طب

علماء يوظفون التحرير الجيني لعلاج داء الورم الحبيبي المزمن

في جهد تعاوني رائد بين المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIAID) ومستشفى ماساتشوستس العام (MGH)، حقق العلماء تقدمًا كبيرًا في تصحيح الطفرات المسببة للأمراض في الخلايا الجذعية للمرضى الذين يعانون من داء الورم الحبيبي المزمن المرتبط بالكروموسوم (X) (X-CGD).

توضح الدراسة المنشورة في (Science Translational Medicine) استخدام تقنيات تحرير الجينوم الدقيقة، والتي تسمى محررات قاعدة الأدينين (adenine base editor) لتصحيح الطفرات في جين (CYBB) المسؤول عن (X-CGD). ومن خلال تحرير الجينوم بدقة، يهدف الباحثون إلى تطوير علاج آمن وفعال لهذه الحالة المنهكة.

الواقع المدمر لداء الورم الحبيبي المزمن المرتبط بالكروموسوم (X)

داء الورم الحبيبي المزمن المرتبط بالكروموسوم (X) (X-CGD)، وهو اضطراب وراثي نادر يجعل الجسم عرضة حتى لأكثر أنواع العدوى العادية. غالبًا ما يعاني مرضى داء الورم الحبيبي المزمن من التهابات متكررة ومفرطة وأمراض الأمعاء الالتهابية (inflammatory bowel disease). هذا قد يسبب ضررًا لا يمكن إصلاحه لأجسامهم

إن معدل الوفيات مرتفع، حيث يستسلم العديد من المرضى للعدوى أو المضاعفات ذات الصلة قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ. كما أن ندرة خيارات العلاج وعدم وجود علاج دائم جعل من داء الورم الحبيبي المزمن مصدر قلق كبير للأطباء والأسر المتضررة من المرض.

تحرير الجينوم باستخدام محررات قاعدة الأدينين

لفهم الموضوع، دعونا ننظر في اللبنات الأساسية للشفرة الوراثية. لدينا قواعد النيوكليوتيدات الأربعة الأدينين (A)، والجوانين (G)، والسيتوزين (C)، والثايمين (T). ومحررات قواعد الأدينين هي إنزيمات يمكنها تحويل إحدى هذه القواعد بدقة، الأدينين، إلى قاعدة أخرى تسمى إينوسين. والتي تُقرأ بعد ذلك على أنها جوانين أثناء تكرار الحمض النووي. وهذا يسمح للباحثين بإجراء تغييرات دقيقة على الشفرة الوراثية، و”تحرير” الجينوم بشكل فعال.

في الدراسة، استخدم الباحثون محررات قاعدة الأدينين لتصحيح الطفرات في جين (CYBB)، المسؤول عن الخلايا المناعية المعيبة التي تظهر لدى مرضى (X-CGD). لقد عالجوا الخلايا الجذعية المكونة للدم والخلايا السلفية (Progenitor cells) من مريضين لديهما طفرات مختلفة مسببة لـ (X-CGD) باستخدام العديد من محررات قاعدة الأدينين المختلفة.

الخلايا السلفية هي خلايا جذعية موجودة في نخاع العظام يمكنها تجديد نفسها والتمايز إلى خلايا دم ناضجة. وكانت النتائج مثيرة للإعجاب، حيث كان النهج فعالًا للغاية، لقد كانت كفاءته أعلى بأكثر من 3.5 مرة من الأساليب السابقة ومع الحد الأدنى من التأثيرات غير المرغوبة.

نتائج أفضل

وأشار العلماء إلى أن محرري قواعد الأدينين قد يتغلبون على العديد من التحديات المرتبطة بأساليب العلاج الجيني الأخرى لأن العلاج تتحمله الخلايا بشكل أفضل مقارنة بالأساليب القائمة على نوكلياز البروتين المرتبط بكريسبر 9 (Cas9 nuclease-based approache). كما يقوم محررو قاعدة الأدينين بإجراء تغييرات دقيقة على التسلسل الجينومي الأصلي، مما يقلل من مخاطر العواقب غير المرغوب فيها

إن محرري القواعد يقومون بتصحيح التسلسل الجينومي الأصلي دون إدخال مادة وراثية جديدة بشكل دائم إلى الخلايا. وبفضل إنزيمات (CRISPR-Cas9) شديدة المرونة، يمكنهم الوصول إلى عدد أوسع من المواقع المستهدفة وبالتالي يمكنهم من حيث المبدأ تصحيح العديد من الطفرات الجينية المختلفة.

Related Post

مستقبل مشرق

إن التقدم في تصحيح الطفرات الجينية بدقة باستخدام محررات قاعدة الأدينين يحمل وعدًا هائلاً ليس فقط لعلاج داء الورم الحبيبي المزمن، ولكن أيضًا لمجموعة واسعة من الاضطرابات الوراثية. حيث يمكن علاج المرضى وتخفيف الخوف من نقل الطفرات الجينية إلى الأجيال القادمة.

تطبيقات هذه التكنولوجيا واسعة ومتنوعة. على سبيل المثال، يمكن استخدام محررات القواعد لتصحيح الطفرات التي تسبب فقر الدم المنجلي، وضمور العضلات، وحتى أنواع معينة من السرطان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استكشاف هذا النهج لعلاج الاضطرابات الوراثية التي تؤثر على الجهاز المناعي، مثل عوز المناعة المشترك الشديد (SCID).

علاوة على ذلك، فإن هذه التكنولوجيا لديها القدرة على إحداث ثورة في مجال العلاج الجيني، والذي أعاقته مخاوف تتعلق بالسلامة وفعاليته المحدودة. باستخدام محرري القواعد، يتم تقليل خطر التأثيرات غير المستهدفة بشكل كبير، كما يتم تحسين دقة تصحيح الجينات بشكل كبير.

المصادر

Gene editing approach paves the way to first-in-human clinical trial for rare genetic disease | eurekalert

High-fidelity PAMless base editing of hematopoietic stem cells to treat chronic granulomatous disease | Science Translational Medicine

أخبار علمية

Share
Published by
أخبار علمية

Recent Posts

تقنية مفاتيح المرور تزيح كلمات المرور عن عرشها!

اكتسبت تقنية "مفاتيح المرور" (Passkey) زخمًا على مدار العامين الماضيين، حيث طورها اتحاد صناعة التكنولوجيا…

ساعة واحدة ago

كيف يتعاون الوعي واللاوعي معًا في إدارة العقل؟

أثار السؤال القديم حول ما إذا كان وعينا متفرجًا سلبيًا أم مشاركًا نشطًا في تشكيل…

ساعة واحدة ago

جنسك يحدد طريقة تسكين الألم!

توصل الباحثون في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا سان دييغو إلى اكتشاف رائد يمكن أن يحدث…

ساعتين ago

فاطمة الفهرية، مؤسسة أول جامعة في العالم

تُعتبر فاطمة الفهرية واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في التاريخ الإسلامي، حيث أسست جامعة القرويين في عام 859 ميلادية، والتي تُعد أقدم…

7 ساعات ago

أول تمثيل لنواة ذرية مكونة من الكواركات والغلونات!

لقد كانت النواة الذرية، وهي قلب الذرة، موضع اهتمام العلماء لفترة طويلة. تتكون النواة من…

يوم واحد ago

كيف استكشف الفلاسفة الحدود بين المعرفة والتجربة في غرفة ماري؟

في عام 1982، قدم الفيلسوف فرانك جاكسون تجربة فكرية مثيرة عرفت باسم "غرفة ماري"، والتي…

يوم واحد ago