراطور قسطنطين الرابع بوغوناتوس (668-685) م على يد رجل يدعى كالينيكوس.
وتميزت النيران اليونانية بقابلة الوضع في أوانِ ويمكن تفريغها عبر الأنابيب وتشتعل فيها النيران بشكل تلقائي ولا يمكن إخمادها بالماء. [2] وقد سمح هذا السلاح للسفن البيزنطية بتدمير العديد من السفن العربية. وفي حين كان البيزنطيون يتلقون إمدادات منتظمة عن طريق البحر، عانى العرب من مشقة الحصول على الامدادات، وخاصة في فصل الشتاء.
بقيت أسوار المدينة صامدة أمام هجمات الجيش العربي رغم التعزيزات التي وصلته. وفي صيف عام 718 م، هاجم البلغار المتحالفون مع البيزنطيين العرب وقتلوا 5000 جندي. ونتيجة لذلك، حوصرت القوات الأموية بين أسوار القسطنطينية الصامدة والبلغار.
أمر الخليفة جيشه بالانسحاب من القسطنطينية، لكن قوات البلغار هاجمتهم وقتلت حوالي 30 ألف جندي قبل أن يتمكنوا من الصعود على متن السفن. وطاردت البحرية البيزنطية البحرية الأموية ودمرت العديد من السفن. فكانت خسارة ضخمة.
يظهر مما سبق التشابه الواضح بين حصار القسطنطينية ومعركة بلاك ووتر في مسلسل صراع العروش. بدءًا بأسلوب القتال والتحوّل المصيري الناتج عنها وانتهاءًا بالسلاح الحاسم المستخدم في كلا المعركتين.
المصادر:
1- How did the Second Arab Siege of Constantinople 717-718, change world history – DailyHistory.org
2 – Greek fire | weaponry | Britannica
3- Battle of the Blackwater | Game of Thrones Wiki | Fandom
عندما يتعلق الأمر بحماية بشرتنا من التأثيرات القاسية لأشعة الشمس، فإن استخدام واقي الشمس أمر…
اكتشف فريق من علماء الآثار 13 مومياء قديمة. وتتميز هذه المومياوات بألسنة وأظافر ذهبية،وتم العثور…
ركز العلماء على الخرسانة الرومانية القديمة كمصدر غير متوقع للإلهام في سعيهم لإنشاء منازل صالحة…
من المعروف أن الجاذبية الصغرى تغير العضلات والعظام وجهاز المناعة والإدراك، ولكن لا يُعرف سوى…
الويب 3.0، الذي يشار إليه غالبًا باسم "الويب اللامركزي"، هو الإصدار التالي للإنترنت. وهو يقوم…
لطالما فتنت المستعرات العظمى علماء الفلك بانفجاراتها القوية التي تضيء الكون. ولكن ما الذي يسبب…